الأسد يعلن عن حزمة قرارات إصلاحية.. وشعبان: سورية مستهدفة وهناك حركة مسلحة في درعا

حزب البعث يعلن تشكيل لجنة لمحاسبة المتسببين بالأحداث الأخيرة والمعارضة ترفضها

بثينة شعبان المستشارة الإعلامية والسياسية في الرئاسة السورية (إ.ب.أ)
TT

سخرت المستشارة الإعلامية والسياسية في الرئاسة السورية بثينة شعبان مما يقال «عن وجود جماعات من حزب الله في درعا»، وقالت «إنه من المضحك ومن السخرية أن تقول بعض وكالات الأنباء هذا الكلام»، مضيفة: «أولئك لا يعرفون قيمة سورية ولا إمكاناتها ولا مكانتها». وأكدت شعبان التي أعلنت أمس رزمة من الإصلاحات السياسية قالت إنه سيبدأ العمل بها فورا، على أن سورية «دولة قادرة على إدارة أمورها بنفسها وهذا جزء من التجييش الإعلامي وإعطاء صورة بأن أمرا خطيرا جدا وغير متدارك يحصل». وقالت إن «المطالب المحقة» تنال عناية الرئيس بشار الأسد والقيادة السورية بكل «حرص» محذرة ممن يريد أن «يصطاد في الماء العكر أو أن يقول كلمة حق يراد بها باطل».

وأعلنت شعبان في مؤتمر صحافي عقد مساء يوم أمس في القصر الجمهوري عن حزمة من القرارات اتخذتها القيادة السياسية في سورية تتعلق بأحداث درعا وقالت إن «القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي برئاسة الرئيس الأسد، الأمين العام القطري للحزب، انعقدت وأصدرت عدة قرارات تتعلق بأحداث درعا الأخيرة، كتشكيل لجنة لمحاسبة المتسببين والمقصرين فيها» ولفتت إلى أن «القرارات تضمنت زيادة الرواتب للعاملين في الدولة» تصل إلى حد الـ30 في المائة.

ورفضت شخصيات كبيرة من المعارضة السورية اللجنة التي الأسد بتشكيلها، وقال معارضون بارزون في سورية وخارجها إن الأسد تقاعس عن اتخاذ إجراءات فورية للاستجابة للمطالب المتزايدة بإطلاق سرح آلاف السجناء السياسيين والسماح بحرية التعبير والتجمع وإلغاء قانون الطوارئ الذي يحكم سورية.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قال في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، إن سورية مستقرة وإن شرارة الثورات في مصر وتونس لن تصلها، كما أعلن حينها أنه ليس عليه التعجل بإدخال إصلاحات. وأشار إلى أن لديه وقتا أكثر من الرئيس حسني مبارك كي يجري إصلاحات بما أن معارضته لإسرائيل وأميركا جعلت موقعه أفضل في بلاده. وعدد الأسد من ضمن الإصلاحات التي سيقام بها هذا العام إجراء انتخابات بلدية ومنح المنظمات غير الحكومية المزيد من السلطات وسن قانون جديد للإعلام. واستبعد تبني إصلاحات سريعة وجذرية، معللا ذلك بحاجة بلاده إلى «بناء المؤسسات» وتحسين التعليم قبل انفتاح النظام السياسي، وحذر من أن المطالب بالإصلاحات السياسية السريعة قد يكون لها رد فعل سلبي «في حال لم تكن المجتمعات العربية جاهزة لها».

