غيتس لإسرائيل: العالم العربي الثائر يفقد صبره تجاه الجمود في عملية السلام

وفقا لمصدر يرافق وزير الدفاع الأميركي

رئيس الوزراء الفلسطيني سلام قياض لدى استقباله وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس في مقر الحكومة في رام الله امس (إ. ب. أ)
TT

في الوقت الذي تخيم فيه أخطار تدهور الأوضاع في قطاع غزة واحتمالات عدوان إسرائيلي جديد، طالب وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، المسؤولين الإسرائيليين بالمبادرة إلى إحداث انعطاف يفضي إلى استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. وقال إن إسرائيل لا تدرك بعد حقيقة ما يجري في العالم العربي. وإن المطالبين بالتغيير في الدول العربية لا يضعون قضية فلسطين على رأس أجندتهم، ولكنهم يحملون موقفا واضحا أنه يجب وضع حد للجمود في هذه القضية والإسراع في التوصل إلى اتفاق سلام.

ونقل عن مصدر مرافق للوزير غيتس، القول خلال زيارته لإسرائيل، أمس، إن «الشعوب العربية بدأت تفقد صبرها على الاستمرار في الصراع». وعندما سئل عن الجواب الإسرائيلي على هذا الموقف أجاب: «الإسرائيليون قلقون جدا من التغييرات التي تشهدها المنطقة، بينما إدارتنا ترى الأمور بشكل مختلف بعض الشيء». وحذر من أنه ولو كانت القضية الفلسطينية لا تشكل أولوية في الحركات الشعبية التي يشهدها الشرق الأوسط، فإنه «من الممكن أن تبدي هذه الحركات نفاد صبر إزاء إسرائيل».

وكان القصف الصاروخي الفلسطيني والغارات الإسرائيلية قد هدأت نسبيا، أمس وأول من أمس، فاتخذت طابعا سطحيا ولم توقع إصابات في الطرفين. وترافقت مع تصريحات من مسؤولين في الطرفين، يهددون فيها بـ«رد الصاع صاعين»، ويؤكدون في الوقت ذاته أنهم غير معنيين بالتدهور إلى حالة حرب. وكما أشارت «الشرق الأوسط» في عددها، أمس، فإن هناك خلافات لدى الطرفين حول طريقة التصرف. فكما أن الفلسطينيين مختلفون في ما بينهم حول التصعيد، فإن الإسرائيليين أيضا مختلفون.

وحسب مصادر إسرائيلية عليمة؛ فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي كان يؤيد توجيه ضربات قاسية لقطاع غزة، جوبه برفض شامل محلي ودولي. فقد طلب منه الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، ورئيس وزرائه، فلاديمير بوتين، ضبط النفس وعدم دفع الأوضاع إلى تدهور جديد. وأكدا له أنهما يعرفان أن حركة حماس غير معنية بإشعال حرب في القطاع، وأنها ستسعى إلى فرض التهدئة من جديد في حالة وقف الغارات الإسرائيلية. وحذرا من التهديدات الإسرائيلية باجتياح القطاع أو من العودة إلى سياسة الاغتيالات لرموز القيادات الفلسطينية السياسية في قطاع غزة.

وفي مكالمة هاتفية ودية، حاول الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تشجيع نتنياهو على «الاستمرار في ضبط النفس وعدم التدهور إلى حرب»، وذلك عن طريق الإشادة بـ«الرد المتعقل له على قصف الصواريخ وعلى العمليات الإرهابية التي تنفذها عناصر فلسطينية متطرفة في حق مدنيين إسرائيليين» (يقصد قتل أفراد العائلة اليهودية الـ5 في مستوطنة ايتمار والعملية التفجيرية في القدس الغربية).

وجاء من مكتب نتنياهو أنه رحب بالفرصة للحديث مع غيتس «حول سلسلة من القضايا ذات الصلة بالجهود الرامية إلى تحقيق الأمن والهدوء هنا. لدينا مصالح مشتركة، وكما قال وزير الدفاع، لنا أيضا تعاون واسع جدا في الكثير من المجالات بما فيها الاستخبارات والأمن والدفاعات المضادة للصواريخ. ونحن سنقوم بتوسيع هذا التعاون من خلال المناقشات التي نجريها الآن».

وأضاف: «تعرضت إسرائيل خلال الأيام الأخيرة لهجمات صاروخية واعتداءات إرهابية. سمعت، أمس، كلام الرئيس أوباما الذي اتصل بي هاتفيا عندما اجتمعت في موسكو مع رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين. كان الرئيس أوباما واضحا جدا وداعما للغاية، وقدم تعازيه لضحايا العمليات الإرهابية. إنه قال ببساطة: الولايات المتحدة تقف معكم في مكافحة الإرهاب. سمعت نفس الكلام من رئيس الوزراء بوتين ومن الرئيس ميدفيديف، وكذلك من رئيس وزراء إيطاليا، سلفيو برلسكوني. ونحن نسمع هذا الكلام أيضا من بلدان أخرى. أمامنا كفاح يخوضه جميع المتحضرين ضد هذا المرض والشر المتمثل في الإرهاب والهجوم المتعمد والمباشر والغاشم على المدنيين الأبرياء. لن يتسامح أي بلد مع مثل هذه الهجمات، وإسرائيل لن تتسامح معها. ونحن على استعداد للرد بكل قوتنا لوقف الإرهاب وسنضع حدا له».

وكان قادة الجيش الإسرائيلي، أيضا، قد اتخذوا موقفا معارضا للحرب، مؤكدين لنتنياهو أنهم يحبذون في هذه المرحلة بذل جهد خاص للمفاوضات مع الفلسطينيين. وكشف، أمس، عن سبب آخر لموقف الجيش. فالمواطنون الإسرائيليون في الجنوب، الذين يطالبون الجيش بإعلان الحرب، وهم مطمئنون بأن منظومة القبة الحديدية (الصواريخ التي يقال إنها قادرة على تدمير الصواريخ الفلسطينية قبل أن تصل إلى هدفها) أصبحت جاهزة للعمل. ولكن هذه المنظومة، ورغم التجارب الناجحة التي أجرتها، ما زالت بعيدة عن القدرات التنفيذية. والجيش معني بأن يجربها في حرب، ولكن فقط عندما تكون جاهزة لذلك تماما. فهو معني بتسويق هذه المنظومة وبيعها إلى الدول المهتمة بذلك (الهند، والولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا.. وغيرها). ولا يريد أن تفشل في أول تجربة لها في الحرب، حيث إن فشلها سيكون مدمرا لمشروع بيعها.

من جهة ثانية، أجرى وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، محادثات في إسرائيل مع كل من نظيره، إيهود باراك، الذي كان قد استقبله في واشنطن في مطلع الأسبوع، ونتنياهو، والرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس. وقال غيتس إن التعاون الأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة يشهد أفضل مراحله، وأوضح أنه عمل مع 8 رؤساء أميركيين ولم تشهد العلاقات الأمنية بين الدولتين مراحل أفضل. وقال إن التعاون غير مسبوق، خصوصا في ما يتعلق بتطوير منظومات الدفاع الجوي لمواجهة القذائف الصاروخية، كما أكد التزام الولايات المتحدة بضمان التفوق العسكري الإسرائيلي.