المرجع الشيعي اليعقوبي: كثير من السياسيين لن يتحركوا إذا لم تتهدد مصالحهم

شبه من يحكم العراق بـ«إبليس» الذي جاء معه الدمار والإرهاب والفساد

TT

قال المرجع الشيعي آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي إن «فرص التغيير في العراق كانت قائمة ومتاحة وذلك عبر صناديق الاقتراع، ولكن الفرصة مرت دون تغيير يذكر، وأعيدت الشخصيات نفسها إلى الواجهة، والآن تخرج المظاهرات مطالبة بالتغيير، ومكافحة الفساد، وتحسين الخدمات، والقضاء على البطالة، وكأن هذه الأمور حالة جديدة لم يمض عليها عدة سنوات، وكأنها لم تكن مستشرية في جسد الدولة»، مشيرا إلى أن العراقيين «فوتوا على أنفسهم فرصة التغيير بواسطة صناديق الاقتراع».

جاء ذلك في بيان تسلمته «الشرق الأوسط» من مكتب مرجعية اليعقوبي في النجف أمس، أشار إلى أن «المرجع تحدث مع وفد من طلبة جامعة الصدر الدينية فرع العمارة (جنوب العراق) وجمع من طلبة كلية القانون جامعة بابل (وسط)، زاروا مكتبه» في النجف. ونقل عن الشيخ اليعقوبي قوله: «على الرغم من الملابسات التي رافقت العملية الانتخابية، فإنهم، الناخبين، أعادوا انتخاب المفسدين مجددا وأعادوا تسليطهم على رقابهم وحكموهم في مصائرهم، فالمظاهرات جاءت متأخرة جدا ولكن مجيئها متأخرا خير من عدمه».

وانتقد اليعقوبي تعطيل عمل البرلمان لعشرة أيام، لمناصرته مظاهرات البحرين، وقال: «لقد نبهنا الناس منذ عدة سنين إلى هذا الخلل الكبير ودعونا الناس إلى رفض هذا الواقع الفاسد والخروج عليه، ولم نجد استجابة منهم، وقلنا لهم إن الكثير من السياسيين لن يتحركوا إذا لم تتهدد مصالحهم وتحترق الأرض تحت أقدامهم، لأنهم غير منتمين إليكم وإنما هم منتمون إلى الدول التي كانوا يعيشون فيها، وها هم اليوم يعطلون عمل البرلمان ولم ينظروا لكم، بدعوى التضامن مع البحرين»، وتساءل قائلا: «وهل يحتاج التضامن مع البحرين إلى تعطيل البرلمان، والبلد بهذه (الحالة المزرية) ويحتاج إلى مزيد من القوانين والتشريعات لتنقذه من محنته؟».

وأشاد آية الله اليعقوبي «بالشجاعة وقوة الإرادة والثبات التي تحلت بها بعض الشعوب المنتفضة مثل اليمن التي قتل منها يوم الجمعة (52) مواطنا وأصيب المئات منهم، والشعب الليبي الذي قدم الكثير من الضحايا على طريق الثورة أمام صمت غير مستغرب من المجتمع الدولي الذي لا يعرف شيئا من الإنسانية أو حقوق الإنسان سوى ما يتعلق ويصب في مصلحته»، محذرا «من الوقوع في خطر الاتكال على الدعم الغربي الموهوم، وهو ما ارتكبه الثوار الليبيون الذين تراخوا في الأيام الأخيرة اعتمادا على الوعود الزائفة، مما أعطى الوقت الكافي لنظام القذافي لضربهم والبطش بهم»، معتبرا ذلك مشابها لما حدث في العراق في مارس (آذار) 1991 أيام الانتفاضة الشعبانية «حيث أعطيت الفرصة الكاملة لصدام للقضاء على الانتفاضة وذبح الشعب العراقي، لكي يلجأ لهم الشعب بعد ذلك ويطلب منهم الخلاص من صدام، حتى لو تطلب الأمر أن يحكم إبليس بدلا عنه، وفعلا.. جاء (إبليس) وجاء معه الدمار والإرهاب وجاء معه الفساد مقابل وعود لم يتحقق شيء منها».

من جانبه، قال باسم الحسني، عضو سابق في مجلس النواب العراقي ومن مرجعية آية الله اليعقوبي، إن «الفساد مستشر في حكومة المالكي، وهذه هي الدورة الانتخابية الثانية له، ولم يتم اجتثاثه (الفساد) ولا يزال هناك فساد، فالعراق تسلسله ثالث بين دول العالم التي تعاني من الفساد»، مشيرا إلى أن «التغيير يجب أن يحصل في الوضع العراقي، ولكننا لا نتوقع أن يكون سريعا». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مدينة النجف أمس حول تأثير المظاهرات التي تخرج في عدة مدن عراقية، بينها بغداد، أن «الأيام المقبلة كفيلة بهذا الأمر، وهي مرهونة بما وعد به رئيس الوزراء نوري المالكي من إحداث إصلاحات خلال مائة يوم، وإذا لم تحصل هذه الإصلاحات فإنه سيكون للمظاهرات تأثيرها الفعال»، منبها إلى أن «العراقيين سئموا الفساد والظلم، والعراق هو جزء من المنظومة الدولية الخاضعة للتغيير؛ بل إن الأوضاع هنا مرشحة أكثر من غيرها للتغيير إذا طبقنا النظم الديمقراطية الصحيحة».