سورية: أقلية علوية تحكم أكثرية سنية وشعبان تشير للمرة الأولى إلى الأكراد غير المعترف بهم

العلويون يتركزون في قرى الساحل وبعض مناطق الداخل

TT

تقدم الأقلية العلوية نفسها كمصدر للاستقرار في سورية، في مجتمع يغلب عليه السنة، ومكون من طوائف وجماعات عرقية كثيرة، من بينها الشيعة والمسيحيون. وتعتبر العلمانية والاشتراكية من القيم الأساسية التي قام عليها حزب البعث السوري الحاكم. لا تتوافر مصادر موثوقة ومعتمدة تحدد بشكل واضح «خارطة التركيبة السكانية» في سورية. ولكن المتوفر من معلومات عامة، يشير إلى وجود عرب وأكراد وشركس وأرمن وداغستان وتركمان وشيشان وغيرهم.. ومن ناحية الأديان والطوائف توجد أغلبية مسلمة من السنة والعلويين والشيعة، والأغلبية هم السنة ومسيحيون ودروز وأقلية يهودية.

وباعتبار سورية من أكثر المناطق حيوية في التاريخ القديم، ومن أقدم الأراضي التي تم اكتشاف آثار الإنسان فيها من عصور ما قبل التاريخ، يمكن تعليل سبب تنوعها السكاني الشديد. ولا يزال يوجد في معلولا قرب دمشق من يتكلم الآرامية التي تحدث بها المسيح، كما كانت سورية الأرض التي عبرها أبو الأنبياء إبراهيم قبل ظهور اليهودية بخمسة قرون، وكانت المسرح الرئيسي لمواجهات كبرى لم تنقطع لقرون كثيرة بين الإمبراطوريات القديمة من الفينيقيين والآشوريين والإغريق والفرس والرومان والفراعنة، ثم كانت بعد استقرار الإسلام فيها مسرحا رئيسيا لمواجهة الغزوات المغولية والصليبية. جميع ذلك، بالإضافة إلى تيارات الهجرات التاريخية، يفسر تعدد الانتماءات، وإن بقي العرب المسلمون السنة يشكلون الأكثرية الكبرى للسكان منذ ظهور الإسلام إلى اليوم.

وعلى وجه التقريب، وبحسب الأرقام المتوفرة، فإن سورية التي يقطنها نحو عشرين مليون نسمة، فيها:

70 في المائة من السنة (العرب)، و8 في المائة من السنة (الأكراد)، وأقل من 1 في المائة من السنة (الشركس).

1 في المائة من الشيعة (العرب وسواهم).

8 إلى 9 في المائة من العلويين (العرب).

2 إلى 3 في المائة من الدروز (العرب).

8 في المائة من المسيحيين (العرب الأرثوذكس في الدرجة الأولى).

أقل من 1 في المائة من أقليات أخرى كاليزيدية والإسماعيلية، ومنها عدة آلاف من اليهود.

ولا يمكن القول اليوم إن هناك مناطق خاصة بفئة معينة من السكان. إذ يغلب على سورية مشهد الاختلاط والتمازج السكاني، الذي يغلب عليه الطابع الإسلامي السني بحكم كونهم الأغلبية. ومع ذلك يمكن القول إن العلويين تاريخيا تركزوا في قرى الساحل السوري وبعض مناطق الداخل والقريبة من الداخل، بينما تركزت الأغلبية السنية في المحافظات الرئيسية (دمشق، حمص، حماة، حلب، الرقة، درعا). أما الشيعة فغالبيتهم في دمشق وحلب والرقة، أما الدروز فالكثافة الأعلى لهم في المنطقة الجنوبية بالجبل محافظة السويداء، والمسيحيون منتشرون في كل أنحاء البلاد، وفي بعض المدن يتركزون في أحياء معينة، أو في قرى بأكملها.

ويتركز الشركس في دمشق، في حين يتركز الأرمن بالدرجة الأولى في حلب وريف اللاذقية والقامشلي في شمال شرقي البلاد. أما الأكراد (هناك من يقدر عددهم بمليون كردي) فيتركزون في المناطق الشمالية الشرقية، محافظة الحسكة والقامشلي والشمالية في ريف حلب قريبا من الحدود مع تركيا، أما محافظة دير الزور ومدينة البوكمال والقرى القريبة من الحدود مع العراق فغالبيتها من العرب السنة.

ويشعر الأكراد السوريون بغبن كبير لعدم الاعتراف الرسمي بهم، خاصة بعد صدور قانون الإحصاء لعام 1962 الذي جرد عددا كبيرا من الجنسية. كما أن نظام حكم حزب البعث الذي فرض العلمانية كان ضد إظهار هذا التنوع، وحرص خلال حكمه لسورية لأكثر من أربعين عاما أن لا يكون هناك إشارة لأي تمايز ديني أو عرقي، وذلك على الرغم من اعتبار سورية دولة ذات طابع إسلامي. وكانت مطالبات الأكراد تتركز دائما على حق الاعتراف بهم ومنحهم الجنسية السورية، والسماح للثقافة الكردية لغة وعادات بالنمو على الخريطة الوطنية. وكان لافتا أن توجه مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، خلال مؤتمرها الصحافي الذي عقدته يوم الخميس الماضي، الحديث للأكراد، وعيد النيروز، واعتباره عيدا لكل السوريين، موجهة تهنئة للأكراد بهذه المناسبة، ليكون أول كلام رسمي سوري يشير إلى هذا العيد ويعترف علانية بالثقافة الكردية كأحد مكونات الثقافة السورية.