وتنقسم القرارات التي أعلنت عناه شعبان أمس إلى قسمين: الأول يتعلق بالمجال المعاشي والخدمي، والثاني على المستوى السياسي. وأهمها في المجال المعاشي والخدماتي: «تشكيل لجنة عليا مهمتها الاتصال بالإخوة المواطنين في درعا، والإصغاء إليهم لمعرفة واقع الأحداث وملابساتها، ومحاسبة المتسببين والمقصرين، ومعالجة جميع الآثار الناجمة عنها بما يستجيب لمطالب الإخوة المواطنين المحقة. وزيادة رواتب العاملين في الدولة بصورة فورية بما ينعكس إيجابا على وضعهم المعيشي. وإيجاد التمويل اللازم لتأمين الضمان الصحي للعاملين في الدولة. وتوفير الإمكانات والموارد اللازمة لزيادة فرص العمل سواء لخلق وظائف جديدة للشباب العاطلين عن العمل أو لتثبيت العمال المؤقتين. وإجراء تقويم واسع للأداء الحكومي والقيادات الإدارية والمحلية واتخاذ القرارات بشأنها بصورة عاجلة».

أما على المستوى السياسي فقد تقرر «وضع آليات جديدة وفعالة لمحاربة الفساد وما يتطلبه ذلك من إصدار للتشريعات وإحداث للهيئات اللازمة له ودراسة إنهاء العمل بقانون الطوارئ بالسرعة الكلية مع إصدار تشريعات تضمن أمن الوطن والمواطن. وإعداد مشروع لقانون الأحزاب في سورية وتقديمه للحوار السياسي والجماهيري. وإصدار قانون جديد للإعلام يلبي تطلعات المواطنين في مزيد من الحرية والشفافية. وتعديل المرسوم 49 حول المناطق الحدودية بما يخدم تسهيلات معاملات المواطنين وإزالة أسباب الشكوى من تطبيقه. وتعزيز سلطة القضاء ومنع التوقيف العشوائي والبت بقضايا المواطنين بأقصى سرعة ممكنة».

وأوضحت شعبان أنه اعتبارا من يوم أمس «سيبدأ التطبيق الفعلي لهذه القرارات»، مضيفة أن «التوقيت والسرعة في التطبيق من صلب هذه القرارات».

وكانت شعبان قد قالت في لقاء مع مجموعة من الصحافيين، قبل عقدها المؤتمر الصحافي، إن «سورية مستهدفة» متهمة «دولا» لم تسمها بأنها ترغب في التعويض عن خسارتها لأنظمة قريبة منها بـ«إثارة الفتنة في سوري». وأوضحت شعبان أن «هنالك حركة مسلحة في درعا» وأنه يجري التعامل معها، قبل أن تستدرك «لو تظاهر 10 آلاف شخص دون سلاح لا توجد لدينا مشكلة في الحكومة السورية، ولكن أن يكون الجامع مخزن أسلحة ويطلق متظاهرون النار على رجال أمن وأطباء فهذا يتجاوز كونه تعبيرا عن الرأي»، لافتة إلى أن التظاهر السلمي في سورية «مسموح» ولكن ما جرى في درعا «ليس سليما».

وما إن انتهى المؤتمر الصحافي حتى بثت وكالة الأنباء السورية (سانا) نبأ إصدار الرئيس السوري بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 40 لعام 2011 القاضي بزيادة الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة بمبلغ قدره 1500 ل.س (30 دولارا) للراتب المقطوع يضاف إليها زيادة قدرها 30%من الرواتب والأجور المقطوعة دون الـ10000 ل.س شهريا وزيارة قدرها 20% من الراتب أو الأجر الشهري المقطوع والبالغ 10000 ل.س فما فوق.

كما صدر مرسوم بمنح أصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين مبلغا قدره 1500 ليرة يضاف إليها زيادة قدرها 25%. كما صدر مرسوم رقم 43 لعام 2011 القاضي بتعديل مواد من القانون رقم 41 لعام 2004 والمتعلق بأراضي المناطق الحدودية.

