رئيس كتلة الوفاق المعارضة في البرلمان البحريني: نبحث عن وساطة خليجية مع الحكومة

عبد الجليل خليل قال لـ «الشرق الأوسط» إن الشعب البحريني اختار عروبة البحرين وعدم الانضمام لإيران منذ 40 عاما

عبد الجليل خليل رئيس كتلة الوفاق البحرينية
TT

كشفت المعارضة البحرينية عن رغبتها في وساطة إحدى دول الخليج لتقريب وجهات النظر بينها وبين الحكومة، مرجعة عدم القيام بالتوجه لقيادتها إلى صعوبة فتح الحوار المباشر على خلفية الأحداث الأخيرة «التي تحتاج إلى ترميم الثقة من جديد للوصول إلى مخرج يرضي الجميع، وتجاوز الأحداث».

وأكد عبد الجليل خليل، رئيس الكتلة النيابية لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، كبرى جمعيات المعارضة الشيعية بالبحرين، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أنه من المهم إيجاد أرضية مشتركة للحوار عبر دولة خليجية تكون مقبولة من الجميع، مشترطا تشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث التي جرت وتحديد مسؤولية كل طرف من الحكومة والمعارضة عما حدث، إضافة إلى سحب الجيش وإلغاء قانون حالة السلامة الوطنية (الطوارئ) والبدء في الحوار للمعالجة الأساسية والأمنية في أسرع وقت ممكن لتعود الحياة إلى طبيعتها في البحرين لما يحقق مصلحة الجميع.

ورفض النائب خليل التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لدولة البحرين «لأن القضية ستحل داخليا لكن بوساطة خليجية»، نافيا ما يقال من أن المعارضة لها اتصالات بإيران. وأشار إلى أن مظاهرات البحرين انطلقت على غرار ثورتي مصر وتونس من خلال شباب الـ«فيس بوك»، من دون أن يكون للمعارضة دور فيها، لكنها (المعارضة) تتفق معها على ضرورة الوصول للحوار والمطالبة بحقوق سياسية.

* إلى أين تتجه البحرين الآن؟

- في تقديري أن البحرين تتجه إلى الحالة الطبيعية على المستوى الاجتماعي الوطني، ولا خوف على الحالة الاجتماعية أو التآلف الوطني، على مستوى الطائفتين الشيعية والسنية، لكن على المستوى السياسي تتجه إلى مزيد من الإصلاحات والمشاركات ومزيد من المشاركة الحقيقية في صناعة القرار، وتلك الأحداث يجب أن تستوعبها الحكومة والجمعيات، لاختيار طريق وسط للوصول إلى المشاركة الحقيقية لصناعة القرار والمزيد من الحريات للمجتمع.

* لكن الشرخ أصبح كبيرا في الجسد البحريني والشعب الواحد؟

- لا شك أن ما حدث لا يمكن تجاوزه بسهوله، خاصة قضية الدماء، ويقيني أن الحل الأمني والعسكري أضر بالقضية، فقد مرت علينا في البحرين قضايا كثيرة ومطالبات سياسية، منذ أكثر من 30 سنة، ولم ينزل خلالها الجيش إلى الشارع، ولم يستخدم الرصاص في مواجهة المتظاهرين، لكن في هذه المرة حدث العكس، وعلى بعض الأطراف في الحكم أن تستوعب ما حدث بعد أن وصل عدد القتلى إلى 23 قتيلا، منهم 17 بحرينيا، وهذا شرخ يحتاج إلى معالجة خاصة، في حين أن المعالجة السياسية ربما تحتاج إلى جزء كبير من الحل وتطييب الخواطر، وفي تقديري أننا في هذا المنحنى نحتاج إلى لجنة تحقيق محايدة تكون دولة خليجية مقبولة من الطرفين تسهم في معالجة ملف القتلى والجرحى من جميع الأطراف، وعلى الجميع أن يتحملوا المسؤولية.

* ألم تكن أمامكم فرصة تاريخية لكسب المزيد من المطالب من خلال الحوار المباشر الذي دعي إليه ولي العهد، بدلا من العودة السريعة إلى الشارع؟

- أختلف معك في هذا الجانب.. لأن خروج المظاهرات كان امتدادا لما حدث في تونس ومصر، ونعترف صراحة بأن الجمعيات السياسية لم تتنبأ بحجمه، كما أن الحكومة لم تتنبه لحجم التحرك الموجود، والأحداث التي انطلقت في 14 فبراير (شباط)، وبدأت بحالة من المبادرة الشخصية من الشباب الذين يتحركون على الـ«فيس بوك»، وبكل تواضع تعترف الجمعيات السياسية بأنها لم تكن المحرك السياسي لها، والخطأ الكبير الذي ارتكب هو إطلاق النار عليهم في البداية وقتل مواطنين، مما زاد من وتيرة الأوضاع.

