وزير التربية البحريني لـ «الشرق الأوسط»: لن نسمح بتسييس السلك التعليمي

د. ماجد النعيمي قال أن تأجيج الطائفية أحدث شرخا في مدارس البحرين.. وبعض المعلمين شجعوا على نقل طلاب المدارس بشاحنات لمواقع المظاهرات

TT

عكس اليوم الأول للعودة إلى المدارس بمراحل الصفوف الأولية في البحرين، أمس، تفاؤلا كبيرا في الأوساط البحرينية بالحضور الذي وصف بالجيد في أغلب مدارس البحرين، وتفاوت الحضور بين الطلاب والمعلمين بين 50 و100 في المائة في أغلب محافظات البحرين.

غير أن مدارس التعليم العام في البحرين تعرضت لما يمكن اعتباره أخطر ما يمكن أن يتعرض له ميدان تربوي، بعد الانقسامات التي شهدتها هذه المدارس، والمشادات التي بلغت حد المواجهات بين طلاب وطالبات صغار السن، بسبب الأحداث السياسية التي شهدتها البلاد، وهو ما تسبب في قرار بإغلاق المدارس بعد هذا التوتر الذي شهدته.

وزير التربية والتعليم في البحرين الدكتور ماجد النعيمي أكد في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الوزارة لن تقف مكتوفة الأيدي، في حالة إضراب بعض المعلمين عن العودة إلى المدارس، كما تم سابقا، مشيرا إلى فكرة الاستعانة بالمتطوعين الذي وصل عددهم إلى نحو 6 آلاف شخص، وتمكنوا من سد النقص خلال إضراب المعلمين. كما أشار أيضا إلى أنه من ضمن الخيارات المستقبلية، الاستعانة بمعملين من السعودية ودول الخليج «متى ما دعت الحاجة». موضحا أن الوزارة فضلت العودة إلى المدارس تدريجيا بهدف الخروج من الأزمة التي تعرضت لها بلاده، وانعكست سلبياتها على القطاع التعليمي بمختلف مراحله.

* ما تأثيرات الأحداث الأخيرة على قطاع التعليم في البحرين بشكل عام؟

- دعني في البداية أؤكد لك أن التعليم هو خيارنا التنموي، كما أن الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين أعطيت اهتماما ودورا كبيرا في مسيرتنا التنموية والتعليمية منذ أن أنشئت أول مدرسة حكومية للبنين عام 1919 وللبنات عام 1928، وتشهد البحرين نهضة تعليمية من خلال تطبيق مشروع تطوير التعليم وهو ما دفع بنا في التقارير العالمية وتقارير منظمة اليونسكو عن التعليم التي جعلت البحرين في المقدمة للعام الثالث على التوالي، ولكن للأسف انعكست هذه الأحداث السياسية في البحرين على واقع التعليم، خاصة أنه في ظل تبني جمعية المعلمين مواقف سياسية أحدثت انقلابا تاما، خاصة أنها أصبحت فرعا أصيلا لجمعية سياسية وكل أعضائها ونقلت دورها بموجب الترخيص التي صدر من وزارة التنمية الاجتماعية الذي سمح لها بأن تكون جمعية من الجانب المهني، ولكن لم يعط لها الحق السياسي أن تنقلب إلى نقابة أو جمعية سياسية، بل العكس، بدلا من أن تتعاون مع وزارة التربية والتعليم دعت إلى إضراب يشمل المدارس والجامعات الحكومية والخاصة والعامة ورياض الأطفال وهذا خارج مسؤوليتها التامة. والأخطر من ذلك، أنهم ينادون أولياء الأمور بعدم السماح لأبنائهم بالذهاب للمدارس، وتطلب من المعلمين أن يتخلوا عن جانب إنساني عظيم وهو حق تقديم التعليم للأطفال، وتصور أن جمعية المعلمين تمنع المعلمين من التعليم، وهذا تناقض كبير، في حين أن هذه الجمعية لم تعلق الإضراب الذي أعلنته؛ بل تفتخر بأنها أسهمت في شل المدارس.

