نائب رئيس البرلمان في البحرين: لن يقبل السنة بصياغة دستور جديد.. فلدينا ميثاق اتفقنا عليه

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن المعارضة تظن أن ما يقال في قناتي «المنار» و«العالم» هو الواقع

عادل عبد الرحمن المعاودة
TT

طرح الشيخ المعاودة رؤية للعبور من الأزمة التي تمر بها بلاده، وذلك من خلال تضافر الجهود لعودة روح التسامح والتعايش بين أبناء البحرين كشعب واحد، مطالبا أن يقوم كل فرد بمسؤوليته في نزع فتيل الاحتقان والتأزيم، والدعوة لصفاء النفوس من خلال برامج تتبناها المؤسسات العامة والقطاعات العامة.

ودعا عادل عبد الرحمن المعاودة نائب رئيس البرلمان البحريني إلى الاستمرارية في الإصلاحات التي تحقق رغد العيش للمواطن في البحرين، على أن لا تتجاوز هذه المطالب الحقوق المشروعة في ظل قيادة البلاد التي تمثل المظلة لكل البحرينيين.

وطالب المعاودة المعارضة بأن تتحلى بروح الشجاعة وتعمل الآن على إصلاح أخطائها التي ارتكبتها، مشيرا إلى أنه من دعاة التهدئة كي تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي، بما يحقق ويكفل الأمن والاستقرار للمواطن البحريني.

* ألا ترى أن البحرين تشهد انقساما طائفيا قد يشكل خطرا على النسيج الاجتماعي في البحرين بل قد يتجاوزه إلى المنطقة ككل؟

- هذا كلام صحيح، وقد حذرنا منه منذ البداية، وأكدنا أهمية المطالبة في حدود الحقوق المشروعة، وأن لا تدخل في تلك المطالبات أجندات أخرى، تتجلبب بجلبابها، والذي ظهر في طلب الحقوق لم يقف بوضوح أمام تلك الهواجس الخطيرة والموجودة من بين الصفوف، وكان ظاهرها كأنها قول أبو سفيان في غزوة أحد «لم آمر بها ولم تسؤني»، وكأني بالمراقب هنا يقول «أنا العب دورا وأترك دورا خطيرا يلعبه غيري، إن نجح فستأتيني الغنيمة، وإن لم ينجح فلن يضرني». وقلنا لهم إن هذا الكلام غير صحيح وإن الضرر سيطال الجميع، وظهرت ممارسات خاطئة جدا ثم تنفى وتكذب، ولكن كان الواقع لا يكذب من خلال الترويع والتخويف، والزج بالمدارس في هذا الخلاف، وقد كشف بيان الجمعيات المعارضة خطأ فادحا في طريقة التفكير التي ينتهجونها، وأصدروا بيانهم وقلنا لهم إن البيان سيئ جدا، وكأنكم تجرون الأطفال في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوي إلى السياسة التي هي أصلا لها علاقة بالصراع السياسي الطائفي. وأصدروا في اليوم الثاني بيانا آخر يتضمن عدم الزج بالمدارس في السياسة وكأنهم يختبرون آراء وقبول الناس، وقلت لهم إن ما فعلتموه جاء بعد خرب البصرة، ونتساءل كيف لطفل أن يجلس في ظل سيارة ويظهر عليه الإرهاق والتعب ويمسك لوحة بالمقلوب كتب عليها «يسقط الوزير» وهو لا يعي معناها ولا أهدافها، بل كيف لأطفال أن يتم نقلهم بشاحنات إلى ساحة المظاهرات. ونقول هنا إن من يريد أن يعبر عن آرائه السياسية له الحق ولكن في منبر سياسي وليس في مواقع لا يجوز تأجيج الوضع السياسي داخلها كالمدارس، ولكنهم كانوا يعملون على شحن الكل من أجل الضغط على الحكومة، ومن الطبيعي أن يكون لكل فعل رد فعل، وقد يطغى رد الفعل على سلوك الناس، ولربما لو حدثت مشادة بسيطة لسبب خلاف شخصي بين طرفين لربما كان هناك اصطفاف طائفي قبل معرفة الأسباب، وسبق وأن حذرنا من مثل هذه التبعات.