* لكن الحكومة سارعت للتجاوب وتلبية مطالبكم ودعواتكم وسحبت الجيش، وطلبت بدء الحوار لكنكم لم تقبلوا؟

- ولي العهد استشعر حجم المسؤولية، ووجد أن القضية ستكبر خصوصا في بداية الحركة، حيث كانت المطالب تقتصر على المشاركة الحقيقية، لكن يوم 19 وبعد أن أعلن ولي العهد فتح أبواب الحوار وسحب القوات، كان إعلانه مؤثرا، وأعطى متنفسا سمح من خلاله للمتظاهرين بأن يتجمعوا سلميا في الدوار، وكانت تلك خطوة صحيحة، مع السماح للمتظاهرين بأن يعبروا عن آرائهم سلميا وفقا لما جاء في الدستور. ثم بعث رسائل إلى الجمعيات السياسية وغيرها، وردت المعارضة بخطاب إلى ولي العهد للترحيب ببدء الحوار على أن تتحدد مبادئ له، دون الدخول في حوار مفتوح، وتحديد آلية له، ولم يتم الرد على رسالة المعارضة إلا بعد أسبوع. وتم تحديد المبادئ السبعة لإطلاق الحوار، وكانت مطالب الجمعيات السياسية السبع ملكية دستورية، وحكومة منتخبة، وبرلمان منتخب، فيما تضمنت المبادئ السبعة التي طرحها ولي العهد حكومة تعبر عن الإرادة الشعبية، ومجلسا منتخبا له كامل الصلاحيات، وملفات تعالج قضايا أخرى مثل ملف التجنيس السياسي وليس التجنيس القانوني، وهو تجنيس القبائل الآتية من باكستان التي لا تجيد اللغة العربية، ولا ينطبق عليها قانون التجنيس وملف الصوت لكل مواطن، والتوزيع العادل للدوائر الانتخابية وبقية البنود السبعة، وهذا كان مهما جدا من ولي العهد، وعليه عقدت المعارضة اجتماعا عصرا، ورحبت بمبادئ الحوار، وتقاطعت في ثلاث نقاط رئيسية من المبادئ السبعة، وهي الدوائر الانتخابية والمجلس المنتخب والحكومة التي تعبر عن الإرادة الشعبية، لكن في الليلة نفسها دخلت قوات درع الجزيرة وتسارعت الأحداث، وحدث ما حدث.

* القوات تدخلت بعد أن تجاوز المتظاهرون حدود المظاهرات السلمية، وقطعوا طرقا رئيسية وفي مواقع حيوية، وبدوا يشكلون خطر الانفلات؟

- حقيقة لم يغلق سوى طريق واحد، وهو شارع المرفأ الذي يعتبر امتدادا لدوار اللؤلؤة، وأبدينا استعدادنا لبذل الجهود لفتح الطريق، بحكم أنه ليست للمعارضة سلطة على كل الموجودين في الدوار، الذين يجتمعون من 60 إلى 70 ألفا، وفتح القسم الأمامي وبقي القسم الخلفي، لكن في الصباح الباكر تحركت القوات وحدث ما حدث، ولو تركت الفرصة ليوم أو يومين، لما دخلنا في هذه الأزمة.

* لكن خلال هذه الأثناء تغيرت الشعارات من المطالبة بالإصلاح إلى إسقاط النظام، وقيام الجمهورية الوطنية؟

- هناك فصيل كبير يجمع الجمعيات السياسية السبع، ومن خلفه قيادات العلماء الذين لهم تأثير على الناس، مثل الشيخ عيسى قاسم، وكانت رؤيتنا تتعلق بالملكية الدستورية التي تحدد صلاحيات الملك وصلاحيات الشعب على غرار المغرب، وحكومة تعبر عن الإرادة الشعبية، ومجلس منتخب وتوزيع عادل للثروات، وهذا هو الاتجاه الغالب والكبير، بينما هناك فئة قليلة رفعت شعار إسقاط النظام ثم تحولت إلى المطالبة بجمهورية، لكن هناك خلافا بين التيار الرئيسي والتيار الآخر، الذي يرى ضرورة الحاجة إلى قيام جمهورية، ونحن في تقديرنا أن وضع المنطقة لا يساعد على المطالبة بجمهورية، لأن هذا المطلب نوع من السياسة غير المطبوخة، واختلفنا معهم وبكل وضوح وصعدنا على منصة الجماهير في الدوار وبينا لهم رؤيتنا، والبعض منهم لم يقبل خطابنا، لكن الأكثرية هم مع الملكية الدستورية، والحكومة تعرف اتجاه المعارضة.