* وما موقف الوزارة من جمعية المعلمين بعد مواقفها هذه؟

- أولا، موقف الوزارة واضح وصريح تجاه من يتسبب في إيقاف وحرمان أبنائنا جميعا من التعليم، لأن هؤلاء الأبناء هم عماد المستقبل، إضافة إلى التصدي لظاهرة محاولة بعض المعلمين منع الطلاب من دخول المدارس بعد أن يقوم أولياء أمورهم بتوصيلهم إلى المدرسة، ويشجعونهم على نقلهم في شاحنات إلى أماكن المظاهرات دون علم أولياء أمورهم، ناهيك بامتناع كثير من المعلمين عن التعليم في المعاهد ومدارس ذوي الاحتياجات الخاصة والطلبة المكفوفين ومن هم في حاجة إلى رعاية. وفي ما يتعلق بالجمعية، فقد قامت بمخالفات، وبدورنا، خاطبنا وزارة الشؤون الاجتماعية للنظر في التصريح الذي حصلت عليه الجمعية، وانحرفت عن مهامها ودورها التربوي، كما سنرفع شكوى ضدها إلى النيابة العامة، في حين أن كل من امتنع عن التدريس ومن شاركهم من موظفين في وزارة التربية والتعليم سوف يخضعون للجزاء والعقوبات التي قد تصل إلى الفصل من التعليم، لأنه لا يمكن أن نساوي بين شخص يأتي للتعليم كي يعلم، وشخص يأتي كي يمنع الطلاب من العلم. ولم نكن نتمنى أن تصل الأمور إلى هذه الحال، كي نكمل مسيرة البرامج التطويرية التي هي عبارة عن أكثر من 17 برنامج تطوير للمدارس، ولكن هناك من يريد أن يوقف عجلة التطوير.

* ألم تكن لدى الوزارة كمؤسسة تربوية خطط مسبقة لمواجهة مثل هذا التطرف لتفادي هذه الأحداث؟

- نحن عملنا على منحيين؛ أولهما العمل بالمادة السابعة من الدستور التي تنص على موضوع التربية الوطنية، وإدخال مواد في المنهج؛ مادة تتعلق بالمواطنة والمهارات الحياتية وغرس مفاهيم احترام الرأي والرأي الآخر، ولكن هذه الخطط تصدم أحيانا بوجود معلمين هدفهم زرع الفتنة الطائفية وهذا ما أحدث شرخا في المجتمع، ونزع الثقة المتبادلة حتى بين أطفالنا الذي يجتمعون في مدرسة وفصل واحد.

* مع عودة المدارس.. هل هناك برامج معينة لاستقبال الطلاب لإخراجهم من الوضع النفسي المشحون الذي كانوا عليه، وخلق الألفة بينهما؟

- بالتأكيد نضع هذه الأمور في الاعتبار، وهناك برامج إرشادية وجهود كبيرة تقوم بها الوزارة لحث المدارس والمعلمين على مراعاة هذه النواحي، بما يصب في مصلحة أبنائنا الطلاب جميعا. وأتوقع أن تسير الدراسة بالطريقة الصحيحة، وهناك برامج تشجيعية.

* هل تعتقدون مواصلة بعض المدرسين إضرابهم عن العمل في المدارس؟

- في الواقع، ديوان الخدمة المدنية أعلن عن اتخاذ عقوبات مشددة ضد أي موظف يتخلف عن عمله في القطاع الحكومي، ونحن نتطلع إلى أن يعود الجميع لأعمالهم.

