اليابان: تمدد النشاط الإشعاعي وقطاع السمك الأكثر تضررا

الوكالة الدولية للطاقة «قلقة» لنقص معلومات حول محطة فوكوشيما

TT

ازدادت المخاوف من تلوث نووي، أمس، في اليابان حيث ما زالت السلطات عاجزة عن إزالة التهديد عن محطة فوكوشيما للطاقة النووية، التي تثير انبعاثاتها المخاوف من تلوث الأغذية البحرية المصدر. وطلبت وزارة الصحة من محافظتي شيبا وايباراكي، شرق طوكيو، تكثيف مراقبة نوعية الأسماك والرخويات التي يتم صيدها على السواحل.

وسجلت نسب يود 131 وسيزيوم 134 أكبر بـ126.7 ضعف و24.8 ضعف على التوالي من المعايير المقبولة التي حددتها الحكومة، في مياه البحر قرب فوكوشيما على بعد 250 كلم من مدينة طوكيو التي تضم 35 مليون نسمة. كما فاقت نسبة السيزيوم 137 المسجلة المعيار المقبول بـ16.5 ضعف بحسب شركة طوكيو إلكتريك باور (تيبكو) التي تشغل المحطة، مؤكدة أن نسب الإشعاع هذه لا تشكل خطرا على الصحة البشرية. وأشار مسؤول في قطاع الصيد في مقاطعة فوكوشيما إلى أن أنشطة الصيد لم تستأنف بعد في المنطقة، لأن السفن والمرافئ دمرها التسونامي الضخم الذي نجم عن زلزال بقوة 9 درجات. وقال شونجي سوزوكي «إن الصيادين لن يستأنفوا العمل إلا عندما نكون قد تحققنا من مستوى الإشعاعات في منتجات البحر». وبحسب وكالة «جيجي» اليابانية للأنباء، فإن وزارة العلوم أعلنت أنها ستقوم اعتبارا من اليوم (الأربعاء) باختبارات في البحر في 8 مواضع مختلفة وعلى بعد 30 كلم من سواحل فوكوشيما.

وأدت الكارثة المزدوجة التي اعتبرت الأسوأ في تاريخ البلاد منذ الحرب العالمية الثانية إلى 22 ألف قتيل ومفقود من بينهم 9079 وفاة مؤكدة في آخر حصيلة مؤقتة.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، إنها قلقة لعدم تلقيها بعض المعلومات من اليابان بشأن محطتها النووية المعطوبة، وقالت إن الوضع بشكل عام لا يزال «خطيرا جدا». وقال غراهام أندرو وهو مسؤول كبير بالوكالة خلال مؤتمر صحافي في فيينا: «لم نتلق معلومات موثقة لبعض الوقت متعلقة بسلامة احتواء الوحدة 1. لذلك نحن قلقون لعدم معرفة الوضع بالضبط». وأضاف أن الوكالة تحتاج أيضا إلى معلومات عن درجات حرارة أحواض الوقود المستنفد بالمفاعلات رقم 1 و3 و4 رغم أن اليابان تبلغ الوكالة بتطورات أخرى.

ولتجنب أي انبعاث مشع جديد استؤنفت الأعمال، أمس، لمحاولة إعادة تشغيل أنظمة تبريد المفاعلات. وهذه الجهود الجارية منذ الأحداث الأولى التي وقعت في 12 مارس (آذار) الحالي، والتي تعرض عمال الإطفاء والتقنيين لكميات كبيرة من الإشعاعات، تعرقلت أول من أمس نتيجة انبعاث دخان مريب من المفاعلين 2 و3. وأصيبت محطة فوكوشيما داييشي (رقم 1) الواقعة على بعد 250 كلم شمال شرقي طوكيو بأضرار جسيمة بفعل الزلزال الضخم الذي بلغت قوته 9 درجات وأعقبته موجة تسونامي بارتفاع 14 مترا. وكانت شركة «تيبكو» قدرت ارتفاع التسونامي بعشرة أمتار. إلا أن «تيبكو» أشارت إلى أن أعمال تبريد المفاعلات بواسطة خراطيم المياه لم تستأنف حتى ظهر أمس.

وبدأ التقنيون باستخدام شاحنة ألمانية مجهزة بمضخة إسمنت متحركة لرش المياه على سطح المفاعل 4 المتضرر. كما جرى أمس نقل شاحنة مجهزة بذراع متحركة ضخمة من الصين إلى اليابان حيث ستستخدم في فوكوشيما لرش المياه على المنشآت. وتستخدم الشاحنة بالعادة لصب الإسمنت في طوابق مبان مرتفعة، وقد يصل ارتفاعها إلى 62 مترا بحسب صانعتها شركة «ساني» الصينية المتخصصة في آليات ورش البناء الثقيلة.

والمفاعل 3 الذي أصيب بأكبر قدر من الأضرار هو أكثر المفاعلات الستة إثارة للقلق لدى السلطات. ويحتوي ضمن ما يحتويه على مادة «إم أو إكس» وهو مزيج من أكسيد البلوتونيوم واليورانيوم الذي ينتج عن إعادة التدوير والذي تعتبر انبعاثاته أكثر ضررا من الوقود المكون من اليورانيوم.

وتقدم نائب رئيس «تيبكو» نوريو تسوزومي أمام الصحافيين باعتذار أمس للسكان الذين اضطروا إلى إخلاء المناطق المحيطة بمحطة فوكوشيما بسبب الإشعاعات. وقال: «أعتذر بصدق، شركتنا تسببت بالقلق والإزعاج للسكان في محيط المحطات وفي مقاطعة فوكوشيما وفي البلاد برمتها».

وتكرر الهيئات العامة المختلفة أن مستوى النشاط الإشعاعي الذي تم تخزينه في مياه الأمطار ومياه الصنابير أو في بعض الأغذية حول المفاعلات المتضررة بفعل الكارثة لا يشكل تهديدا للصحة. غير أن الحكومة اتخذت قرارا بمنع السبانخ والكاكينا وهي نبتة يابانية ذات أوراق خضراء تزرع في أربع محافظات قريبة من المحطة النووية (ايباراكي، توشيغي، غونما وفوكوشيما)، وكذلك الحليب المنتج في فوكوشيما.

يشار إلى أن اليابان تستورد الغذاء لكنها تصدر كميات كبيرة من الفاكهة والخضراوات ومنتجات الألبان والأطعمة البحرية إلى أكبر أسواقها في هونغ كونغ والصين والولايات المتحدة. وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الصين ستراقب الأغذية المستوردة من اليابان، مشيرة إلى هيئة مراقبة الجودة بالبلاد. كما فعلت بالمثل كوريا الجنوبية. بينما قالت هيئة رقابية في أستراليا إن مستويات الخطر لا تستحق الانتباه وإنها لم تفرض أي قيود إضافية على الواردات الغذائية من اليابان.