* لكن يؤخذ عليكم كجمعيات سياسية السكوت إزاء مطالب إسقاط النظام وقيام الجمهورية، واعتبر سكوتكم علامة رضا، كونكم لم تعبروا صراحة عن رأيكم؟

- يجب أن نتفق على أن هناك تيارا صغيرا نادى بالجمهورية، لكن ما دام الأمر مجرد كلام ولم يترجم إلى واقع وعنف، فدعه يتحدث، وفي البحرين ليست المرة الأولى التي ترفع فيها شعارات إسقاط النظام، وما دامت مطالبهم سلمية فدعهم يعبروا عن آرائهم، ولو دخلوا في عنف لتصدت لهم الجمعيات السياسية. ورؤيتنا انطلقت من ميثاق العمل الوطني الذي تم التصويت عليه في 2001 وتضمن الملكية الدستورية والمجلس المنتخب، فنحن ننطلق من أرض نتفق عليها، ولا نطرح أطروحات غير مدروسة.

* لكن الميثاق حدد ملامح الدستور البحريني وحظي بإجماع وقبلتم به في حينه؟

- الميثاق هو القاطرة التي عبرت بالبحرين إلى بر الأمان، ووقعنا عليه، لكن الميثاق ليس هو الدستور، لأن الدستور المعمول هو دستور 1973 الذي علق، لكن عندما تولى الملك حمد الحكم 1990، وجد أمامه أزمة سياسية، خاصة بعد انتفاضة التسعينات، وعندما جاء الملك حمد في 1990 وأطلق مبادرته بالإعلان عن العفو العام عن جميع السياسيين ممن هم داخل السجون وعودة من هم بالخارج، وإلغاء قانون أمن الدولة، وكانت تلك خطوة مقدرة وكبيرة، والخطوة الثالثة والرئيسية طرح استفتاء لطريقة الخروج من الأزمة بسبب تعليق الدستور، لوضع دستور جديد، فطُرح الميثاق، وتحول الأمير إلى ملك على أن تكون البلاد ملكية دستورية على غرار الملكيات الدستورية العريقة، ثم الحديث عن السلطة التشريعية التي تتعلق بمجلس منتخب له كامل الصلاحيات في التشريع والرقابة، ومجلس شورى معين للاستنارة، على أن يكون الدستور يعلو على الميثاق وطرح الميثاق للتصويت، وحصل على نسبة كبيرة من التصويت وصلت إلى 98.4 في المائة، وتم التوافق عليه، وكان يفترض أن نمشي الخطى حثيثا في طريق تلك التعديلات لكن للأسف حدث نوع من الرجوع على الميثاق بعد أن عدل الدستور. وبدأ العمل في تنفيذ الميثاق، لكن الخلاف حدث على لجنة تعديل الدستور الذي أعلن 2002، وهذا الخلاف الدستوري لم يوقف العجلة، وطلبت المعارضة فتح حوار في ما يتعلق بالدستور، وأصر الحكم على المضي في الدستور وفي انتخابات 2002، فقاطعت المعارضة الانتخابات احتجاجا على الدستور الجديد لأنه قلص صلاحيات المجلس المنتخب وأعطى صلاحيات مماثلة للمجلس المعين. ولو تم تنفيذ ما تضمنه الميثاق لكنا تجاوزنا لما حدث ما حدث.

* ألا ترى أن المعارضة ارتكبت أخطاء في إدارتها للأزمة الحالية؟

- أنا من المعارضة، ويجب أن يوجه السؤال لجهة محايدة، لكن في تقديرنا لو أن المعارضة رفضت المبادئ السبعة لولي العهد ورفضت الجلوس في الحوار فإنها تتحمل مسؤولية بعض الأخطاء، لكن المعارضة لم تعط الفرصة خصوصا بعد إعلان المبادئ السبعة، ولو أعطيت فرصة لما دخلنا في هذا الخيار الأمني والعسكري.