* تحذيراتكم كانت مجرد كلام، وليست سعيا لخلق أرضية من التفاهم لتفادي ما حدث؟

- لم يسمع منا الطرف الآخر، ولم يسمعوا لولي العهد وهو يقدم لهم طاولة الحوار ويطرح لهم مبادئ الحوار، لتلبية الكثير من المطالب المشروعة، كما قلنا لهم لا تدخلوا في مضيق الإضرابات والاعتصامات، وتغلقون الشوارع على الناس وترهبونهم وتؤثرون على الاقتصاد، ولكنهم كانوا يقولون نحن لا نستطيع السيطرة وإن الناس مشحونة، وطالبناهم بالتهدئة ولكن لا يسمعون.

* لاشك أن الأزمة أحدثت فجوة كبيرة بين كل الأطراف.. فكيف يمكن إصلاح ما يمكن إصلاحه الآن؟

- هناك عوامل كثيرة كفيلة بردم هذه الفجوة، وهي مسؤولية الجميع في نزع فتيل الاحتقان والتأزيم في مواقع العمل، وأن يعود الجميع لأعمالهم، ومن المبادرة بأنشطة اجتماعية، حتى ولو في مقر أعمالهم، أو حفلة لصفاء النفوس في كل قسم، ويبينون الضغوط التي كانت عليهم، لأن هناك الكثير من الشيعة لا دخل لهم في تأزيم الأوضاع ولكن كان يزج بهم، لدرجة أنه عندما دخلت الأجهزة الأمنية مستشفى السلمانية، قال بعض الشيعة الموجودين في المستشفى لقد أنقذتمونا من الضغط والقهر الذي كنا فيه، لأنهم لم يكونوا يجرؤون على مخالفتهم. وإذا عادت المياه إلى مجاريها ستكون هناك برامج إعلامية واجتماعية، كما أن الأيام كفيلة أن تصلح الشأن، لأنه يجب أن ندرك أن كل بحريني يحتاج الآخر كي يتعايش معه، ويعمل وذهب ويأتي معه، وتعميق الشعور بأن كل واحد محتاج للآخر، وقد أنعم الله على عبيده بنعمة النسيان، والذاكرة والنسيان من أكبر النعم، ولولا النسيان لهلك الناس ولولا الذاكرة لهلكوا أيضا.

* لكن المشكلة أن هناك من يعمق ويغذي الخلاف الطائفي بين السنة والشيعة.. سواء من طرف سني متشدد أو طرف متشدد في الطائفة الأخرى؟

- حتى أكون صريحا معك، قد يكون الشيعة هم الأكثر في تغذية هذا العداء من خلال منابرهم ومساجدهم وخطبهم ودائما يثيرون قضية كربلاء وإسقاطاتها بأنها قضية بين السنة والشيعة، ولا يحصرون ذلك بأنها كانت في حقبة ماضية، بل ما زالوا يتداولونها ويجعلونها هي قضية الصراع الطائفي، بين سنة وشيعة، بينما الخطاب السني من النادر أن تجد فيه ذكرا لقضية الشيعة، حتى إن أغلب السنة لا يعرفون الكثير عن الشيعة، وعلى العكس منهم، ولكن قد يكون بين السنة أشخاص معدودون يهتمون بهذه القضايا ولكنهم في واقع الأمر نكرات وشواذ والشاذ لا حكم له.

* هل يلوح في الأفق بوادر تقارب؟

- لا يمكن أن تستمر الحياة دون تقارب أو تعايش، ولا يمكن أن تعمل البحرين بنصف الشعب ولا هم (الشيعة) يعيشون بنصف الشعب، وحتى عندما أعلنوا أنهم ضد قوات درع الجزيرة، قلت لهم إن تلك القوات جاءت لتحميكم قبل السنة، خاصة الذين لا يستطيعون الوقوف أمام المتطرفين منهم، وإذا كانت قوات درع الجزيرة ستحمي التيار الكهربائي فهو سيذهب إلى كل بيت في البحرين سواء سني أو شيعي وكذلك المياه، وسيحمي مصالح الجميع. ومع ذلك اشتغلوا على تهويل الأمور ويرددون أن الجيش السعودي جاء ليرتكب مجزرة في البحرين، وأججت إيران وحزب الله والعراق القضية مع أن درع الجزيرة لم تواجه أحدا وبل لم نرها بأم أعيننا والحقائق جلية والواقع لا يكذب والأمور تعود إلى وضعها الطبيعي بعد فرض الأمن والأمان، ولا بد أن تكفل الحقوق للجميع على حد سواء.

