اليابان: الإشعاعات تلوث المياه والخوف يمتد إلى بقية دول العالم

25 سفارة تغلق مقارها.. وعدة دول تعلق استيراد المنتجات وتراجع مشاريعها النووية

ياباني يرفع رجليه أثناء قيادته دراجة في منطقة متضررة من التسونامي في مقاطعة مياغي أمس (إ.ب.أ)
TT

منعت طوكيو أمس استخدام المياه في طوكيو للرضع وتسويق منتجات غذائية أخرى ملوثة بالإشعاعات التي تنبعث من محطة فوكوشيما، مما يعزز المخاوف في البلاد ومناطق أخرى في العالم. فبعد 12 يوما على الزلزال، والتسونامي الذي تلاه في شمال شرقي البلاد، وأديا إلى أكثر من 24 ألف قتيل ومفقود من بينهم 9452 قتيلا مؤكدا، ما زالت السلطات اليابانية عاجزة عن استبعاد الخطر النووي.

ومساء أمس، انبعث دخان أسود مثير للقلق لأنه مجهول السبب من المبنى الذي يضم المفاعل 3 في المحطة المتضررة، مما أدى إلى إجلاء عدد من الموظفين، حسبما أعلنت شركة طوكيو إلكتريك باور (تيبكو) المشغلة للمحطة. وأدت هذه الانبعاثات الجديدة التي نقلها التلفزيون الرسمي إلى تفاقم المخاوف من تلوث السلسلة الغذائية. وأعلنت طوكيو أنها رصدت في شبكة مياهها نسبة من اليود المشع تبلغ ضعفي النسبة المقبولة للرضع.

كما نصحت مدينة ثانية هي هيتاشيوتتا الواقعة في محافظة ايباراكي شمال العاصمة بعدم تقديم مياه الصنابير للأطفال الصغار، حسبما أعلن التلفزيون أمس. ومنعت الحكومة أمس بيع منتجات طازجة قد تكون ملوثة بالإشعاعات.

وفي منطقة فوكوشيما حيث تقع المحطة النووية رصد مستوى غير طبيعي من المواد الإشعاعية في الحليب الطازج و11 نوعا من الخضار، وكذلك الأمر في ثلاث مناطق مجاورة. وأمر رئيس الحكومة اليابانية ناوتو كان بمنع استهلاك وبيع المنتجات القادمة من هذه المناطق، وخصوصا السبانخ والملفوف والقرنبيط والبروكولي.

لكن مع ذلك أكد الناطق باسم الحكومة يوكيو ايدانو أن «تناول هذه الخضراوات لا يؤثر على الصحة»، موضحا أن «هذا الوضع يمكن أن يستمر طويلا لذلك نطلب هذا المنع الآن».

وستوسع الاختبارات على المنتجات الغذائية لتشمل 10 مناطق أخرى حول محطة فوكوشيما يقع بعضها قرب طوكيو وسكانها البالغ عددهم 35 مليون نسمة. وكثفت وزارة الصحة عمليات مراقبة الأسماك والرخويات التي يتم صيدها على امتداد السواحل بعد رصد مواد إشعاعية في مياه البحر قرب المحطة.

