لبنان: لا معلومات عن الأستونيين الـ7 المخطوفين ومئات الأجانب يغادرون لبنان خوفا

مصادر تؤكد لـ «الشرق الأوسط» احتراف الخاطفين

TT

تصدّر حادث اختطاف سبعة أستونيين في ظروف غامضة في البقاع اللبناني أول من أمس اهتمام الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان، التي واصلت ومن دون توقف عمليات الدهم والبحث عن المخطوفين، ولكن من دون أن تمسك بخيط واحد يقود إلى كشف مصيرهم، أو المكان الذي لجأ إليه الخاطفون والدافع إلى مثل هذا الحادث الخطير الذي بدأت آثاره السلبية تنعكس على لبنان، عبر مغادرة مئات الأجانب الأراضي اللبنانية إثر شيوع هذا الخبر.

ووضع هذا الحادث الأمن اللبناني في الواجهة، بعدما أعاد إلى الذاكرة عمليات خطف الأجانب التي كان يشهدها لبنان إبان سنوات الحرب الأهلية. وكشفت مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن «آثار هذا الحادث الخطير بدأت ترتد سلبا على لبنان، من خلال مغادرة مئات الأجانب الأراضي اللبنانية، إما عبر الحدود البرية، وإما عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، بالتزامن مع دعوات وجهتها بعض الدول الغربية لرعاياها الموجودين في لبنان لمغادرته، وتقديم النصح لمواطنيها بعدم السفر إلى لبنان في الوقت الحاضر حفاظا على سلامتهم».

وشملت عمليات الدهم والبحث والتفتيش أمس جرود منطقة كفرزبد، ومحيط معسكرات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، التي نفت أي علاقة لها بالحادث. وترافق ذلك مع دوريات للوحدات الأمنية والجيش اللبناني استمرّت طوال يوم أمس في المنطقة الممتدة من المدينة الصناعية قرب مدينة زحلة، مرورا بكفر زبد وصولا إلى دير زنون والمصنع، بالإضافة إلى حواجز تفتيش.

وأوضح مصدر أمني مواكب للتحريات القائمة لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا معلومات مؤكدة عن الجهة الخاطفة ومكان وجود المخطوفين، لكن الأجهزة الأمنية تأخذ بعدد من الفرضيات، وهي لا تستبعد وقوف فصيل فلسطيني مرتبط بالنظام الليبي وراء هذه العملية». وأشار إلى أن «المعطيات المتوفرة حتى الآن تبيّن أن الحادث له خلفيات سياسية، وأن المنفذين عبارة عن مجموعة محترفة يبدو أنها خططت للعملية مسبقا، وتتبعت حركة المخطوفين ثم انقضت عليهم وأخفتهم بسرعة قياسية، مستفيدة من التوقيت الذي تزامن مع غروب الشمس، ومن عامل الجغرافيا الذي سهّل تحركهم بفعل اختيار المكان بالقرب من المعسكرات والمربعات الأمنية التابعة لتنظيمات فلسطينية». وتابع أن «الأجهزة الأمنية حاولت تتبع خطوط هاتفية كانت بحوزتهم إلا أن ذلك لم يؤدِّ إلى أي نتيجة»، لافتا في الوقت نفسه إلى أن «هناك اتصالات بين السلطات اللبنانية والأستونية للتعاون في عملية معرفة مصير المخطوفين».

وكان وزير خارجية أستونيا أورماس بايت قد أكد على اختطاف الأستونيين السبعة، وذكرت وزارة خارجية أستونيا في بيان أن لجنة خاصة لمواجهة الأزمات شكلت للتعامل مع الحادث، وأن بايت أجرى اتصالا مع السلطات اللبنانية. وأضافت الوزارة: «أكدت السلطات اللبنانية أنها ستساعد أستونيا بأي صورة ممكنة لتسوية هذا الوضع. ووزارة الخارجية على اتصال مع أسر جميع المواطنين المختطفين». وفي حديثه لتلفزيون أستونيا قال بايت إنه ليست لديه أي معلومات حتى الآن في ما يتعلق بسبب الخطف أو مطالب الخاطفين.

وطغى خبر هذا الحادث على متابعة تطورات تأليف الحكومة، وحظي بمتابعة وقراءة سياسية، فرأى عضو كتلة المستقبل، النائب أحمد فتفت، أن «مكان حصول اختطاف الأستونيين السبعة وطريقته توحي أن هناك شبكة معيّنة ولديها حمايات قامت بهذا العمل في ظل عدم إمكانية القوى الأمنية الدخول إلى جميع المناطق لأسباب عدة معروفة في منطقة البقاع». ووصف الحادث بأنه «سيناريو خطير جدا، لأنه يعيد لبنان إلى الثمانينات، حقبة خطف الأجانب، إما لأسباب مادية وإما لأسباب سياسية». وقال: «هناك رسالة للجميع بإمكانية العودة إلى الوراء في الملف الأمني اللبناني، وهذا أمر خطير جدا على اللبنانيين ورسالة خطيرة جدا حيال مستقبل لبنان، إضافة إلى الرسائل الخطيرة التي سمعناها والتي أدت إلى الموقف الذي أعلنه ملك البحرين لجهة منع اللبنانيين من الدخول إلى البحرين ومقاطعة الطيران، وكل هذه الأمور تدخل في حرب أمنية اقتصادية يريد البعض منها المزيد من الانهيار للساحة اللبنانية، علّه يستولي عليها بسهولة أكبر».

أما عضو كتلة الكتائب اللبنانية، النائب إيلي ماروني، فاعتبر أن «ما حصل أمر خطير جدا، وخصوصا في ما سيترتب عليه من إجراءات وتراجع في عدد السائحين والتخوف لدى الأجانب، وهذا يؤدي إلى ضرب الاقتصاد»، معتبرا أن «منفذي العملية عددهم أكبر من عدد المخطوفين وبحوزتهم أدوات وآليات سهلت قيامهم بالاختطاف»، لافتا إلى أن «عملية الخطف ليست عشوائية»، ورأى أن «هناك جهات كثيرة تستفيد من تدهور الوضع في لبنان كدول إقليمية تريد إلهاء الرأي الدولي عما يحدث على أرضها».