دبي تحبط تهريب شحنة 16 ألف مسدس من تركيا إلى صعدة اليمنية

ضاحي خلفان لـ«الشرق الأوسط»: لا نستطيع أن نتهم الحوثيين.. والشحنة لم تكن مرسلة لجهة عسكرية

TT

في أكبر عملية ضبط لشحنة أسلحة مهربة تشهدها المنطقة، أعلنت شرطة دبي أمس أنها أحبطت محاولة تهريب شحنة أسلحة ضخمة قادمة من تركيا ومتجهة إلى محافظة صعدة في اليمن، هي عبارة عن 16 ألف مسدس مع كامل معداتها ومستلزماتها، كان من المخطط لها أن ترسو في ميناء خليجي لكن تغير ترتيبات المهربين في آخر لحظة دفعها باتجاه دبي. ورفضت شرطة دبي أن تؤكد ما إذا كانت الشحنة التي تبلغ قيمتها 16 مليون درهم إماراتي كانت متوجهة إلى جماعة الحوثيين في صعدة، مكتفية بالقول إن من يقف وراءها تجار أسلحة، وتم توقيف ستة أشخاص من جنسيات عربية ضالعين في القضية. واعتبر الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي في مؤتمر صحافي أمس أن هذه الأسلحة هي أسلحة فردية، وهي أسلحة اغتيالات، «فقد تكون أسلحة يراد لها أن تقوم بعمليات اغتيال في هذا البلد الذي يعاني الويلات».

وأشار خلفان إلى أن هذه الشحنة كانت ذاهبة باتجاه صعدة، رافضا في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» تأكيد ما إذا كانت الشحنة متجهة إلى الحوثيين، قائلا: «لا نستطيع أن نتهم الحوثيين حتى يتضح من يقف وراء هذه الشحنة»، نافيا أن تكون الأسلحة هي لصالح جهة عسكرية في اليمن، رافضا في ذات الوقت اتهام الحكومة اليمنية التي تعاني من موجة احتجاجات شعبية عارمة في الشارع اليمني، «هذه الشحنة لم تكن ذاهبة إلى حكومة.. فبإمكان الحكومة الحصول على الأسلحة عبر القنوات الطبيعية وبشكل شرعي».

وأبدى الفريق ضاحي خلفان تميم استهجانه لاستقدام هذه الكمية الهائلة من الأسلحة الفردية إلى اليمن، معتبرا أن اليمن بحاجة إلى الخبز بدلا من السلاح، «فإن كنت لا تملك رغيف الخبز فلماذا تريد توفير السلاح؟»، معتبرا أن 16 مليون درهم إماراتي تقريبا كانت كفيلة بمساعدة عائلات يمنية كثيرة.

وتعود بداية تفاصيل قضية الضبط إلى ورود معلومات إلى الإدارة العامة لأمن الدولة تفيد بدخول شحنة من الأسلحة النارية إلى إمارة دبي، حيث أسفرت التحريات عن تأكيد صحة المعلومات والتوصل إلى مكان وجود الشحنة التي تم إخفاؤها في أحد المستودعات الكائنة في دبي، حيث بادرت أجهزة الأمن بوضع خطة عمل متكاملة لضبط الشحنة وكشف كل عناصر الشبكة المتورطة في تهريبها، حيث تبين أن الشحنة الموجودة داخل الحاوية المشكوك فيها تتكون من مجموعة من الصناديق المغلفة بأكياس بلاستيكية بيضاء اللون، وبمعاينتها اتضح أنها تحوي كمية من الأثاث استخدمت لإخفاء الأسلحة المهربة، حيث قام المهربون بإخفاء صناديق الأسلحة في وسط الحاوية وتعمدوا إحاطاتها بصناديق الأثاث للتمويه وتضليل الأجهزة الأمنية والرقابية عند منافذ العبور، وبفرز الشحنة المهربة تبين أنها تحتوي على كمية ضخمة من الأسلحة النارية بلغ مجموعها ما يقارب ستة عشر ألف سلاح ناري خفيف، وهي عبارة عن مسدسات متنوعة الأشكال والأحجام ذات عيارات مختلفة، بالإضافة إلى مخازن طلقات إضافية للأسلحة المهربة ومعداتها.

