السودان: حزب البشير يقترب من اتفاق مع الصادق المهدي بشأن السلطة

اتفقا على 85% من قضايا التفاوض بينها تطبيق «الشريعة».. والمعارضة ترفض تهديدات «الوطني» بسحقها

TT

صعد حزب المؤتمر الوطني (الحاكم) بزعامة الرئيس عمر البشير من لهجته الحادة ضد المعارضة باعتزامه «سحقها تماما» في وقت تتداول فيه مصادر بشأن عرض من الحكومة لحزب الأمة بقيادة الصادق المهدي بمناصب نواب الحركة الشعبية (جنوب) في البرلمان بعد خلوها إثر انفصال الجنوب، ومشاركة الحزب بمناصب رفيعة في الحكومة بعد أن أكد «الأمة» حسم نسبة 85 في المائة من قضايا التفاوض والاتفاق على قضية «الشريعة الإسلامية».

وقالت مصادر «الشرق الأوسط» إن الحكومة تريد الاتفاق مع حزبي «الأمة القومي» بزعامة الصادق المهدي و«الاتحادي الديمقراطي» بزعامة محمد عثمان الميرغني حتى لو تنازلت عن نسبة 50 في المائة من الجهاز التنفيذي، فيما لمحت مصادر أخرى إلى أن المؤتمر الوطني يعرض منح «الأمة القومي» نسبة الحركة الشعبية (نحو 30 في المائة) في السلطة والبرلمان، مع منح «الاتحادي» نسبة إضافية وعزل «الحزب الشيوعي السوداني»، و«المؤتمر الشعبي» بزعامة الترابي من التفاوض لاتهامهما بالسعي لقلب نظام الحكم والإطاحة بالبشير فيما ينتهج الحزبان التقليديان سياسة مهادنة ومرنة مع «المؤتمر الوطني»، وكانت تقارير صحافية رشحت في الخرطوم قبل يومين تشير إلى اتفاق بين «المؤتمر الوطني» و«الأمة القومي» على خمس نقاط تضمنت الاتفاق على تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية على أساس جغرافي وليس شخصيا، والاتفاق على الشريعة والعرف كمصادر للتشريع، والمواطنة أساس للحقوق والواجبات، والشعب مصدر السلطة يختار الرئيس والجهاز التشريعي، وأن الهيئة المنتخبة هي التي تشرع، وفي ذات السياق قال الأمين العام لحزب «الأمة القومي» صديق إسماعيل، في تصريحات صحافية «تجاوزنا في الاجتماع كل نقاط الخلاف، واتفقنا على 85 في المائة من الأجندة الوطنية»، بيد أنه رفض تحديد القضايا التي تم الاتفاق حولها، وأضاف: «هذه التفاصيل لن نكشف عنها الآن»، وتابع: «لم نختلف ولكن توافقنا على التعاون في إطار المصلحة الوطنية»، ويطرح حزب «الأمة» حكومة قومية انتقالية تشارك فيها كل القوى السياسية دون عزل، لكن «الوطني» رفض ذلك، ويتوقع أن ينظم مفاوضو «الأمة» و«المؤتمر الوطني» لقاء بين الرئيس البشير والصادق المهدي.

وتأتي التقارير في وقت صعد فيه «المؤتمر الوطني» لهجته ضد المعارضة بعد احتوائه لمظاهرات شبابية يوم الاثنين الماضي، واعتقال عدد من الناشطين، حيث حشدت الحكومة السودانية عناصر موالية لها من الشباب سمتهم الكتيبة الاستراتيجية وتوعدت بسحق المعارضين والناشطين على «فيس بوك». وقال نائب رئيس «المؤتمر الوطني» لشؤون الحزب نافع علي نافع، لدى مخاطبته اللقاء «إن تشكيل الكتيبة بالخرطوم يأتي تعبيرا وإحياء وتجديدا لنهج الإنقاذ الأصيل الهادف إلى تلبية تطلعات المجتمع وخدمته»، وأكد أن «الإنقاذ في ظل الظروف والمتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية يمثل المحفز للبعث في الوطن العربي والعالم الإسلامي ودول العالم الثالث»، فيما أشار محمد مندور المهدي نائب رئيس «المؤتمر الوطني» بولاية الخرطوم إلى «أن مواقف السودان الثابتة بهذا الشأن هي ما أسهم في انقلاب هذه المفاهيم التي تقوم على العزة والكرامة للشعوب العربية والإسلامية»، وأكد «أن مواقف السودان الرافضة للتدخل الدولي في الشؤون الداخلية للدول أسهمت في تغيير المفاهيم الدولية والغربية»، وربط بين اشتراط المجتمع الدولي للتدخل في ليبيا بموافقة الدول العربية والإسلامية، وقال المهدي «إن القوى المعارضة بمختلف أساليبها لن تقوى على زحزحة الإنقاذ عن مبادئها»، وقال «إنهم لن يستطيعوا بالكتابات على صفحات الإنترنت و(فيس بوك) أن يحركونا قيد أنملة عن مواقفنا». لكن المعارضة استنكرت عبر بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنشاء حزب «المؤتمر الوطني» لكتيبة (ميليشيا) مهمتها سحق المعارضة، وقالت «لا يمكن أن يفهم من ذلك سوى أن (المؤتمر الوطني) قرر أن يخوض عملا مسلحا ومعلنا في مواجهة القوى السياسية المعارضة بما يخالف الدستور وقانون الأحزاب الذي اشترط في الحزب السياسي انتهاج العمل السياسي السلمي»، ودعت مجلس الأحزاب باتخاذ خطوة عملية للاضطلاع بدوره إزاء انتهاج حزب «المؤتمر الوطني» للعمل المسلح في مواجهة الخصوم السياسيين، ورأت أن «هذه التصريحات وكيفية التعامل معها تجعل مجلس شؤون الأحزاب في محك حقيقي لاختبار مصداقيته وحياديته، كما تضع جميع الأجهزة الأمنية والشرطة في نفس المحك حول كيفية التعامل مع اعتراف (المؤتمر الوطني) بتشكيله لكتيبة مسلحة لسحق المعارضة»، وأكدت المعارضة التزامها بالنضال السلمي الديمقراطي في تحقيق التغيير والتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة.

إلى ذلك قضت محكمة الجنايات في الخرطوم، شمال، بالسجن ثلاثة أشهر مع الغرامة بمبلغ 500 جنيه، أقل من 200 دولار أميركي، على الطالب بكلية التربية جامعة السودان مهند نجم الدين خيري، لإدانته تحت المادة (66) بنشر أخبار كاذبة، وذلك لتوزيعه منشور يناهض النظام، فيما أدانت المحكمة كلا من وداد عبد الرحمن ومنال بغرامة 500 جنيه للمشاركة في توزيع المنشور أثناء المظاهرات التي جرت أول من أمس وسط الخرطوم، وذكر لـ«الشرق الأوسط» الأمين العام لحزب «المؤتمر السوداني» عبد القيوم عوض السيد، أن الطلاب يتبعون لحزبه المعارض وتم إلقاء القبض عليهم يوم الاثنين الماضي، واتهموا بالمشاركة في مظاهرات ضد الحكومة، وقال «إن الادعاء استند في حجته على أن المدانين الثلاثة وزعوا منشورات أثناء مظاهرات يوم الاثنين تسيء إلى رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى نشر أخبار كاذبة».