العراق في صميم العمل العربي.. ويحاول إقناع الآخرين بـ«نموذجه الديمقراطي»

تعليق عضوية ليبيا في الجامعة أبرز دوره بفضل استضافته المفترضة للقمة المرتقبة

فندق قيد الإنشاء في بغداد استعدادا للقمة العربية المرتقبة (نيويورك تايمز)
TT

بعد تعليق عضوية ليبيا في جامعة الدول العربية الشهر الماضي، انتهت القيادة الفعلية إلى العراق، تلك الدولة العربية التي لديها أكبر قدر من التجارب - الكثير منها أليم - مع حملة عسكرية بقيادة أجنبية ضد دكتاتور لا يحظى بشعبية.

وعلى الرغم من كل هذه الآلام التي لم تنته بعد، فإن وزير الخارجية هوشيار زيباري هرع إلى باريس مساء الجمعة الماضي للانضمام إلى حلفاء عرب وغربيين، حيث تحدث بصورة عاطفية عن تأييده لاتخاذ إجراءات ضد ليبيا، مستشهدا بحظر الطيران الذي فرضته الولايات المتحدة على شمال العراق الذي وفر حماية للمواطنين الأكراد من صدام حسين خلال الأعوام التي سبقت الغزو الأميركي للعراق، وذلك بحسب ما قاله مسؤول بارز شارك في جلسات النقاش داخل باريس.

ويخطط زعماء عراقيون - يواجهون حركات احتجاجية داخل العراق - لاستخدام ديمقراطيتهم التي تعاني من مشكلات ولا تزال تشهد عمليات إراقة دماء، كنموذج لدول بمنطقة الشرق الأوسط. ويحصل العراق على دور دبلوماسي أكبر داخل شؤون المنطقة بحكم أنه البلد المضيف لاجتماعات القمة السنوية الخاصة بجامعة الدول العربية - عندما يتولى رئاسة جامعة الدول العربية - في مايو (أيار).

ويقول لبيد عباوي، وكيل وزير الخارجية الذي ترأس لجنة لتجهيز بغداد لاجتماع القمة: «إذا كانت ثمة رسالة سياسية، فهي أن العراق يعود ليلعب دورا أكثر أهمية وإيجابية في المنطقة العربية». ويتوقع بعض الدبلوماسيين العراقيين الخروج من القمة المرتقبة بما قد يطلق عليه باسم «إعلان بغداد»، وهو بيان سيحدد مبادئ الديمقراطية الحديثة في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن المكاسب الكبيرة هنا، سيحظى أي إعلان من هذا النوع بنوع من السخرية غير المقصودة، فلا يزال العراق، حيث فرضت القوة الأميركية الديمقراطية فيه، يشهد تقلبات. وتقع هجمات للمتمردين بصورة يومية. وأثار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مخاوف البعض مؤخرا من خلال تحركات تهدف إلى تعزيز النفوذ على السلطة القضائية والقوات الأمنية. وصنفت مؤسسة الشفافية الدولية العراق في المرتبة الرابعة بين الدول الأكثر فساد في العالم خلال العام الماضي. ولا يزال العراق يشهد أعمال عنف تستهدف المدنيين أكثر مما تشهد أفغانستان، ولا يزال هناك قتلى بين صفوف الجنود الأميركيين هناك، وقد قتل جندي يوم الأحد جراء انفجار قنبلة زرعت على جانب الطريق في الجنوب.

وقال دبلوماسي بارز في بغداد، شريطة عدم ذكر اسمه كي يحافظ على علاقاته مع القيادة العراقية: «لديهم بعض مؤسسات الديمقراطية وبعض العادات، ولكن ليس لديهم العقلية. السياسة في العراق محصلتها صفر». وفي العام الماضي ذهب أكثر من 60 في المائة من العراقيين إلى صناديق الاقتراع في انتخابات برلمانية، اعتبرها مراقبون دوليون نزيهة وديمقراطية بدرجة كبيرة. ولكن يقول الكثير من النقاد إنه في دولة يختلط فيها الدين بالسياسة تزداد الهجمات التي تستهدف الحق في التجمع والتعبير عن النفس وحريات الصحافة.

وتقول آلا طالباني، وهي نائبة كردية في البرلمان: «بالطبع الديمقراطية لا تعني انتخابات فحسب، فالديمقراطية عقيدة وممارسة. والانتخابات مجرد آلية..».وقد شهد العراق احتجاجات واسعة النطاق ليس بهدف الإطاحة بالحكومة، ولكن من أجل تحسين أدائها. وتبقى الهوة بين النخبة السياسية بالمنطقة الخضراء والشارع العراقي واسعة، كما تشير الحركة التي يقودها شباب عراقيون - مستوحاة بصورة جزئية من الأحداث داخل مصر وتونس - إلى مسعى للترويج لصورة محلية للديمقراطية، مختلفة عن تلك المفروضة في أعقاب الغزو الأميركي.

وقد أرجئت بالفعل القمة العربية التي كان مقررا عقدها في مارس (آذار)، بسبب الاضطرابات التي تشهدها المنطقة. وعلى الرغم من أن زيباري أكد على أن العراق يمضى قدما في هذا الصدد، أعرب مشرعون ودبلوماسيون سرا عن شكوكهم، وتساءلوا: هل سيجرؤ قادة عرب على ترك بلادهم في ظل المخاوف من الإطاحة بهم في حال غيابهم؟

وفي هذه الأثناء، تجري عمليات تجديد داخل شوارع بغداد لتجهيز المدينة لمجيء الزعماء العرب، إذا ما وصلوا، وللتأكيد على السمات التي تبعث نوعا من الأمل في الانتقال العراقي. ويجري تجديد فنادق، يظهر على الكثير منها آثار التفجيرات. وسيتم تفكيك حوائط خراسانية تستخدم للوقاية من التفجيرات وتسيطر على الشكل الجمالي داخل بغداد، وكذا سيحدث مع الكثير من نقاط التفتيش على الطريق الذي يؤدي من المطار إلى وسط المدينة. ولا يزال فندق خمسة نجوم مخطط لإنشائه داخل المنطقة الخضراء في مرحلة التشييد ويظهر حوله الكثير من سقالات البناء.

* خدمة «نيويورك تايمز»