مصر: بلاغ للتحقيق في فض الجيش اعتصام طلبة كلية الإعلام بالقوة

عميدها قال: قدمت استقالتي ولم تقبل فماذا أفعل؟!.. والطلبة يجددون التظاهر وسط تضامن إعلامي وصحافي

المشير حسين طنطاوي خلال استقباله وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس بمقر وزارة الدفاع المصرية في القاهرة امس (رويترز)
TT

تصاعدت أزمة كلية الإعلام بجامعة القاهرة، حيث تقدم أربعة من أساتذة قسم الصحافة بالكلية ببلاغ للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود، ورفعوا مذكرة للمشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم) يطلبون التحقيق في استخدام عناصر من الشرطة العسكرية التابعة للجيش للقوة المفرطة في فض اعتصام بدأه طلبة الكلية منذ السادس من مارس (آذار) الجاري للمطالبة بإقالة الدكتور سامي عبد العزيز عميد الكلية، عضو هيئة مكتب أمانة الإعلام بالحزب الوطني، النائب السابق في مجلس الشورى الذي عين فيه بقرار من الرئيس المصري السابق حسني مبارك، فيما قال الدكتور سامي عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» إنه قدم استقالته لرئيس الجامعة أكثر من مرة لكنه رفضها، نافيا أن يكون قد استدعى الشرطة العسكرية لفض الاعتصام.

ويقول الطلاب المعتصمون إن عبد العزيز هاجم الثورة في بدايتها في مقالاته وكتاباته الصحافية، قبل أن يشيد بها بعد تنحي مبارك، كما أشاد في محاضراته الجامعية بأداء التلفزيون الحكومي المصري في تغطية الثورة، رغم إجماع خبراء الإعلام على أن التلفزيون الحكومي برئاسة وزير الإعلام السابق أنس الفقي تعمد تضليل المواطنين وبث معلومات مغلوطة، كما انحاز بشكل سافر للنظام السابق.

ونظم العشرات من أساتذة الكلية ومئات الطلبة وقفة احتجاجية أمس، وسط تضامن من عدة جهات، إذ حضر إلى مقر الكلية وفد من نقابة الصحافيين يضم جمال فهمي ويحيى قلاش عضوي مجلس النقابة، وعدد من الصحافيين والإعلاميين من خريجي الكلية بالإضافة إلى وفدين من كلية الهندسة والعلوم بجامعة القاهرة أتيا للإعراب عن التضامن مع طلبة الكلية.

وأصدر الصحافيون والإعلاميون المشاركون في الوقفة بيانا أعربوا فيه عن إدانتهم الشديدة لاقتحام الشرطة العسكرية لمقر كلية الإعلام، وطالبوا بالتحقيق فورا فيما حدث، ودعوا لمعاقبة المتسببين فيه بشكل رادع، وأعربوا عن تضامنهم مع جميع مطالب الطلبة المعتصمين، وعلى رأسها إقالة عميد الكلية.

وقال الدكتور أشرف صالح رئيس قسم الصحافة لـ«الشرق الأوسط»: «فوجئنا أول من أمس في الرابعة عصرا باقتحام قوة من الشرطة العسكرية يرأسها ضابط برتبة مقدم مبنى الكلية، خلال تظاهر الطلبة أمام قاعة المؤتمرات التي كان يجتمع بها الدكتور سامي عبد العزيز مع بعض الأساتذة، وطلب قائد القوة التحاور معنا، ووافقنا على طلبه إلا أننا فوجئنا به يتحدث بلهجة آمرة وحادة، وأبلغنا أنه قرر اعتقالنا، قبل أن يتراجع عن قراره، ليتركنا بعدها نذهب إلى مكاتبنا».

وأضاف صالح بقوله إنه «بعد نحو ساعة جاءنا أحد أفراد الجيش يرتدي ملابس مدنية وطلب منا الصعود إلى الطابق الرابع لأن قائد القوة يريد إبلاغنا بقرار مهم، وعندما صعدنا فوجئنا به يبلغنا بأن زمن التفاوض انتهى وأننا قيد الاحتجاز، واعتدى على زميلنا الدكتور شريف درويش بالضرب في صدره، وصادر هواتفنا الجوالة وهوياتنا الشخصية، واحتجزنا لمدة ساعة في الطابق الرابع بالكلية قبل أن ينقلنا إلى سيارة عسكرية كانت ترابط أمام مبنى الكلية لمدة ساعة ونصف الساعة حتى جاء لنا ضابط برتبة عميد اعتذر لنا وأعاد لنا هواتفنا وهوياتنا وسمح لنا بالانصراف».

وقال صالح: «نعتزم تنظيم وقفة احتجاجية أمام قبة جامعة القاهرة (المقر الإداري للجامعة) للمطالبة بإقالة عميد الكلية ورئيس الجامعة وسننظم مسيرة إلى مبنى وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لتحقيق نفس المطلب».

وقال الدكتور محمود خليل الأستاذ بقسم الصحافة لـ«الشرق الأوسط»: «دخول قوات الجيش إلى الحرم الجامعي واعتقال الأساتذة وضرب الطلبة واقعة غير مسبوقة في تاريخ جامعة القاهرة منذ أكثر من مائة عام».

