واشنطن تركز على عزل ومحاصرة واستنزاف القذافي لإجباره على التنحي

مصدر عسكري أميركي: «المارينز» ربما ستنزل مساعدات إنسانية في ليبيا

TT

قالت مصادر أميركية إن الرئيس باراك أوباما قرر أن يركز على عزل ومحاصرة واستنزاف الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي لإجباره على ترك الحكم، وعلى مساعدة المدنيين واللاجئين، وذلك بعد أن قرر أن القوات الأميركية لن تنزل على الأراضي الليبية. وقال مصدر عسكري إن قوات المارينز ربما ستشترك في إنزال مساعدات إنسانية.

وفي الوقت نفسه، بدأت الوكالات الإنسانية الأميركية في تخزين الإمدادات في شرق ليبيا والدول المجاورة للحالات الطارئة. وقال مارك وارد، مسؤول كبير في الوكالة الأميركية الدولية للتنمية: «أنا أشعر بالقلق الآن خوفا من وقوع أزمة إنسانية في مصراتة وغيرها».

وتأكيدا على عدم نية نزول قوات المارينز في ليبيا، قال الأدميرال جيرار هوبر، قائد سلاح البحرية: «هذه بيئة معقدة وصعبة للغاية. هذا وقت السماح للمساعدات الإنسانية إلى شعب ليبيا».

وقال مصدر في البنتاغون إن الولايات المتحدة وحلفاءها ركزوا أول من أمس هجماتهم الجوية على القوات البرية للقذافي في مصراتة ومدن رئيسية أخرى. بيد أنه «كانت تعوقها مخاوف من أن الضربات في المناطق السكنية والمكتبية يمكن أن تتسبب في سقوط قتلى مدنيين».

وقال المصدر: «آخر شيء نريده هو الاشتراك في قتال شوارع، ناهيك بإنزال قوات المارينز للاستيلاء على قواعد عسكرية ليبية. لا نقدر على الأول، ولا نريد الثاني، رغم أنه جزء من خطتنا».

وأشار إلى أن حشود السفن الأميركية في البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل ليبيا «تضاعفت» منذ بداية الأحداث، وأن سفن إنزال تقدر على إنزال «أعداد كبيرة» من المارينز. وقال إنه لو كانت الأوامر صدرت بالإنزال، لاستولت قوات المارينز على القواعد البحرية الليبية في البداية. وأضاف: «ليس في خطتنا دخول المارينز في المدن، ساحلية أو غير ساحلية». وكرر المسؤول ذاته أن التعليمات هي عدم الإنزال. وقال: «التعليمات السياسية شيء، والخطط العسكرية شيء آخر».

وفي الوقت نفسه، بدأ أوباما، بعد أن عاد من جولة في أميركا الجنوبية شملت البرازيل وتشيلي والسلفادور، لحشد الدعم المحلي لدوره في عملية ليبيا، ومواجهة الانتقادات التي قالت إنه كان إما حذرا جدا أو عدوانيا جدا.

وفي سلسلة مؤتمرات صحافية في الكونغرس، توقع عدد من سيناتورات الحزب الديمقراطي، كارل ليفين (ميتشيغان)، وجاك ريد (رود ايلاند)، وريتشارد دوربين (ايلينوى)، دعما قويا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لدور الولايات المتحدة في ليبيا، وذلك عند انعقاد الكونغرس في الأسبوع المقبل. وقال دوربين إن أوباما اختار مسارا «حكيما جدا يذكرنا بالرئيس جورج بوش الأب، الذي دعا إلى بناء التعاون الدولي قبل الشروع في عمل عسكري ضد القوات العراقية في الكويت عام 1991».

وأرسل رئيس مجلس النواب، جون بونر (جمهوري من ولاية أوهايو)، رسالة إلى أوباما قال فيها إنه ومشرعين آخرين انزعجوا لأن «الولايات المتحدة تصرف الطاقات والموارد العسكرية في حرب دون تحديد واضح للشعب الأميركي والكونغرس عن ذلك، وعن إمكانات قواتنا، وعن هدف العملية العسكرية في ليبيا، وعن دور أميركا في تحقيق تلك المهمة».

وكانت المنظمات الإنسانية الدولية كررت أنها لم تتمكن من إيصال مواد الإغاثة إلى مصراتة والمدن الأخرى المتنازع عليها.

وقال مسؤول أميركي حول ما إذا كان الجيش الأميركي سيلعب دورا في توزيع الإغاثة في حالات الطوارئ: «كل الخيارات مطروحة على الطاولة». ورفض الإدلاء بمزيد من التفاصيل. وقال مصدر عسكري إن اشتراك القوات الأميركية في المساعدات الإنسانية سيكون عن طريق قوات المارينز التي تقدر على النزول على السواحل الليبية.

وقال: «سنكون حذرين جدا إذا قررنا أن تنزل قوات المارينز مساعدات إنسانية. لن نرسي على سواحل المدن، سننزل في القواعد البحرية». وأضاف: «لكن هذا شيء لم يقرر بعد. نحن عندنا خطط مساعدات إنسانية كثيرة، واستفدنا من خطط المساعدات في الماضي». وأشار إلى مساعدات اشتركت فيها قوات المارينز، وحاملات طائرات أميركية في إندونيسيا وتايلاند بعد تسونامي سنة 2006، وإلى إنزالات إنسانية أخرى.

الجدير بالذكر أنه خلال الأيام الأخيرة، نقل برنامج الغذاء العالمي واللجنة الدولية للصليب الأحمر ما يقرب من 2000 طن من المواد الغذائية وغيرها من إمدادات الإغاثة إلى أجزاء من شرق ليبيا التي تخضع إلى سيطرة قوات المتمردين. وقال مسؤولون إن الحكومة الأميركية دفعت ببعض تلك المواد الغذائية.

ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» تفاصيل مصادرة وزارة الخزانة الأميركية لأرصدة ليبيا في البنوك الأميركية بعد أن قرر أوباما ذلك يوم 25 فبراير (شباط) الماضي، وأن برقية في البريد الإلكتروني إلى رئاسة الوزارة قالت: «هناك رصيد قدره 29.7 بليون دولار، نعم بليون وليس مليونا»، وأن معظم الأموال كانت في بنك واحد، وأن هذا كان «قطعة من حسن حظ غير عادي لإدارة أوباما في لحظة حاسمة في الجهود التي بذلت لمواجهة الأحداث الغريبة والقاتلة التي تتكشف في ليبيا».

وقال مصدر في وزارة الخزانة الأميركية إنه لم يحدث من قبل أن نفذ المسؤولون الأميركيون بهذه السرعة قرارات العقوبات الاقتصادية. وأضاف: «يظهر أيضا أننا تعلمنا من الذين أشرفوا على العقوبات الاقتصادية، مثل التي كانت ضد إيران وكوريا الشمالية. واضح الآن أن العقوبات الاقتصادية أصبحت حجر الزاوية في سياسة الأمن القومي». وقالت «واشنطن بوست»: «بفضل تطور الشبكات الإلكترونية العالمية، صار سهلا متابعة أموال الحكام الطغاة، والمليارات المملوكة للدول التي يريد الطغاة استغلالها».