* لكن إدارة المظاهرات في البحرين تختلف عن إدارتها في مصر وتونس كما ذكرت؟

- ليس هناك اختلاف.. مصر خرجت مظاهراتها واتجهت لميدان التحرير في منطقة واحدة، وفي البحرين خرجت المسيرات، وانتقلت إلى الدوار، وأعترف بأن التمدد الذي حصل إلى طريق المرفأ المالي هو الخطأ بعينه، لكن التجمهر على مستوى الدوار لم يكن خاطئا، وعلى العكس فإن مظاهرات تونس ومصر تخللتها أعمال عنف، أما في البحرين فلم يحرق حتى إطار سيارة واحد، وكانت الحركة سلمية.

* لكن هناك سلاحا أبيض في يد المتظاهرين؟

- هذه أمور نتركها للتحقيق، ولدينا الأدلة والصور.

* ألا ترى أن وسائل الإعلام والتدخلات الخارجية أثرت سلبا على المظاهرات؟

- أولا المعارضة لم تكن ترغب في دخول طرف خارجي في الشأن الداخلي، وإلى اليوم نقول إن المشكلة في البحرين هي قضية داخلية، ولا حاجة لدخول أي طرف خارجي في الأزمة وسنعمل على حلها داخليا، وصحيح أننا في بداية الأزمة اختلفنا مع ولي العهد في إدارته للحوار، لكن لم يصل الخلاف لدرجة المواجهة، لكن الخيار الأمني والعسكري عقد الأمور. ولم تعط لنا الفرصة الكاملة لفتح الطرق المغلقة، لأن الاعتصام ليس مطلبا، لأن المعارضة تريد العنب وليس قتل الناطور، وما يهمنا الحصول على المطالب الأساسية.

* يتردد أن المعارضة متعاونة مع إعلام خارجي، وبصريح العبارة الإعلام الإيراني، لتأجيج الوضع؟

- الإعلام الخارجي أصلا جاء متأخرا، لان الحركة في البحرين بدأت 14 فبراير، والإعلام جاء بعد أسبوع، وطبيعي أن يتفاعل الجمهور مع وسائل الإعلام سواء كانت قناة «العالم»، أو «المنار»، أو «الجزيرة»، أو الـ«بي بي سي»، وهذه سنة الحياة، لكن الوسيلة المؤثرة حقا هي الـ«فيس بوك» و«تويتر».

* لكنكم حاولتم استغلالها لتأجيج المظاهرات في محاولة للضغط على الحكومة خلال مجريات الحوار؟

- لا أبدا، والحالة التي توافقت فيها المعارضة مع الشباب هي حالة الوصول إلى الدوار، وحتى ولي العهد لم يعارض البقاء في الدوار، وصحيح أن هناك اختلافا على مستوى الشعارات وعلى التمدد في الموقع، لكن حتى المعارضة كانت ترفض التمدد، وترى أن التعبير عن الرأي بالطرق السلمية كفيل بمعالجة هذا الملف، وطلبنا معالجة سياسية سريعة، لطي هذا الملف والوصول إلى طاولة الحوار وحل المشكلة.

* هناك من يذهب إلى أن ما حدث هو ثورة وليس مظاهرات للمطالبة بحقوق؟

- تظاهراتنا كانت على غرار ثورتي تونس ومصر، ودعونا نعترف بأن الأدبيات المطروحة في الحركة البحرينية كانت مقتبسة من مصر، لأن الشباب تحركوا بإعجاب، وبحثوا عن مكان مناسب يشبه ميدان التحرير، واختاروا الدوار، حتى الشعارات كانت متشابهة، حيث بدأت بمطالب سياسية، وبعد سقوط قتيلين، ارتفع سقف الشعارات إلى «الشعب يريد إسقاط النظام»، مع العلم بأن المعارضة بأكملها طرحت مطالب إصلاحية، لكن لا يجب أن نغفل ما حدث.

* ألا ترى أن الحديث عن دستور 73 قد تم تجاوزه بالتوقيع على الميثاق؟

- لا لم ينته الدستور، ولكن علقت بعض المواد التي لها علاقة بالمجلس النيابي، ويعمل به إلى 2002. وعلقت أربع أو خمس مواد، حيث كانت صلاحية الملك محددة، ودستور 2002 وسع صلاحيات الملك، ومطالب المعارضة هي نفس طرح الملك في ما يتعلق بالملكية الدستورية في الميثاق.