* وهل في حالة الإضراب لديكم خطط بديلة؟

- نعم هناك خطط بديلة، خاصة أن لنا تجربة قريبة، على خلفية إضراب أكثر من 6 آلاف معلم وكثير من العاملين في الوزارة، الأمر الذي كاد يشل حركة التعليم، ولكن سارع أبناء البحرين الأوفياء للتطوع كل في مجاله، ووصل عدد المتطوعين إلى نحو 6 آلاف متطوع ومتطوعة. ونحن نتمنى كوزارة تربية أن يرجع جو البيئة المدرسية، والمعلم سيبقى دوره كبيرا في إنجاح عملية التعليم وخلق جيل متسامح يؤمن بحقوق الآخر، وندعو الإخوة المعلمين إلى العمل على وضع حد لهذا التمترس الطائفي. وأعتقد أنه لو تطورت الأمور واستمر الإضراب، فلن تتوان دول الخليج وفي مقدمتها السعودية عن دعم وزارة التربية والتعليم في البحرين لتغطية جانب من النقص في المعلمين، لأن تعليم أبنائنا خط أحمر ولن تتوقف المسيرة التعليمية مهما كانت الظروف وذلك للحفاظ على مستقبل أبنائنا.

* وما الخطوات التي تتخذها الوزارة لتجاوز الحالة النفسية للطلاب؟

- هذا جانب مهم، والحقيقية أننا شرعنا في إقامة ندوات وورش عمل بمشاركة تربويين ومثقفين وسياسيين بإشراك أولياء الأمور لغرس روح التعاون والوصول إلى الأهداف المرجوة لتجاوز هذه الأحداث بما ينعكس على الوطن وأبنائه بالخير. وهناك جانب آخر يجب إدراكه وهو أن الفصل الثاني قصير جدا في البحرين، وليس لدينا وقت كي نعيد الدروس أو نؤخر جدول الامتحانات خصوصا في الثانوية، لأننا مرتبطون بجامعات، لذلك، ومن يريد أن يتعلم، فالأبواب مفتوحة أمامه.

* لكن ما الحلول أيضا لنزع فتيل أزمة عدم الثقة بين الطلاب أنفسهم؟

- نحن مؤسسة تربوية في المقام الأول، وهناك كما قلت لك برامج تهدف إلى مشاركة أولياء الأمور كشركاء أساسيين، وهناك حاجة إلى دعمهم في ما من شأنه مصلحة الطالب، وتشجيع أولياء الأمور ليتحملوا مسؤولياتهم والمشاركة في وضع الحلول، وأيضا نسعى من خلالها لمعالجة الشرخ الطائفي الذي نشأ من خلال تسييس بعض المعلمين للمدارس.

ولدينا اختصاصيون نفسيون على مستوى عال، وطلابنا هم الذين سيصنعون المستقبل بروح واحدة، ونحن نركز على الإرشاد النفسي، وخلال الأسبوعين المقبلين سنعمل على علاج هذا الجانب لأنه يخص المجتمع، والدولة لن تتوانى عن دعم هذا الجانب، بعد أن انتقلت الروح الطائفية وللأسف إلى المدارس، ونقلها من أراد أن يسيس المدارس لأغراض سياسية، وأنا أقصد من خرج عن القانون فقط.

* هل هناك خطط لدمج مدارس في حالة غياب نسبة كبيرة من الطلاب والمعملين؟

- لدينا مثل هذه الخطط، ولكن نحن نأمل أن لا نلجأ لها وأن تسير الأمور إلى الأفضل، وأحب أن أطمئنك بأن مجلس التعاون شعب واحد وليس هناك حدود بين القلوب، ولدينا أكثر من مائة معلم سعودي وكانوا خير من يمثل التعليم في السعودية ويعاملون الطلاب كأبنائهم، والكتاب الذي يدرسه الطالب في البحرين، هو الكتاب نفسه الذي يدرسه الطلاب في مناطق السعودية، لأننا اشترينا أحدث سلسلة تعليمية بالشراء المشترك مع السعودية، وطبقناها منذ سنتين، وهذا يشكل وحدة المصير المشترك.

* هل المنهج واحد بالنسبة للسنة والشيعة في البحرين؟

- المنهج واحد، ولكن فرق في المواد التخصصية في الجانب الديني، أما باقي المنهج فهو موحد.