مصر: مبنى «ماسبيرو» يتحول إلى رديف لميدان التحرير

شهد مظاهرتين أمس لتطهير التلفزيون والإفراج عن معتقلين مسيحيين

صبي مصري يرفع أمس علم بلاده في مظاهرة «جمعة التطهير» بميدان التحرير، الذي انطلقت منه الشرارة الأولى للثورة، (أ.ب)
TT

على عكس المظاهرات التي شهدتها العاصمة القاهرة أيام الجمع منذ انطلاق «ثورة 25 يناير»، والتي أسقطت نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.. انتقلت مظاهرة «جمعة التطهير» من ميدان التحرير الذي انطلقت منه الشرارة الأولى للثورة إلى مبنى التلفزيون على كورنيش النيل، الذي شهد أمس مظاهرتين للإعلاميين والمسيحيين للمطالبة بإقالة رموز الفساد بـ«ماسبيرو» والإفراج عن المعتقلين. بينما استخدم أفراد من القوات المسلحة القوة في إبعاد ثلاثة من الشباب ينتمون إلى مجلس أمناء الثورة وحجزهم داخل مبنى التلفزيون.

منذ الساعات الأولى توافد أمس آلاف المواطنين في مظاهرة جديدة أطلق عليها «جمعة التطهير»، التي دعا إليها إعلاميون ونشطاء سياسيون وائتلاف شباب «ثورة 25 يناير» احتجاجا على قانون تجريم الاعتصام والتجمهر والمطالبة بالتخلص من رموز الفساد في وسائل الإعلام.

وردد المتظاهرون شعارات «الشعب يريد تطهير الإعلام»، و«لا الحزب ولا إعلامه ولا فلوله ولا أتباعه».

وأمّ المتظاهرين في صلاة الجمعة الداعية الإسلامي صفوت حجازي، الذي طالب في خطبته بضرورة رحيل رموز الفساد بالتلفزيون وإقالة رؤساء الصحف القومية ورؤساء الجامعات، ووجه حجازي حديثه للمجلس العسكري قائلا: «ارتضينا بكم وما زلنا، لكنكم تكاسلتم بعض الشيء، فلا يزال في (ماسبيرو) أباطرة الفساد الذين جعلوا من الرئيس السابق إلها، فلا نريد للإعلام أن يكون هدفا أو وسيلة لخلق ثورة مضادة»، مضيفا: «الشعب قال سابقا نريد إسقاط النظام، إلا أنه لم يسقط سوى البعض، ولا يزال البعض الآخر قائما».

وهدد حجازي بأنه «إذا وصل الأمر إلى إشعال ثورة أخرى فإننا قادرون، ولكننا لن نفعل، لأن مجلسنا العسكري ورئيس الوزراء الدكتور عصام شرف يتفهمون مطالبنا، ويعرفون أنها مطالب الثورة».

ومن جانبه، طالب علي أبو هليمة، مخرج بالتلفزيون، بتحرير الإعلام من رموز الفساد التي حاولت الانقضاض على الثورة المصرية مثل عبد اللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار، ونادية حليم رئيس التلفزيون، وهالة حشيش رئيس قطاع القنوات المتخصصة، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلام المصري هو ملك للشعب ويجب أن يعبر عن ثورته ولا يجب أن يقوده بقايا النظام البائد»، مضيفا أننا نريد إعادة النظر في بعض اللوائح الخاصة بالسياسات الإعلامية واللوائح المالية وتحديد حد أقصى للأجور، مؤكدا على أن «اجتماعات الحكومة معنا ووعودها لم ينفذ منها شيء».

وأكدت الإعلامية هالة فهمي على أن «مظاهرة أمس أكدت على وجوب تغيير الرسالة الإعلامية لتتواكب مع ما تشهده مصر في أعقاب (ثورة 25 يناير)».

وعلى الجانب الآخر من مبنى «ماسبيرو» نظم عدد من المسيحيين مظاهرة للمطالبة بضبط المشتبه بهم في أحداث كنائس صول والمقطم والمنشية، والبدء الفوري في إعادة بناء مطرانية مغاغة، والإفراج عن 19 معتقلا تم اعتقالهم من أمام «ماسبيرو» قبل ثلاثة أسابيع، مرددين شعارات «عاملوا مريم زي فاطمة تبقى هي دي المواطنة»، وأكد القس متياس على أن المتظاهرين لهم مطالب يجب تنفيذها، وهي الإفراج عن المعتقلين الذين تم إلقاء القبض عليهم أمام «ماسبيرو» والقبض على الجناة في أحداث كنيسة «الشهيدين» بمدينة صول بأطفيح بمحافظة حلوان، والجناة الذين قتلوا الأقباط بالمقطم، وبناء مطرانية مغاغة والإفراج عن الراهبة مريم راغب، وفتح الكنائس التي أغلقها جهاز أمن الدولة تعسفيا.

ومن جهته، كشف محمد عباس، عضو ائتلاف شباب الثورة، عن قيام أفراد من القوات المسلحة بالتعدي على 3 أشخاص من شباب مجلس أمناء الثورة، حاولوا تركيب مكبرات صوت، وتم اقتيادهم داخل مبنى التلفزيون والاعتداء عليهم، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «الائتلاف وجد في مظاهرة أمس لدعوة الحكومة إلى محاربة جميع صور الفساد في الإعلام».

وفي المقابل، تجمعت أعداد قليلة في ميدان التحرير للمطالبة بتكريم أمهات الشهداء وزراعة أشجار لكل شهيد بالميدان.

وفي الإسكندرية، تجمع المئات أمام مسجد القائد إبراهيم احتجاجا على هروب جميع ضباط الشرطة الذين تم إحالتهم للمحاكمة والمتهمين بقتل الثوار يوم «جمعة الغضب» في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، والتنديد بقانون منع التظاهر.

وقال سمير السيد - والد الشهيدة أميرة: «لن نقبل سوى بالقصاص من قتلة شهدائنا»، معلنا الدخول في اعتصام مفتوح بميدان الجندي المجهول بحي المنشية إلى حين إلقاء القبض على الضباط ومحاكمتهم.

ودعا الشيخ أحمد المحلاوي في كلمة عقب صلاة الجمعة إلى القيام بثورة جديدة وسريعة، قائلا: «علينا جميعا نساء وشيوخا وشبابا وأطفالا أن نعود للخروج إلى الشارع مرة أخرى، فالثورة لم تكتمل»، مشيرا إلى استمرار معظم المسؤولين السابقين في جميع القطاعات بالبلاد في مناصبهم، وهم من رموز العهد السابق وتابعون له ومتورطون في العديد من الجرائم.