* كان لكتلة الوفاق حضور قوي في الحياة السياسية والمشهد السياسي، وثقل في البرلمان قبل الأحداث، فلماذا انقلبت الأمور؟

- صحيح، وعندما بدأت المظاهرات كنا موجودين في المجلس، لكن أسلوب وطريقة إدارة المظاهرات أمنيا كانا خاطئين، وكنا على اتصال مع الأجهزة الأمنية لإدارة الأزمة، ولكن بعد أن أغلقت قنوات الاتصال مع النواب وسقط قتلى في الميدان، لم تعد للنواب القدرة على القيام بواجباتهم لتجاهلهم فتقدمت الوفاق بالاستقالة.

* المجموعة التي قبض عليها بعد الأحداث أفرادها متهمون بالتخابر مع جهات خارجية، وهناك من يرى أن المعارضة متهمة أيضا بأن لها علاقات مع جهات خارجية مثل إيران..

- هذه الاتهامات ليست وليدة اليوم، وكل حركة مطالبة في البحرين تتهم بأن لها اتصالا بالخارج. لكن يبقى شأن البحرين هو شأن داخلي، والجمعيات السياسية في الموقف الرسمي لم تتهم بالمخابرة مع جهات الخارج، عدا المقبوض عليهم، والمعتقلون هم المطالبون بالجمهورية ما عدا جمعية إبراهيم شريف (جمعية «وعد»)، لكن هناك من يضع إيران شماعة لأهداف تخدم أغراضا أخرى.

* السلطات تقول إن طرد القائم بأعمال السفارة الإيرانية جاء بسبب تعاونه مع المتظاهرين.. ما رأيك؟

- إذا كانت الحكومة تمتلك دليلا على المعارضة بشأن الاتصال بإيران فعليها أن تطرحه في الإعلام من مبدأ الشفافية، وخلافات الحكومة مع القائم بالأعمال الإيراني تطرح في الإعلام، وبالمناسبة في الشهر الماضي نشرت صحيفة «الغادريان» وثيقة مهمة تفيد بأن الدبلوماسية الأميركية، طلبت أدلة تدين المعارضة للاتصال بإيران منذ 30 سنة، ولم يقدم أي دليل واحد يدين المعارضة.

* ربما اتصال غير مباشر؟

- يكفي الاستدلال باستفتاء هيئة الأمم المتحدة مايو (أيار) 1970 عندما عرضت استفتاء على الشعب البحريني ووجهت له سؤالا صريحا وواضحا: هل تريد أن تلتحق بإيران أم تريد أن تبقى البحرين دولة عربية مستقلة؟ والشعب اختار عروبة البحرين، ولا نريد أن نلتحق بإيران، والملكية الدستورية والمجلس المنتخب والحكومة المنتخبة ليست هي مطالب إيرانية، فهي مطالب شعبية وحقوق مشروعة.

* لكن أعود وأقول لك إن المطالب تجاوزت الحقوق المشروعة إلى تغيير جذري في النظام.. فهل ترون هذا أمرا مقبولا؟

- طاولة الحوار هي الفيصل وهي التي تحدد فحوى المطالب على أن تطرح للنقاش.

* طالبت بلجنة محايدة في التحقيق.. هل يعني هذا أن المعارضة انشقت عن الدولة أو فقدت الثقة فيها؟

- لا طبعا، لكن في ظل معركة شرسة، حيث تتهم المعارضة الحكومة في أكثر من 20 قتيلا، والحكومة تتهم المعارضة بقتل شرطيين، فمن يفصل في هذا الموضوع؟ وهذا دور لجنة تقصي الحقائق في هيئة الأمم المتحدة، ومثل ما أخذنا قضية الاستفتاء على عروبة البحرين في أروقة هيئة الأمم، يجب أن نقبل بالتحقيق في ما حدث.

* هل هذا يعني السعي لتدويل الأزمة؟

- أبدا، لكن الأزمة دولت منذ دخول قوات درع الجزيرة، ومع ذلك نقبل بدولة خليجية كطرف ثالث، وذلك كي نغلق ملف الأحداث في ما يتعلق بالقتلى والمسؤولين عنهم.