وقد أسفرت عملية البحث والتحري عن معلومات مهمة حيث اتضح من خلال مراجعة بيانات الشحنة وخط سيرها أن الأسلحة المهربة قدمت إلى دبي من تركيا عن طريق البحر بواسطة شركة شحن، مرورا بميناء بورسعيد بجمهورية مصر العربية، ومنها إلى أحد المنافذ البحرية في دبي.

وقال القائد العام لشرطة دبي إن أجهزة الأمن في دبي تمكنت من تحديد هوية مجموعة من الأشخاص من المقيمين في الإمارات دلت التحريات على تورطهم في محاولة التهريب المحبطة، وهم من الجنسية العربية، «تم إلقاء القبض عليهم، ومواجهتهم بالمعلومات التي أسفرت عنها التحريات التي أوضحت دور أولئك الأشخاص والمتمثل في تسلم الشحنة وتخليص إجراءاتها الجمركية ومن ثم تخزينها في المستودع الذي ضبطت فيه الحاوية.. ومع مواصلة البحث والتحري تمكن الفريق الأمني من تحديد بقية العناصر الإجرامية المتورطة في القضية، والقبض على الشخص الذي قام بتهريب الشحنة إلى دبي».

وكشفت التحقيقات أن شحنة السلاح كانت موجهة في الأساس إلى إحدى الدول الخليجية بهدف تهريبها من هناك إلى اليمن، إلا أن الشحنة لم يكتب لها الوصول إلى الميناء المنشود نتيجة لأسباب إجرائية، حيث لم يتوفر الخط الملاحي المباشر الذي يسمح بذلك، الأمر الذي أجبر المتورطين في عملية التهريب إلى اللجوء إلى خطة بديلة بإدخال الشحنة إلى الأراضي الإماراتية ليعاد شحنها بعد ذلك إلى الميناء المستهدف وصولا إلى الجهة المقصودة في المحطة الأخيرة للشحنة في اليمن.

ووفقا لنتائج التحقيقات فإن الأسلحة المضبوطة تم تصنيعها في أحد المصانع في تركيا والعائد لشخص يدعى عرفان، حيث قضت الخطة بأن يتولى شخص يُدعى فائق شحن الأسلحة بطريقته الخاصة من تركيا إلى إحدى الدول الخليجية، مستعينا بأشخاص آخرين، ومن ثم تهريبها إلى اليمن حيث كان من المفترض أن يتسلمها هناك صاحب الشحنة المدعو حميد (يمني)، الذي طلب تغيير ميناء الوصول مما اضطرهم إلى تغيير بوليصة الشحن لإدخال الحاوية إلى دبي، حيث عاونهم في ذلك شخص عربي الجنسية بهدف إعادة شحنها إلى الدولة الخليجية ومن ثم تهريبها جمهورية اليمن.

ووفقا لشرطة دبي وفي ضوء ما قدمته التحقيقات من معلومات، قامت قوات الأمن في دبي بإعداد كمين محكم للمدعو فائق والقبض عليه أثناء محاولته إعادة شحن الأسلحة المهربة من دبي إلى خارج الدولة، محبطة بذلك «المخطط الإجرامي الآثم». وأشار خلفان إلى أن شرطة دبي باشرت الاتصال والتنسيق مع الجانب التركي في ما يتعلق بهذه الشحنة والجهة التي تقف وراءها، كما أن الاتصالات جرت بنفس الوتيرة مع الجانب المصري وإحدى الدول الخليجية المعنية، بالإضافة إلى الجمهورية اليمنية لاستكمال إجراءات المتابعة والتنسيق.