وانتقل القلق الذي يبدو واضحا على المستهلكين اليابانيين الحريصين جدا على أمنهم الغذائي، إلى الخارج حيث قررت عدة دول تعزيز عمليات المراقبة أو وقف استيراد منتجات المواد الغذائية اليابانية. فقد أعلنت الولايات المتحدة أنها منعت استيراد بعض السلع الغذائية من اليابان خشية أن تكون ملوثة بإشعاعات نووية. وحذرت الوكالة الأميركية للغذاء والأدوية التي تشرف على استيراد المواد الغذائية، من استيراد الحليب ومشتقاته والخضراوات الطازجة والمستوردة من بعض المناطق في اليابان. وفي أوروبا، طلبت فرنسا من المفوضية الأوروبية فرض «مراقبة منهجية» على المواد الطازجة المستوردة من اليابان على حدود الاتحاد الأوروبي. وكانت باريس قررت من جانب واحد مراقبة الأصداف والأسماك القادمة من اليابان. وفي آسيا بدأ المستهلكون يمتنعون عن شراء المنتجات الغذائية اليابانية التي أصبحت نادرة أيضا في المطاعم اليابانية في عدد من المدن الكبرى في العالم، من سيول إلى مانيلا مرورا بهونغ كونغ.وأغلقت 25 سفارة من بينها سفارة ألمانيا وسويسرا وفنلندا مقارها مؤقتا في طوكيو وفق ما أعلن وزير الخارجية الياباني تاكياكي ماتسوموتو أمس. وفي الشمال الشرقي بدأ عمال الإنقاذ بدفن مئات الجثث التي تعرفت إليها العائلات، مع تعذر حرقها لنقص المحروقات.

وقدرت الحكومة اليابانية تكلفة الأضرار الناجمة عن الكارثة بمبلغ قد يصل إلى 25 ألف مليار ين (306 مليارات دولار)، موضحة أن هذه الخسائر يمكن أن تؤدي إلى تراجع إجمالي الناتج الداخلي بـ0.5 نقطة مئوية. لكن التكلفة النهائية للزلزال قد تكون أكبر لأن هذه التقديرات لا تأخذ في الاعتبار تأثير انقطاع التيار الكهربائي في منطقة طوكيو بسبب توقف المحطات النووية والحرارية منذ الزلزال.

وفي أوروبا، واصلت عدة دول الإجراءات الاحترازية بشأن مشاريعها النووية. فقد أجلت الحكومة الإيطالية أمس لمدة عامين على الأقل خططا لبناء محطات نووية في البلاد. ووافقت حكومة رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني على وقف مؤقت لمدة 12 شهرا للبرنامج النووي في البلاد. كما أرجأت إلى عام 2013 موعد البت في مسألة أماكن إنشاء المحطات النووية التي كان مقررا اتخاذ قرار بشأنها أصلا أواخر هذا العام. وكان وزير الصناعة باولو روماني قد أشار أوائل هذا الأسبوع إلى أن الحكومة «ستوقف» خططها النووية في أعقاب الأزمة النووية في اليابان.

وفي بولندا، قال رئيس الوزراء دونالد تاسك، أمس، إن من المحتمل إجراء استفتاء بشأن إقامة محطتين للطاقة النووية بعدما دعا حزب ينتمي إلى يسار الوسط إلى إجراء تصويت عام بشأنهما. وذكر تاسك: «هذا النوع من التعهد لا يخلق شعورا من دون موافقة اجتماعية»، مضيفا أنه لم يستبعد إجراء استفتاء. وتخطط بولندا لبدء إقامة أول محطتين نوويتين في عام 2016. وذكر تاسك أن معظم البولنديين يؤيدون الطاقة النووية باعتبارها مصدرا «رخيصا وآمنا ونظيفا». أما الحكومة الألمانية فأعلنت أمس أنها ستراجع قرارا كانت اتخذته بشأن تقديم ضمان مالي ضخم لإنشاء مفاعل نووي في البرازيل. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن وزارة الاقتصاد الألمانية قولها إنها ستبحث مع الحكومة البرازيلية مدى التأثيرات الناجمة عن أحداث اليابان على الإجراءات التالية لإنشاء المفاعل «انغرا 3» وكذلك المعايير التي ينبغي تطبيقها. يشار إلى أن ألمانيا كانت تعتزم تقديم ضمانات ائتمانية خاصة بصادرات تصل قيمتها إلى نحو 1.3 مليار يورو لإنشاء مفاعل بالبرازيل غير أنه لم يتم بعد توقيع عقد التوريد ولا عقود التمويل بين الطرفين. وستقوم شركة «أريفا» الفرنسية المتخصصة في بناء المفاعلات النووية، التي تسهم فيها شركة «سيمنس» الألمانية ببناء المفاعل «انغرا 3».