* لو فرضنا أن مقر قوات درع الجزيرة في البحرين وليس في السعودية، أليس من واجب هذه القوات المساندة في حفظ الأمن؟

- «درع الجزيرة» هدفها حماية الشعوب، لكن الخوف الذي دب في نفوس المتظاهرين أن الشعب أصبح في مواجهة قوات درع الجزيرة لأول مرة، لأنه لا يوجد عدوان خارجي، كما حدث في الكويت، وما يجري في البحرين ليس عدوانا إنما مطالبات مشروعة، والمعارضة ليست لديها حساسية من درع الجزيرة، لأننا من ضمن النسيج الخليجي ولا نرفض درع الجزيرة، لكن الكيفية التي دخلت بها في الأزمة هي المرفوضة، ولو كان الجيش يريد أن يحمي البحرين من تدخل إيراني مثلا، فكان الأولى به أن يسارع بقوات بحرية.

* لكن المعارضة أصبحت تهدد الحكم في البحرين؟

- المعارضة لم تهدد النظام، والمطالبة بإصلاحات لم ولن تكون تهديدا في يوم من الأيام. والأمر الآخر هو أن الجيش البحريني قادر على القيام بدوره، حيث يخصص له 33 في المائة من الموازنة العامة، ولا نعتقد أنه غير قادر على معالجة مطالب سياسية.

* ما هو المخرج الآن بعد أن وصل الوضع إلى ما وصل إليه؟

- سؤال جدير بالمناقشة، وهو مطروح لدى الحكومة وكذلك المعارضة. وأتصور أن يعالج من خلال مرحلتين، وتكون الآلية من خلال وساطة دولة مقبولة خليجية من الطرفين، ونحن شعب خليجي، بحيث ـبدأ مرحلة وقف النزيف والمعالجة السياسية دون الدخول في التفاصيل في ما تطلبه المعارضة أو تطلبه الحكومة. ولنتفق على أساس المبدأ أن تكون دولة خليجية تقوم بالوساطة، على أن تفصل بين المعالجة الأمنية والسياسية، وفي المعالجة الأمنية لا بد من سحب الجيش، ورفع قانون السلامة الوطنية، لأنه يؤثر على اقتصاد البلد، ولسنا في حاجة إليه، وأن تعود الحياة إلى طبيعتها كما كانت من قبل ثم ندخل في المعالجة السياسية، لأنه لا يمكن للحوار أن يتم والجيش في الشارع، والمسدس في رأس المعارضة، ولا نريد تعقيد الأمور أو بحاجة لوضع شروط إضافية، ونريد أن ندخل الحوار بكل ثقة كي تطرح المعارضة ما تراه مناسبا بكل ثقة وجرأة وتقوم الحكومة بمناقشة الموضوع ثم يطرح الموضوع على الاستفتاء الشعبي بحيث يكون المواطن الحق في قبول ما تم الاتفاق عليه أو رفضه. ولا ندخل في قضية الفرض على المواطنين، بحيث تكون هذه المعالجة السياسية مقبولة للحكم والشعب من مبدأ لا غالب ولا مغلوب.

* وهل المعارضة لديها الاستعداد للتنازل لتسهيل الوصول إلى حلول؟

- في العملية السياسية يجب على الجميع أن يقدم تنازلات لمصلحة استمرارية الحوار والوصول إلى نقاط اتفاق يصادق عليها الشعب كي نتجاوز هذه الأزمة.

* وهل طرحت أسماء دول معينة للدخول في الوساطة؟

- هناك طرح في صحيفة كويتية يفيد بأن هناك توجها كويتيا للوساطة، والكويت سبق أن أرسلت وفدا قبل نحو أسبوع، التقى ولي العهد، بهدف تقريب وجهات النظر بين الحكومة والمعارضة، ولا نعلم ما إذا كانت الكويت ستواصل المسعى أم لا، ونحن نريد التحرك في إطار خليجي لإنهاء الأزمة.

* ولماذا الإطار الخليجي وأبواب الملك مفتوحة؟

- صحيح الأبواب مفتوحة، وقد فتح باب الحوار من دون شك، لكن في تقديري من الصعب على الطرفين الدخول في حوار من دون وساطة، والوضع في حاجة لترميم الثقة بين الطرفين، ويبدو أن الوساطة الخليجية ستلعب دورا في إيجاد حلول، ونحن نبحث عن حلول وليس شعارات.

* أليس من الشجاعة أن تكون هناك مبادرة من المعارضة؟

- الأبواب كلها مغلقة، والوضع معقد، والحاجة ضرورية لدخول دولة خليجية، ومن ثم تتحمل الحكومة مسؤوليتها وكذلك المعارضة.