وأشار إلى أن قوات الشرطة العسكرية أنزلت الأساتذة من الطابق الرابع إلى خارج المبنى محاطين بالجنود، وكأنهم مجرمون، في مشهد مهين لكل الأعراف والتقاليد الجامعية، وقال: «دفعوني بشدة على السلم وكدت أسقط أكثر من مرة دون مراعاة لوضعي الصحي»، ويعاني الدكتور خليل من إعاقة واضحة بإحدى قدميه.

وقال: «بمجرد إبلاغ الضابط لنا بأننا رهن الاعتقال بدأ بقية أفراد القوة في الاعتداء على الطلبة والطالبات بالضرب والركل، والصعق بالعصي الكهربائية كما مزقوا اللافتات التي كان الطلبة قد علقوها في أرجاء المبنى».

من جانبه، نفى الدكتور سامي عبد العزيز عميد الكلية أن يكون هو الذي استدعى الشرطة العسكرية للتدخل، وقال إن «الطلبة هم الذين استدعوا الشرطة العسكرية لإنقاذهم».

وقال عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: «عقدت اجتماعا لمجلس الكلية في قاعة المؤتمرات بالطابق الرابع بالكلية ففوجئت بالطلبة يحاصرون القاعة، ويرفضون خروجنا منها، منذ الساعة 12 ظهرا وحتى التاسعة مساء، وافترشوا الأرض بأجسادهم وقالوا إذا أردتم الخروج فاعبروا فوق أجسادنا، فرفضنا بالطبع».

وأضاف: «هناك عدد من الأساتذة يحرضون الطلبة على الاعتصام والتظاهر، منهم الدكتور أشرف صالح والدكتور شريف درويش والدكتور محمود خليل والدكتور سليمان صالح والدكتورة عواطف عبد الرحمن».

وأشار عبد العزيز إلى أن مفاوضات الجيش مع الطلبة والأساتذة استمرت تسع ساعات دون جدوى، وقال: «حدثت اشتباكات بين الطلبة المعتصمين وطلبة مؤيدين لي، فاضطر الجيش إلى التدخل»، وتابع: «هناك 261 طالبا من قسم الصحافة، الذي ينتمي إليه الأساتذة المحرضون، قدموا شكوى مكتوبة للدكتور حسام كامل رئيس الجامعة يتضررون من قيام أساتذة القسم بتعليق الدراسة فيه، مما يهدد مصلحة هؤلاء الطلبة».

وقال: «تقدمت باستقالتي أكثر من مرة إلى رئيس الجامعة وفي كل مرة يرفضها، فماذا أفعل أكثر من ذلك؟! علما بأن القانون لا يجيز ذلك، فالقانون ينص على أن وزير التعليم العالي ورئيس الجامعة لا يملكان إقالة أي عميد، بل يتم التحقيق معه من قبل أقدم 3 رؤساء جامعات، قبل أن يصدروا قرارهم بشأنه».

واعتبر أن المخرج الوحيد من الأزمة الحالية هو «أن يعيد الأساتذة المحرضون الطلبة إلى رشدهم، ولا بد أن يدرك الجميع أنه لا حظر ولا قيود على تعبير الطلاب عن آرائهم، لكن دون التدخل فيما لا يعنيهم».

وقال عبد العزيز: «لا أجد تفسيرا لما حدث من تحريض ضدي من زملائي الأساتذة سوى أنني كنت أنتمي إلى الحزب الوطني الديمقراطي، وأنا أتساءل: هل هذه سبة أو نقيصة في مجالي المهني والأكاديمي؟!».

وأضاف: «اتهموني بأنني كنت ضد الثورة، والحقيقة أنني يوم 25 يناير (كانون الثاني) كتبت في مقالي في إحدى الصحف اليومية داعيا الشباب إلى عدم التظاهر في يوم عيد الشرطة احتراما لشهداء الشرطة، إلا أنني بعدما رأيت ما حدث كتبت يوم 26 يناير قائلا: شكرا لشباب لم نعرفه علمنا معنى الثورة. وقلت في اجتماع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة إن ما حدث كان زلزالا أسقط أي انتماء حزبي من داخلنا».

وقال: «ما يطالبون به من إقالتي غير قانوني، وأعتقد أن الثورة قامت لتوطيد سلطة القانون لا لهدمه»، مشيرا إلى أن 85 من أعضاء هيئة التدريس بالكلية ومعاونيهم وقعوا بيانا لتأييده.

من جانبه، دعا ائتلاف شباب «ثورة 25 يناير» إلى مظاهرة جديدة اليوم باسم «جمعة التطهير» أمام مبنى التلفزيون بكورنيش النيل بالقاهرة، احتجاجا على قانون تجريم الاعتصام والتجمهر، والتنديد بالاعتداء على طلاب كلية الإعلام بجامعة القاهرة، والمطالبة بالتخلص من رموز الفساد في وسائل الإعلام.

وقال محمد عباس عضو ائتلاف شباب «ثورة 25 يناير» إن «دعوة الائتلاف لمظاهرة (جمعة التطهير) تهدف إلى دعم مطالب العاملين بوسائل الإعلام، والتضامن مع طلاب كلية الإعلام ضد الاعتداءات التي طالتهم، والوقوف مع العمال ضد محاولات ترهيبهم بقوانين قمعية متمثلة في منع المظاهرات، وكان من الأولى أن تطال الفاسدين الحقيقيين».