أنقرة تعلن انتقال قيادة العمليات العسكرية في ليبيا من واشنطن إلى الحلف الأطلسي خلال يوم أو يومين

البرلمان التركي يوافق على قرار الانضمام إلى عملية بحرية للحلف

TT

قال وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، أمس، إن قيادة العمليات العسكرية الغربية في ليبيا ستنقل من الولايات المتحدة إلى حلف شمال الأطلسي خلال يوم أو يومين، حسب ما ذكرت «رويترز».

وأضاف أوغلو للصحافيين: «تم التوصل للتسوية مبدئيا في وقت قصير جدا». وتابع بأن «العملية ستسلم إلى حلف الأطلسي بصورة كاملة».

وقال إن ذلك سيحدث بأسرع ما يمكن خلال يوم أو يومين. وتم التوصل للاتفاق خلال مؤتمر عبر الهاتف مع نظرائه من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

وظلت الدول الثماني والعشرون الأعضاء في الحلف أمس في بروكسل عاجزة عن اتخاذ القرار بشأن ما إذا كان يتعين على الحلف فرض منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا، التي فوضت بها الأمم المتحدة، بعدما أثارت تركيا العضو في الحلف الشكوك مجددا أمس بشأن دوافع التدخل الغربي في ليبيا في الوقت الذي تحاول فيه دول في الحلف مرة أخرى حل الخلافات بشأن قيادة العمل العسكري وأهدافه، حسب ما ذكرت «رويترز».

وتود الولايات المتحدة نقل قيادة الحملة الجوية ضد ليبيا في غضون أيام قليلة مما وضع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس تحت ضغط لتحديد ترتيبات المهمة والقيادة خلال اجتماعهما مع قادة أوروبيين آخرين في قمة بروكسل.

وكان سفراء الحلف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة قد استأنفوا مفاوضاتهم حول توسيع دوره في ليبيا في اجتماع سبق قمة الاتحاد الأوروبي. وفشلت أيام من المفاوضات تخللتها تلاسنات أحيانا في الوصول إلى اتفاق حتى الآن.

وظلت تركيا التي تريد الانضمام للاتحاد الأوروبي وتعطلها فرنسا عقبة رئيسية أمام التوصل إلى اتفاق يمكن الحلف من سد الفراغ في القيادة حينما تتركها الولايات المتحدة.

وطالبت تركيا بأن تكون السيطرة على جميع العمليات العسكرية في ليبيا لحلف شمال الأطلسي وحده لكنها وضعت شروطا قائلة إنها لا تريد أن يقوم الحلف بعمليات هجومية قد تضر المدنيين أو يكون مسؤولا عن تطبيق منطقة الحظر الجوي التي أجازها مجلس الأمن في الوقت الذي تقصف فيه طائرات التحالف القوات الليبية.

وتقول فرنسا إنه يتعين على الحلف أن يلعب دورا فنيا بتوفير هيكله القيادي للعملية بينما تتولى مجموعة خاصة مؤلفة من أعضاء التحالف من بينهم الجامعة العربية عملية التوجيه السياسي.

وقالت فرنسا إن تولي الحلف المهمة سيضعف الدعم العربي بسبب عدم الرضا الشعبي تجاه الولايات المتحدة في العالم العربي.

وشن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس هجوما مبطنا على فرنسا حيث قال إن نفس الأشخاص الذين يترددون في السماح لتركيا بالانضمام للاتحاد الأوروبي يتحدثون الآن بشأن «حملة صليبية» في ليبيا. وعبر عن ارتيابه من أن البعض يسعى للتصرف خارج إطار الحلف وعيونهم على النفط الليبي، في حين قال الرئيس التركي عبد الله غول إن التحالف يفتقر لسياسة وتخطيط وخطة خروج متفق عليها وقد يتم «نهب» ليبيا كما حدث في العراق.

وقال أردوغان في مؤتمر في اسطنبول: «أتمنى ممن لا يرون سوى النفط ومناجم الذهب والكنوز الموجودة تحت الأرض حين ينظرون إلى هذا الاتجاه أن ينظروا إلى المنطقة من خلال نظارات الضمير من الآن فصاعدا».

وسعى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لتهدئة المخاوف بشأن الدوافع الغربية بقوله إنه يتعين على الحلف ألا يشرد عن قرار الأمم المتحدة باستهداف معمر القذافي.

وعندما سئل كاميرون عما إذا كان الزعيم الليبي هدفا مشروعا قال: «من المهم للغاية ألا ننساق إلى أبعد من ذلك بأي حال من الأحوال».

وفي غضون ذلك، قالت قنوات تلفزيونية تركية إن البرلمان التركي وافق أمس على قرار للحكومة بالانضمام إلى عملية بحرية لحلف شمال الأطلسي لفرض حظر تسلح على ليبيا صرحت به الأمم المتحدة.

ووافقت تركيا العضو في الحلف على إرسال أربع فرقاطات وغواصة وسفينة دعم للمشاركة في العملية.

من جهته، دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ حلف شمال الأطلسي أمس إلى تسلم المسؤولية عن عمليات ليبيا في أقرب وقت ممكن، وندد «بالعنف المروع» المستمر الذي يمارسه حكامها ضد المدنيين.