وفي المؤتمر الصحافي أكدت المستشارة بثينة شعبان أنه: «لا يوجد أي موضوع محرّم للمناقشة مع الرئيس بشار الأسد». وقالت إن «سورية مستهدفة بسبب التعايش بين أبنائها، وهذا النموذج مستهدف ممن يدّعي أنه يريد الحرية لشعوبنا، ونحن شاهدنا النماذج في العراق والمليون شهيد، ولا يمكن لأحد أن يكون أحرص على الشعب السوري من الرئيس الأسد وهو لا يهون عليه قتل أي شخص وكان حريصا في تعليماته بعدم إطلاق الرصاص»، وتابعت: «لكن ذلك لا ينفي وقوع أخطاء أو أن هناك بعض سوء تصرف أو سوء ممارسة أو سوء شخص مما، ولكن يجب أن لا يتم خلط الأمور».

ونقلت شعبان تعازي الرئيس للأهالي في درعا كما نقلت ما جرى في اجتماع القيادة القطرية الذي جرى يوم أمس الخميس وقالت: «أريد أن أنقل لكم قرارات القيادة القطرية التي انعقدت برئاسة الأسد وبحثت التطورات السياسية ومستوى الأداء الحكومي وفعالية المؤسسات، وتوقفت عند أحداث درعا والاضطرابات التي أدت إليها، وقررت تشكيل لجنة للاتصال بالإخوة في درعا لمعرفة أسباب الأحداث ومعالجة جميع الآثار التي حصلت»، مشيرة إلى أن «التحقيقات في أحداث درعا ما زالت جارية وهناك دلائل على وجود أسلحة مهربة وجهات موّلت». وقالت شعبان: «نحن في سورية لا نميّز بين الأديان، ومطالب شريحة من المجتمع السوري هي قيد النقاش، وكل المطالب المحقة سوف تلبّى بطريقة هادئة، والسيد الرئيس يأخذ هذه المطالب بحرص». وأكدت أن «ما يحكى عن وجود عناصر إيرانية ومن حزب الله في قمع المظاهرات أمر مضحك، ومن السخرية أن تقول بعض وكالات الأنباء عن استقدام سيارات من حزب الله»، وأضافت: «هم لا يعرفون إمكانات سورية ولا قدرة سورية، فنحن دولة قادرة على أن ندير شؤوننا بأنفسنا، وما يحكى هو من قبيل تجييش الإعلام والقول بأن هناك أمرا حصل لم يكن متوقعا ومتداركا من القيادة».

كما تقدمت بالتهاني للأكراد السوريين الذين احتفلوا منذ يومين بعيد النيروز ووصفته بأنه عيد كل السوريين وأنه عيد جميل، لافتة إلى أنه في سورية «لا نستخدم مصطلحات مثل كرد وأنا استخدمتها تجاوزا فهم مواطنون سوريون وقد تحدث عنهم السيد الرئيس بشار الأسد في أكثر من مناسبة كما أننا لا نرغب أن يشار إلينا بهوية دينية ولا بهوية عرقية ولا طائفية ولكن مطالب شريحة.. دعني أسميهم من هذا المجتمع السوري الجميل.. كانت محط نقاش في المؤتمر القطري الأخير عام 2005 وهي قيد النقاش والمنطقة الشرقية هي جزء عزيز وغال من هذا الوطن وكل ذرة تراب في هذا الوطن غالية على هذا الوطن والسيد الرئيس» وتابعت مستدركة: «ربما حصل بعض التقصير خصوصا بالنسبة للوقت فأنتم تعلمون قد لا ننجح أحيانا بالاستجابة في الوقت اللازم ولكن هذا لا يعني أن أي مطلب من هذه المطالب أو أن أي مطلب محق لن يلبى».

وأضافت شعبان: إن هذه المطالب «ستلبى بطريقة هادئة ومدروسة وممتازة» متمنية على «كل أبناء الشعب السوري أن يفرقوا بين المطالب المحقة والتي أؤكد لهم أن السيد الرئيس بشار الأسد والقيادة السورية يأخذونها بكل عناية وحرص وبين من يريد أن يصطاد في الماء العكر أو أن يقول كلمة حق يراد بها باطل».