التشكيلة الحكومية تطبخ في سورية.. والأسد يستقبل شقيق ميقاتي وجنبلاط

حزب عون يشن هجوما عنيفا على الرئيس المكلف

الأسد مستقبلا جنبلاط في القصر الرئاسي بدمشق أمس في صورة وزعتها وكالة «سانا» السورية الرسمية (إ.ب.أ)
TT

انتقلت المحادثات الجدية لتشكيل الحكومة اللبنانية إلى العاصمة السورية التي تستضيف الموفدين المعنيين بالملف الحكومي وبشكل علني منذ أكثر من يومين، مما يوحي بأن سورية أعطت الضوء الأخضر للتأليف، وهي تشارك اليوم في حلحلة بعض العقد اللبنانية الداخلية المستعصية على اللبنانيين أنفسهم.

ولهذه الغاية استقبلت سورية وعلى التوالي شقيق الرئيس المكلف، طه ميقاتي، فمعاوني أمين عام حزب الله والرئيس نبيه بري، حسين خليل، وعلي حسن خليل، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ورئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط.

ولم تخف كل البيانات الرسمية الصادرة بعد لقاءات الرئيس السوري بشار الأسد بالموفدين اللبنانيين تطرقه للملف اللبناني وبالتحديد للجهود المبذولة للإسراع بتشكيل الحكومة. واسترعى الانتباه رمي النائب جنبلاط مباشرة وبعد عودته من دمشق كرة التعطيل في ملعب «بعض اللبنانيين» قائلا: «بعض المطالب المستحيلة للبنانيين هي من أسباب تأخير تشكيل الحكومة، إضافة إلى الضغط الأميركي على الرئيس المكلف».

وأوضحت مصادر قريبة من عملية التأليف أن «الحركة الحاصلة حاليا، خاصة في سورية، والاتصالات الجارية وعلى أكثر من مستوى، كفيلة بكسر حلقة المراوحة التي يشهدها الملف الحكومي داخليا». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحكى عن حكومة في غضون ساعات ليس بالكلام الدقيق على الرغم من أن المشاورات الحاصلة تستند إلى المسودات التي أعدها الرئيس ميقاتي، لكن الاتصالات تأخذ مداها للخروج بالتشكيلة الأنسب».

في غضون ذلك، ارتفعت نبرة خطاب نواب وقياديي التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب ميشال عون، فخرج هؤلاء في حملة عنيفة على رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي؛ فاتهموا الأول بشل التشكيل وبتحوله فريقا سياسيا، والثاني بالانصياع للضغوط التي تمارس عليه وضبط ساعة إعلان التشكيلة بحسب مواقيت محددة. وقال المنسق العام للتيار الوطني الحر بيار رفّول لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الساعة لم يحصل أي حديث جدي معنا، ولم تطرح علينا أية تشكيلة حكومية. كل ما جرى النقاش فيه هو مسألة العدد، ولم يتم التطرق للحقائب أو غيرها».

واستغرب رفول انقطاع الاتصال المباشر بين الرئيس المكلف وعون وقال: «هو يعمل بطريقة غير منطقية؛ فحينا يطرح حكومة تكنوقراط، وحينا آخر حكومة من 24 وزيرا، وأحيانا من 26، حتى إنه على ما يبدو يضبط ساعة إعلان التشكيلة مع بعض المواقيت كمناسبة 13 آذار (مارس) أو صدور القرار الظني، وغيرها، علما بأن تضييع الوقت ليس من مصلحته».

وردا على سؤال، شدد رفول على أنه «ليس الرئيس ميقاتي هو من يقرر شكل الحكومة التي يريد؛ بل مجموع القوى الفاعلة التي يتوجب الحديث معها بشكل واضح» وقال: «إذا أردنا أن نتطرق لموضوع الإحجام، فالرئيس ميقاتي معه نائب واحد، بينما نحن الكتلة الأكبر في الأكثرية الجديدة، وبالتالي لن نسمح بالسطو على حقوقنا، لأننا لسنا مملكة أو إمارة للتحكم فينا».

وجزم رفول بأن «الرئيسين سليمان وميقاتي لن يحصلا على الثلث المعطل ليتحكما في العمل الحكومي، كما أن رئيس الجمهورية لن يحصل على الإطلاق على وزارة الداخلية التي سيتسلمها أحد المحسوبين على الأكثرية الجديدة» وقال: «مع أننا نحترم الوزير بارود، إلا أن وزارة الداخلية استخدمت بطريقة كيدية في الانتخابات النيابية الماضية والرئيس سليمان يستعمل الأجهزة الأمنية لأغراض فردية. إذا أراد رئيس الجمهورية أن يعمل بالسياسة فسنتعاطى معه على هذا الأساس».

من جهتها، رفضت مصادر ميقاتي الخوض في أي سجال مع عون، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقة مع العماد عون جيدة ولا إشكالية بيننا، كل ما في الأمر أن الرئيس ميقاتي يقوم بمهامه الدستورية ويجري اتصالاته ولقاءاته وفق ما يراه هو مناسبا».

وتوجه عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب زياد أسود للرئيس المكلف بالقول: «مسار تشكيل الحكومة بهذا الشكل ليس سليما، يجب أولا أن تستعجل أكثر، وثانيا التواصل لا يكون عبر (الحمام الزاجل) بل يجب أن تدخل في العمق أكثر». وأضاف: «إذا ظللنا بهذا الأسلوب المؤسساتي الفينيقي، سينتهي المسيحيون، وما دام أننا لا نتكلم وليس لدينا جرأة قول الأمور كما هي، فلن نستطيع الوصول إلى أي مكان».

وفي ضفة المعارضة الجديدة، اعتبر عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب نديم الجميل أن هناك «عدم إمكانية لتشكيل الحكومة من قبل الرئيس نجيب ميقاتي»، داعيا إياه إلى «الاعتذار عن تأليفها على خلفية الحاجة الملحة للبلاد إلى حكومة جديدة».

وأعرب وزير الدولة لشؤون مجلس النواب في حكومة تصريف الأعمال ميشال فرعون عن أسفه «لكيفية التعاطي مع موضوع تأليف الحكومة بهذا المستوى، خصوصا بعد أن أعلن فريق (14 آذار) صراحة عدم موافقته على المشاركة بعد الموقف الذي أعلنه الفريق الآخر»، موضحا في سياق متصل أن «الفارق كبير بين الدعم الخارجي لتحصين الاستقرار وتأمين مناخ الحوار من أجل تسهيل تأليف الحكومات، كما حدث في السنوات الماضية، وبين الاستقواء بالخارج وبالسلاح لفرض معادلة لا تعكس الحقيقة الشعبية والديمقراطية».