وقال هيغ للبرلمان: «يظل السبب للقيام بهذا العمل قهريا. العنف المروع ضد المواطنين الليبيين ما زال يرتكب مما يكشف أن مزاعم النظام بأنه أمر بوقف إطلاق النار زائفة».

وأضاف: «عمليات التحالف حاليا تحت قيادة الولايات المتحدة لكننا نريد نقلها إلى قيادة وسيطرة حلف الأطلسي في أقرب وقت ممكن».

وجاءت تصريحات هيغ في وقت قال فيه دبلوماسي من الدول المتحالفة لوكالة الصحافة الفرنسية إن حلف شمال الأطلسي المدعو للاهتمام بمنطقة الحظر الجوي فوق ليبيا والحظر البحري وضع اللمسات الأخيرة على الجزء الأساسي من بنيته لقيادة هذه المهمة.

وستتمركز القيادة العملانية للتحركات اليومية في القيادة الخاصة بالعمليات البحرية في قاعدة الحلف في نابولي (جنوب إيطاليا) بينما ستجري قيادة العمليات الجوية في قاعدة بودجو ريناتيكو (شمال إيطاليا)، كما قال المصدر نفسه.

وأضاف أن الإشراف الشامل على العمليات سيجري من المقر العام للقوات الحليفة في بلجيكا، بينما من المقرر أن يتم الإشراف على المهمات الجوية من قاعدة ازمير في تركيا.

لكن هذه النقطة الأخيرة لم تحسم بسبب موقف تركيا الذي منع الحلف من إعطاء ضوء أخضر لبدء تدخل من جانبه لفرض منطقة الحظر الجوي.

ومنعت تركيا الدول الـ28 الأعضاء في الحلف من التوصل إلى اتفاق بمعارضتها عمليات قصف للأراضي الليبية. وتشترط السلطات التركية للموافقة على هذا أن يوقف التحالف الدولي الذي يعمل في ليبيا بتفويض من الأمم المتحدة، ضرباته.

وفي غضون ذلك، أغلق حلف شمال الأطلسي الذي بدأ دورياته قبالة سواحل ليبيا لفرض احترام الحظر على الأسلحة المقرر من قبل الأمم المتحدة «المنفذ الرئيسي» لتهريب الأسلحة إلى ليبيا حسب ما أعلن الأميرال الإيطالي رينالدو فيري الذي يقود هذه العملية، أمس في نابولي.

وقال قائد العملية التي أطلق عليها اسم «يونيفايد بروتكتور» خلال مؤتمر صحافي في قاعدة للأطلسي قرب نابولي «المنفذ البحري هو الأسهل والأسرع والمباشر لنقل أسلحة إلى ليبيا. إننا نقوم بإغلاقه».

وأضاف: «آمل أن ننجح في إغلاق كل النوافذ وشيء واحد أكيد هو أننا سنغلق المنفذ الرئيسي» لهذه العمليات.

وقال فيري إن العملية ترمي إلى «خفض كمية الأسلحة والمعدات المرتبطة بها والمرتزقة الوافدين أو المغادرين من المياه الإقليمية الليبية».

وقال الضابط الإيطالي إن أميرال البحرية الأميركية صمويل لوكلير يتحمل «المسؤولية العملانية لمهمة الحلف الجديدة المتعلقة بالحظر على الأسلحة» إضافة إلى «قيادة القوات الأميركية لحماية ليبيا».

وتابع أن الحلف قام بتعبئة وسائله البحرية في إطار القرار الدولي الرامي إلى «وضع حد للهجمات على المدنيين في ليبيا».

وبحسب الحلف الأطلسي في بروكسل، تنتشر 16 قطعة بحرية هي: سفينة إيطالية للقيادة و10 فرقاطات (أربع تركية وواحدة لكل من كندا وإسبانيا وبريطانيا واليونان وإيطاليا والولايات المتحدة) وثلاث غواصات (إسبانيا وإيطاليا وتركيا) وسفينتا دعم (إيطاليا وتركيا).

وقال إن المهمة تتضمن أيضا «إبحار السفن المسموح لها التوجه إلى ليبيا أو مغادرتها بحرية». وأوضح أن العملية «ستستخدم كل الوسائل اللازمة لاعتراض السفن المشبوهة وتفتيشها».

وأضاف: «إذا اعتقدنا أن سفينة تنتهك الحظر سيكون من اللازم صعود عسكريين مسلحين على متنها. إذا لاقينا مقاومة قد يكون من الضروري استخدام القوة».

وقال فيري إن القوات المشاركة في العملية «تملك خبرة كبيرة في منطقة المتوسط ومعدات مناسبة تم اختبارها» لاعتراض سفن أخرى.

وبدأ الحلف أولى دورياته الأربعاء، وترسو ست سفن في المياه الدولية قبالة السواحل الليبية مدعومة بطائرات ومقاتلات مكلفة مهمة مراقبة طويلة الأجل واعتراض أي طائرة مشبوهة تنقل أسلحة إلى ليبيا.