آلان جوبيه: الحرب لن تطول.. والسلطات الليبية لن تحافظ طويلا على تماسكها

وزير خارجية فرنسا: القيادة السياسية للعمليات العسكرية لن تكون للحلف الأطلسي

TT

«مجموعة الاتصال»، هذا هو الاسم الذي سيطلق على الهيئة التي ستناط بها مهمة متابعة الحرب في ليبيا على المستوى السياسي، والتي ستجتمع للمرة الأولى في لندن يوم الثلاثاء المقبل، وفق ما قاله وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمس.

ويوما بعد يوم، تظهر أبعاد الدور الكبير الذي يقوم به جوبيه، الذي يظهر أكثر فأكثر على أنه «العقل السياسي» المدبر للعملية الدولية في ليبيا. وكان جوبيه تحدث للمرة الأولى عن «مجموعة الاتصال» مساء أول من أمس في كلمة له أمام البرلمان، حيث كشف أن وسائل الاستطلاع الجوي الفرنسية كانت تنشط في السماء الليبية منذ الخامس من مارس (آذار) الحالي، أي قبل أسبوعين من انطلاقة العملية العسكرية، بعد الضوء الأخضر الذي وفره قرار مجلس الأمن رقم 1973.

وترى مصادر دبلوماسية في باريس أن طرح فكرة إنشاء «مجموعة الاتصال» جاء قطع الطريق على تسلم الحلف الأطلسي قيادة العملية العسكرية ومن أجل الاحتفاظ بهامش واسع من المناورة وتحديد الأهداف السياسية والنظر في مدى مطابقتها لما ورد في القرار الدولي عندما سيطرح موضوع وقف إطلاق النار أو وضع حد للعمليات العسكرية على بساط البحث.

وستتشكل المجموعة التي تم التفاهم عليها بين باريس ولندن من الدول الرئيسية الثلاث المشاركة في العمليات العسكرية، وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، ومن الدول الأخرى المساهمة في المجهود العسكري (إيطاليا، إسبانيا، كندا، النرويج)، لكن أيضا من ممثل عن الجامعة العربية وآخر عن الاتحاد الأفريقي (الذي تغيب عن قمة باريس يوم السبت الماضي)، وآخر عن الاتحاد الأوروبي. وسيكون الباب مفتوحا أمام الدول الأوروبية الراغبة في الانضمام إلى المجموعة. وحسب جوبيه، فإن الغرض هو إظهار أن «القيادة السياسية للعملية ليست للحلف الأطلسي» بل التحالف الدولي.

وما زال موضوع دور الحلف الأطلسي يثير جدلا عنيفا داخل الحلف وخارجه. وكان جوبيه أول من اعتبر أنه «ليس الجهة المناسبة» لقيادة العمليات بسبب «حساسية» العالم العربي إزاءه، والحاجة إلى عدم إظهار التدخل في ليبيا على أنه «عمل عسكري من بلدان الغرب ضد بلد عربي». غير أن السبب الآخر وربما الأهم هو رغبة باريس في تحاشي إخضاع مجرى العمليات العسكرية لإرادة ألمانيا أو تركيا (وهما عضوان أساسيان في الحلف) اللتين تعارضانها. لكن بالمقابل، كان يتعين على باريس أن تستجيب لمطالب واشنطن الملحة التي أكدت أكثر من مرة أنها «لا تريد أن تكون في المقدمة»، وأن الحلف الأطلسي هو الجهة الطبيعية المخولة بتولي العمليات. من هذا المنطلق، جاء الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفرنسي ساركوزي (ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون) للاتفاق على رؤية موحدة. لكن ما حصل حقيقة أن قصر الإليزيه قدم رواية مختلفة عما قاله البيت الأبيض. وفيما قالت المصادر الأميركية إن الاتفاق تم على أن يلعب الحلف الأطلسي «دورا محوريا»، أذاع قصر الإليزيه بيانا يختلف في مدلولاته، إذ جاء فيه أن الرئيسين «اتفقا على أشكال استخدام بنى القيادة التابعة للحلف الأطلسي في عملية دعم التحالف»، وهذا بعيد كل البعد عن «الدور المحوري».

وحتى الآن، كان تنسيق العمليات يتم في قاعدة رامشتاين الأميركية في ألمانيا، والتنسيق الميداني في قاعدة نابولي الأميركية في إيطاليا. لكن نقاشات الحلف في بروكسل بينت أن هناك توجها نحو تكليفه بمنطقة الحظر الجوي فوق ليبيا، وبتنفيذ الحظر البحري لمنع تهريب السلاح إليها. أما قرار العمليات العسكرية فسيبقى بيد التحالف الذي تشكل «مجموعة الاتصال» مرجعيته السياسية.

وأمس، بدا جوبيه «متفائلا» لجهة اعتباره أن العمليات العسكرية لن تدوم طويلا في ليبيا. وقال إن السلطات الليبية «لن تحافظ على تماسكها طويلا» حول القذافي، وحول الحلقة الضيقة التي تقف إلى جانبه.

وأضاف جوبيه في مؤتمر صحافي «ليس في مخططاتنا أن تستديم العمليات العسكرية، بل إنها ستكون عملية عسكرية قصيرة المدى». وفي الوقت عينه، استبعد جوبيه تماما إرسال قوات أرضية إلى ليبيا.