أجواء الحرب تخيم على غزة بعد مقتل 9 فلسطينيين.. وقادة حماس ينزلون تحت الأرض

القطاع يعلن الحداد وهنية يطالب المجتمع الدولي بحماية المدنيين

TT

في ظل أجواء تشبه إلى حد كبير الأجواء التي سبقت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة أواخر عام 2008، نزل معظم قادة حركة حماس إلى الأرض، في مؤشر على الجدية التي تتعامل بها الحركة مع التهديدات التي انطلقت من صفوف الحكومة والمعارضة في إسرائيل باستغلال الأوضاع العربية الحالية للانقضاض على غزة.

وفي الوقت الذي أعلن فيه الحداد العام في القطاع على أرواح الفلسطينيين التسعة الذين قتلوا أول من أمس في عمليات قصف مدفعي إسرائيلي عشوائي استهدف الأحياء الشرقية من مدينة غزة، دعا رئيس الحكومة المقال إسماعيل هنية مجلس الأمن والمجتمع الدولي بالتدخل لحماية المدنيين الفلسطينيين. وقال هنية: «على مجلس الأمن الذي لم يتوان في إصدار قرارات وتنفيذها بسرعة بشأن ليبيا، أن يفعل الشيء نفسه لحماية الشعب الفلسطيني ومعاقبة الاحتلال». وطالب هنية القيادة المصرية الجديدة إلى فتح معبر رفح وإدخال ما يحتاجه القطاع بما في ذلك مواد الإعمار والبناء ردا على مجازر الاحتلال. وشدد هنية على ضرورة إعادة تفعيل تقرير غولدستون الذي أدان إسرائيل بارتكاب مجازر في القطاع، مطالبا الشعوب العربية الثائرة وضع غزة وفلسطين على سلم أولوياتها.

وكان 9 فلسطينيين من بينهم 3 أطفال ومسن قد قتلوا في 3 عمليات قصف استهدفت الأطراف الشرقية من حيي الشجاعية والزيتون في مدينة غزة. واستهدفت إحدى عمليات القصف سيارة مدنية كان يستقلها 5 من عناصر سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أسفر عن مقتل 4 منهم وإصابة الخامس بجراح خطرة.

واعتبر الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري في مؤتمر صحافي الليلة قبل الماضية بغزة أن «هذه المجزرة تأتي استكمالا للتصعيد الإسرائيلي الذي بدأه الاحتلال يوم الأربعاء الماضي بقتل اثنين من أبناء شعبنا ثم استمر في التصعيد رغم كل النداءات التي وجهت للمجتمع الدولي لوقف هذا التصعيد واستمر هذا التصعيد».

وحملت حركة الجهاد الإسلامي وألوية الناصر صلاح الدين والجبهة الديمقراطية وحركة المقاومة الشعبية في بيانات منفصلة «الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الجريمة وما يترتب عليها من تبعات».

وفي محاولة منه لتخفيف حدة الانتقادات الدولية الموجهة لإسرائيل عقب القصف، قال ناطق بلسان الجيش الإسرائيلي الليلة قبل الماضية إن جيشه يأسف على مقتل مدنيين فلسطينيين بينهم أطفال في قصف استهدف منطقة سكنية بحي الشجاعية شرق مدينة غزة. ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن الناطق قوله إن «الأواسط القيادية قررت فتح تحقيق في هذه الحادثة»، زاعما أن إسرائيل غير معنية بأي تصعيد في غزة.

وبينما اعتبره الفلسطينيون استعدادا لشن عدوان عسكري واسع، تواصل طائرات الاستطلاع الإسرائيلية من دون طيار التحليق على مدار الساعة وعلى مستويات منخفضة في أجواء القطاع. وذكرت مصادر أمنية فلسطينية أن تحليق الطائرات المتواصل يهدف بشكل أساسي إلى جمع المعلومات الاستخبارية التي تمكن القوات الإسرائيلية من تسديد الضربات لأهداف محددة عندما تشرع في عدوانها على القطاع. في هذه الأثناء تواصل المدفعية الإسرائيلية قصف المناطق الزراعية على طول الخط الفاصل بين إسرائيل والقطاع، وهو ما أدى إلى حركة نزوح واضحة للأهالي الذين يقطنون في مناطق التماس إلى عمق المناطق المكتظة بالسكان في المدن ومخيمات اللاجئين.

وردت سرايا القدس، على اغتيال عناصرها الأربعة بإطلاق صواريخ من طراز «غراد» متوسطة المدى على مدن بئر السبع وأسدود وعسقلان. وأدت عمليات القصف إلى إصابة 4 إسرائيليين بجراح طفيفة.

وقرر رئيس بلدية بئر السبع، روبن دانيلوفيتش تعطيل الدراسة أمس جراء تدهور الأوضاع الأمنية. وفي حديث مع الإذاعة الإسرائيلية قال دانيلوفيتش: «سنتخذ قرارات بعد تقييم الوضع، وأبلغت رئيس الوزراء قبل 3 أسابيع بعدم قبولي طريقة الرد على إطلاق الصواريخ من غزة. وقلت له إن الرد الإسرائيلي هزيل والحكومة لا تتحمس للقتال ولكن إذا تفاقمت الأوضاع يجب على الحكومة أن تفعل شيئا لإعادة السلام إلى الجنوب وحتى لو كان ذلك على حساب القيام بعملية عسكرية كبيرة ضد قطاع غزة».

وقال نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية سيلفان شالوم إنه لا مناص من حرب واسعة النطاق على قطاع غزة في حال ظل التصعيد على حاله. وفي تصريحات نقلتها عنه النسخة العبرية لموقع صحيفة «معاريف»، قال شالوم: «إذا لم يتغير الوضع في غزة، لا أجد حلا إلا شن حرب واسعة تكون شبيهة بالرصاص المصبوب».

من ناحيتها اعتبرت صحيفة «هآرتس» أن «حربا صغيرة بدأت الليلة قبل الماضية بالفعل على طول الحدود مع غزة». وفي تقرير كتبه المحللان أفي سيخاروف وعاموس هارئيل جاء: «ما بدأ كتصعيد محلي في هذه المنطقة بدأ يتوسع باضطراد ليتحول إلى صراع على الحدود، يبدو أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي سيواجهان مصاعب حتى يمكن وقفه». وأضافت الصحيفة أن التوتر الحالي بدأ تماما قبل أسبوع عندما أغارت طائرة حرب إسرائيلية على موقع تدريب لحركة حماس في غزة أقيم على أنقاض مستوطنة نتساريم فقتل اثنين من عناصر حماس في هذه الغارة.