«طريق الحرية» شمال الضفة يعكس ثقافتي «البناء» و«الهدم» في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي

هدمته قوات الاحتلال مرتين وفياض يتعهد ببنائه مرة ثالثة

TT

يمثل «شارع الحرية» في قرية قراوة بني حسان، بمحافظة سلفيت شمال الضفة الغربية، الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، حيث «البناء» و«الهدم»، كما يختزل الصراع على السيادة على مناطق واسعة من الضفة الغربية التي يطلق عليها وفق اتفاق أوسلو عام 1993، مناطق «ج»، وهي المناطق من الضفة الغربية التابعة إداريا وأمنيا لإسرائيل وتمثل نحو 60 في المائة من الضفة.

وأمس، هدمت إسرائيل هذا الشارع للمرة الثانية في غضون 3 أشهر، بعدما بنته حكومة سلام فياض مرتين، وتعهدت هذه المرة ببنائه مرة ثالثة، ورابعة وخامسة، في معركة النفس الطويل.

وقال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، غسان الخطيب، لـ«الشرق الأوسط» إن «عقلية الهدم التي تعمل وفقها إسرائيل ستنهزم أمام عقلية البناء التي تتبناها السلطة». وأضاف «سنبني الشارع مرة ثالثة، هذه هي مدرستنا، مدرسة البناء. والتاريخ يقول إن هذه المدرسة ستنتصر على مدرسة الهدم».

ويكتسب الشارع أهمية استثنائية لأهالي القرية، إذ يربطها بنبع النويصف الشهير في المنطقة، الذي يخدم آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية هناك. ويقع الشارع في منطقة «ج»، وطلبت السلطة في يناير (كانون الثاني) الماضي، تصريحا من إسرائيل ببناء الشارع، فلم ترد إسرائيل على الطلب، فقرر رئيس الوزراء بناء الشارع من دون موافقة الإسرائيليين كما تجري العادة، وذهب بنفسه وافتتح الشارع، قائلا إنه لا يعترف بالحدود بين مناطق «أ» و«ب» و«ج»، وإن معركة البناء ستتواصل لتعزيز صمود الناس، نحو إقامة الدولة الفلسطينية.

وأمام ذلك، ردت إسرائيل فورا بكتاب خطي للمجلس المحلي هناك، طلبت فيه منهم هدم الشارع بسبب عدم حيازته على الترخيص اللازم، فلما لم يستجب الفلسطينيون لهذا الطلب، حضرت جرافات الاحتلال ودمرت الشارع، فما كان من فياض إلا أن عاد وزار الشارع وأمر بتعبيده مرة أخرى، بعد أن أطلق عليه اسم «شارع الحرية»، حتى عادت إسرائيل مرة أخرى وهدمته أمس.

ويبلغ طول الشارع نحو كيلومترين، وبلغت تكلفة تنفيذه نحو 400 ألف دولار، بحسب المجلس المحلي لقراوة بني حسان. وقال الخطيب «هذا الشارع يختزل الصراع بين ثقافتين مختلفتين، إننا لا نبني خنادق ومعسكرات حربية، وإنما شوارع ومدارس».

وهذا الصراع بين الثقافتين، يرتبط أساسا بالصراع على الأرض، ويقول فياض إنه لا يعترف بمناطق «ج» ويصر على دعم البناء في المناطق التي تشكل 60 في المائة من مساحة الضفة وتعوق من وجهة نظره العجلة الاقتصادية ومشروع بناء الدولة.

وأدان فياض بأشد العبارات، أمس، إقدام الجيش الإسرائيلي على تدمير «طريق الحرية» للمرة الثانية، وقال في بيان «تلقيت باستياء شديد خبر إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على تخريب وتدمير (طريق الحرية) في قراوة بني حسان للمرة الثانية، الذي كنا قد أعدنا ترميمه وتجهيزه للتسهيل على حياة الأهالي والمزارعين للوصول إلى أراضيهم»، وأضاف «إن تدمير هذا الطريق وما يرمز إليه من روح التحدي والأمل والإصرار على ممارسة شعبنا لحقه في الحياة والعيش على أرض وطنه بحرية وكرامة، هو عمل مدان ومستهجن بأشد العبارات».

وتابع القول «قامت إسرائيل بتدمير هذا الطريق بحجة أنه يقع في المنطقة التي تصنفها (ج)، ونحن لا نعترف بهذه التصنيفات، فهذه الأرض هي أرض فلسطينية، وهي جزء لا يتجزأ من أرضنا المحتلة منذ عام 1967، وسنواصل القيام بمسؤولياتنا إزاء شعبنا في كل مكان بما في ذلك هذه المناطق».

وأكد فياض أن السلطة الوطنية ستقوم بإعادة ترميم وتعبيد «طريق الحرية» الذي تم إزالته بالكامل، وذلك في أسرع وقت لتمكين الأهالي والمزارعين من الوصول إلى أراضيهم، وقال «فليطمئن أهلنا في قراوة بني حسان، سنقوم بتعمير هذا الطريق معا في أسرع وقت ممكن»، وأضاف «هم يخربون ونحن نعمر ونبني من منطلق إصرار شعبنا على الحرية والحياة، وسعيه المتواصل لاستكمال وتحقيق الجاهزية الوطنية لإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف».