رحيل أول رئيس للبرلمان الكردستاني

بارزاني ينعى جوهر نامق: كان رجل المراحل الصعبة

جوهر نامق («الشرق الأوسط»)
TT

توفي جوهر نامق سالم، أول رئيس للبرلمان الكردستاني، أمس، في أحد المستشفيات السويدية، عن عمر يناهز الخامسة والستين بعد صراع مع المرض. وكان نامق قد تدهورت صحته مؤخرا بسبب المرض الذي داهمه منذ فترة، مما أدى به إلى السفر للسويد لتلقي العلاج، ولكن القدر لم يمهله فتوفي هناك، أمس، ويستعد أفراد عائلته لترتيب إجراءات نقل جثمانه إلى كردستان في غضون الأيام القليلة المقبلة.

وجوهر نامق هو من مواليد عام 1946 في قرية «برلوته» التابعة لقضاء كلار بمحافظة السليمانية، أكمل دراساته الابتدائية والثانوية والإعدادية في مدارس كردستان ثم التحق بجامعة المستنصرية ببغداد وحصل منها على شهادة البكالوريوس في العلوم الاقتصادية.

وانضم نامق في مقتبل شبابه إلى «ثورة أيلول» التي قادها الزعيم الكردي الملا مصطفى بارزاني، والد رئيس الإقليم الحالي مسعود بارزاني، وبقي مقاتلا فيها إلى حين انهيار الثورة عام 1975 جراء توقيع اتفاقية الجزائر بين العراق ونظام الشاه في إيران، التي أوقف الشاه بموجبها جميع أشكال الدعم اللوجيستي والمعنوي للثورة الكردية. وبعد انهيار الثورة ظل نامق وعدد قليل من كوادر وقيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني مقيمين في إيران رافضين الاستسلام للنظام العراقي بانتظار أن تحين الفرصة لإعلان الثورة مجددا. وهكذا شكل مع جمع من رفاقه القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني التي كانت طرفا في إعلان الثورة الجديدة بجبال كردستان، وكان نامق أحد أهم القيادات العسكرية الميدانية في بدايات تلك الثورة.

انتخب نامق في المؤتمر العاشر المنعقد بجبال كردستان عام 1989 عضوا في المكتب السياسي للحزب، وبعد نجاح الانتفاضة الكردية عام 1991 عين مسؤولا عن الجبهة الكردستانية التي قادت الانتفاضة بحدود محافظة كركوك.

وإثر سحب النظام العراقي السابق لإدارات الحكومة من إقليم كردستان وحدوث الفراغ السياسي والإداري في الإقليم، جرت أول انتخابات برلمانية حرة في تاريخ الشعب الكردي باقتراح من الزعيم الكردي مسعود بارزاني في 19 مايو (أيار) عام 1992 وتنافس فيها الحزبان الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني بزعامة جلال طالباني، وأسفرت نتائجها عن تقارب كبير في نسب المقاعد التي حصل عليها الحزبان، فتم الاتفاق بينهما على تقاسم السلطة مناصفة، وهكذا عين القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني الدكتور فؤاد معصوم كأول رئيس للوزراء في إقليم كردستان، ورشح جوهر نامق كأول رئيس للبرلمان الكردستاني عن الحزب الديمقراطي، وشهدت فترة ولايته إصدار الكثير من القوانين وتعديلاتها والقرارات البرلمانية التي صدرت بهدف إلغاء القوانين الجائرة التي أصدرها النظام السابق في سنوات حكمه لكردستان، من أهمها صدور القرار البرلماني بإعلان الفيدرالية لكردستان في 4/10/1992، ورفع الرقابة عن الإعلام بصدور قانون المطبوعات في كردستان.

انتخب نامق سكرتيرا للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب بارزاني) في المؤتمر الحادي عشر المنعقد عام 1999، وظل في هذا المنصب إلى حين تقديم استقالته من الحزب ومن ثم اعتزاله للعمل السياسي.

ولم يحل اعتزال نامق السياسة دون تصريف جهوده نحو البحوث والدراسات والمشاركة في الحراك الثقافي والمدني، وكان يشارك في الكثير من المناسبات ويدلي خلال اللقاءات الصحافية بآرائه حول أوضاع الإقليم السياسية والإدارية ولم يتوان عن توجيه الانتقادات في بعض الأحيان لأداء السلطة بالإقليم. رحل نامق وترك وراءه ابنين وبنتا.

ومع وصول نبأ وفاته أصدر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بيانا نعى فيه نامق، وجاء فيه «نعزي أنفسنا وأسرة الراحل الكبير وجميع أبناء كردستان برحيل أحد الأبناء الأوفياء لهذا الوطن، الذي كرس جل حياته من أجل تحقيق أماني شعبه في الديمقراطية وحق تقرير المصير».

ووجه مسعود بارزاني برقية تعزية إلى أسرة الفقيد أعرب فيها عن حزنه العميق لرحيل نامق، الذي وصفه بأنه «أخ عزيز» ورفيقه في دروب النضال، جمعهما خندق واحد، وكان محل تقديره ورفاقه بالحزب. وأشار بارزاني إلى «أن دور نامق في القيادة المؤقتة للحزب لا يمكن نسيانه، فقد كان رجل المراحل الصعبة، ولذلك فإن فقده لا يشكل خسارة لي فحسب بل لجميع أبناء شعب كردستان». ووجه المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني برقية مماثلة إلى أسرة الفقيد تعزيها بوفاته.