* هل ترى أن الوضع الآن بحاجة إلى العقلاء؟

- العقلاء جبناء وما أكثرهم، وعقلاء التيارات السنية ينادون ليل نهار، وشخصيا أنا ممن ينادون إلى التهدئة بأي ثمن، حتى إنني تعرضت لكثير من النقد ويصفونني بأنني أسبح ضد التيار، وأنا لا أمانع أن أسبح ضد التيار، بعد أن سبحت في هذا التيار 20 سنة في عقد الثمانينات وعندها لم أجِد السباحة جيدا، قبل أن يكون التدين بتلك الدرجة، وقد جئت بالتدين والدعوة، أما الآن فقد أصبحت أجيد السباحة، ولن نسمح للتيار الهمجي أن يجرفنا وسنواجهه ونقف ضده وهذا واجب العقلاء. ولا بد من الإشارة إلى أن هناك سفهاء يستفيدون من هذه الأوضاع.

* من تقصد؟

- هناك سفهاء يتاجرون بالأوضاع الحالية حتى يكونوا أبطالا وهم في حقيقة الأمر ليسوا أبطالا، كما أنهم سنة وشيعة.

* كتيار سلفي هل لكم تحركات للوصول إلى مخرج للأزمة؟

- لدينا تحركات واقتراحات للخروج من الأزمة بإصلاحات نحن نطالب بها أيضا، لأننا نرى أن الاستبداد وإدارة الرجل الواحد مضرة للبلدان على جميع الأصعدة، وعلى الحكام قبل أن يقفوا أمام الله ويسألوا عن كل صغيرة وكبيرة في البلاد أن يحملوا الناس المسؤولية كي ينجوا بأنفسهم، لأن حساب الله عسير، ولا ننكر أن هناك جملة من الأخطاء وكثيرا من الحقوق لا تصل إلى الناس ومعوقات في التطوير، وهنا في البحرين يقف الجميع مع الملك حمد بن عيسى آل خليفة لأنه أشركهم في القرار، حتى إنه عندما تم دعوة رؤساء الجمعيات السياسية، وقال لهم أريدكم أن تشاركوني في اتخاذ القرارات. ثم بعد ذلك أصبح الأمر واقعا من خلال مجلس الشورى، ودخلت المجلس وأصبحنا مسؤولين عن مصالح الناس، وتوزعت المشاركة.

* لكن ما الذي سيحدث الآن لحل هذه المعضلة؟

- ما زالت الصورة غير واضحة الآن، وهناك من يقول إن المعارضة تريد حوارا ولكن لا نعلم على أي أساس سيتم هذا الحوار، بعد أن رفضوا الحوار إلى ما قبل فك الاعتصامات بليلة واحدة، وطالبوا بمجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد، وطبعا مثل هذه المطالب من المستحيل أن تقبل من الطرف السني، لأن عندنا دستورا متفقا عليه وصوت عليه الشعب بالأغلبية، ولدينا الميثاق ولا مانع من بعض التعديلات، أما الدستور الجديد الذي ينوون صياغته فلا نعرف كيف سيبدأ وكيف سينتهي ولذلك لن نسير معهم في الظلام، بل سنعمل في الضوء.

* وهل هذه قضايا تعجيزية؟

- لا، بل هي قضايا سوء تقدير، لأنهم ظنوا أن ما يقال في قناة «آل البيت» وقناة «المنار» وقناة «العالم» هو الواقع، وكذبوا عليهم وغرروا بهم، وقد قلنا لهم إن واقع البحرين ليس كما يقال في هذه القنوات، لأن هذه القنوات تصل أخبارها الكاذبة إلى نسبة 99 في المائة، وقلنا لهم كلمة حق بأن قناة «العالم» تخدم مصالح إيران التي تسعى دائما لتأزيم علاقاتنا معها، وهناك عدم ثقة متبادلة أو كما قال وزير الخارجية القطري «نكذب على الإيرانيين ويكذبون علينا»، كما أننا أخبرناهم بأنه ليس كل الشعب معهم ولا كل الشيعة معهم، وأن لا يتناسوا أن مجلس التعاون كتلة واحدة والبحرين جزء لا يتجزأ منه. ولكنهم في النهاية اكتشفوا أن الحسابات خاطئة، بعد أن قلنا لهم إنكم ترونها مثلثا ونحن نراها مربعا، وفي النهاية اكتشفوا أن حساباتهم خاطئة، والآن يجب أن تكون لديهم الشجاعة لتصحيح الأخطاء بما يتناسب مع الأوضاع الحالية ومستقبل البحرين.