مصر: تقرير قضائي يطالب بحل الحزب الوطني لمخالفته قانون الأحزاب

الكسب غير المشروع يتسلم تقارير عن ثروة مبارك وأسرته الأسبوع المقبل

TT

فجر تقرير قضائي مفاجأة كبرى بمطالبته المحكمة الإدارية العليا (أعلى درجات التقاضي بمجلس الدولة المصري) بحل الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابقا) الذي كان يترأسه الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وتصفية جميع أمواله بحيث تؤول إلى خزانة الدولة العامة، وذلك في الدعوى التي ستنظرها غدا (السبت) المحكمة الإدارية العليا. كما تستعد الجهات الرقابية لتقديم تقارير عن ثروة مبارك وأسرته الأسبوع المقبل.

واستند التقرير الصادر عن هيئة مفوضي الدولة بالمجلس إلى أن الحزب الوطني خرج عن المبادئ والقيم التي كان قد اتخذها ركيزة لتأسيسه، وهو ما ترتب عليه حدوث خلل اجتماعي وفساد سياسي وإهدار للحقوق والحريات التي يكفلها الدستور المصري، التي دفعت شعب مصر إلى القيام بثورة 25 يناير (كانون الثاني).

وأشار التقرير إلى أن الحزب الوطني حرص على الإمساك بمقاليد السلطة والهيمنة عليها والسعي لإضعاف القوى السياسية والأحزاب المناهضة له بتقييد حرية التعبير واعتقال أصحاب الآراء السياسية المخالفة له والتمييز بين أفراد الشعب المصري، مشيرا إلى أن من يقف خلفه ويسانده في تحقيق هدفه يكون مقربا ومدللا من الحكومة التي كان يشكلها الحزب من ذوي الحظوة والسلطة.

وذكر التقرير أن الحزب الوطني قام باختيار قياداته على أساس فئوي وطبقي، حيث أسند الوظائف القيادية به وبالحكومة وما يتبعها من مصالح وهيئات إلى ذوي النفوذ أو المقربين أو أصحاب رؤوس الأموال حتى يتسنى له السيطرة على مجريات الأمور في مصر، حيث كان الكثير من قياديي الحزب يجمع بين أكثر من منصب في الحكومة والمجالس النيابية.

وأضاف التقرير أن الحزب الوطني خالف مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين أفراد الشعب بأن جعل الوساطة والمحسوبية هي الوسيلة الأساسية للتعيين في الوظائف الحكومية وشغل المناصب العامة، حيث أعطى الأولوية في ذلك للمقربين من الحزب ومن يساندونه سرا وعلانية، دون النظر إلى باقي أفراد الشعب الذي كان مغلوبا على أمره قبل 25 يناير، مما أدى إلى حالة من الاحتقان بين فئاته.

وأشار التقرير إلى أن الوساطة والمحسوبية كانت معيارا لتوزيع أراضي الدولة للبناء عليها في المواقع الساحلية المتميزة أو لتحقيق الاستصلاح أو إقامة المشروعات، حيث لم يتبع في ذلك أية قواعد تحقق العدالة، وهو ما تأكد من حكم المحكمة الإدارية العليا في شأن إلغاء عقد بيع أرض «مدينتي»، إلى جانب أن نظام العلاج على نفقة الدولة بالخارج كان مقصورا على أشخاص بعينهم رغم أنهم قادرون على تلقي العلاج على نفقتهم الخاصة، في حين حال بين المستحقين للعلاج والعلاج على نفقة الدولة.

وذكر التقرير أن الحزب الوطني خالف أحكام الدستور من خلال السكوت عما اقترفته حكومة الحزب من الامتناع الصارخ عن تنفيذ العديد من الأحكام القضائية، خاصة ما تعلق منها بالانتخابات البرلمانية.

وأكد التقرير تعارض سياسات الحزب وأساليبه في ممارسة نشاطه مع النظام الديمقراطي، حيث اتبع الحزب أساليب القمع والتزوير في نتائج الانتخابات، مهدرا بذلك إرادة الشعب وحقه في انتخابات حرة ونزيهة، مشيرا إلى أن أبرز نتائج ذلك ما جرى في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة وأسفر عن مجلس غير شرعي ومزعزع، حيث انتهى الأمر إلى حله بعدما خرج المصريون في 25 يناير الماضي وما تلاها من أيام.

وأشار التقرير إلى أن الحزب وضع قيودا على الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بموجب التعديل الذي أجراه عام 2005 على بعض مواد الدستور، الذي كان يهدف في حقيقة أمره إلى تدعيم مبدأ التوريث وتقليل الإشراف القضائي على الانتخابات بما يجعله إشرافا وهميا وصوريا.

وأشار التقرير إلى أن الحزب سخر الأجهزة الأمنية ممثلة في وزارة الداخلية لخدمته وحماية أهدافه وليس لحماية الشعب؛ بل أصبحت جاهدة في حماية الحزب الوطني والحفاظ على بقائه لتكون بذلك قد بعدت عن وظيفتها الحقيقية.

وانتهى التقرير إلى أن ممارسات الحزب الوطني على هذا النحو أفقدته الشروط المقررة قانونا والمتطلبة لاستمرار قيامه، مما يجعله حله مستوجبا، مؤكدا مسؤولية جميع أعضاء الحزب عن ذلك، موضحا أن حل الحزب لا يحول دون قيام باقي أعضائه بتكوين حزب آخر جديد يتفادى المخالفات السابق وقوعها من الحزب القديم عملا بمبدأ حرية تكوين الأحزاب، على أن يتوافر للحزب الجديد الشروط المنصوص عليها في قانون الأحزاب السياسية.

إلى ذلك، كشف رئيس جهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل المصرية المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل، أن عددا من الجهات الرقابية المختصة (هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات ومباحث الأموال العامة وغيرها من الجهات) انتهت بالفعل من إعداد التقارير الخاصة بتفاصيل ثروة أسرة الرئيس السابق حسني مبارك وأفراد أسرته جميعا، مشيرا إلى أنه ينتظر أن يتسلم الجهاز تلك التقارير منتصف الأسبوع المقبل.

وقال المستشار الجوهري في تصريحات صحافية له أمس إنه تم تشكيل لجنة تضم مجموعة من القضاة والمستشارين، ستكون في حالة انعقاد دائم وتستعين في أداء مهامها بمن تراه مناسبا لتقوم باتخاذ الإجراءات كافة اللازمة لمنع الرئيس السابق وأسرته وكذلك كبار المسؤولين والوزراء السابقين من التصرف في ما قد تسفر عنه التحريات من مستندات تؤكد امتلاكهم لأموال عقارية أو منقولة أو سائلة أو حسابات مصرفية خارج مصر.

وأوضح أن الجهاز تسلم تقارير الأجهزة الرقابية بشأن ثروة المهندس محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق، وكذلك ثروة أسرة وزير شؤون مجلس الشعب الأسبق المرحوم كمال الشاذلي، مشيرا إلى أن لجنة الفحص والتحقيق بدأت على الفور في استيفاء التحقيقات بشأنهما، حيث سيتم يوم الاثنين المقبل الاستماع إلى أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية الذي أعد تلك التقارير، وذلك تمهيدا لسؤال محمد إبراهيم سليمان وأسرة المرحوم كمال الشاذلي.

وأكد المستشار الجوهري أن الأجهزة الرقابية أوشكت أيضا على الانتهاء من تقاريرها بشأن ثروة كل من صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق، والدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق، والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق وأفراد أسرهم جميعا، وسوف يتم تسليمها للجهاز الأسبوع المقبل أيضا.