جدل «الرحيل» والبقاء يتسلل إلى الأسرة اليمنية

البيوت والأماكن العامة ووسائل النقل أماكن لمناقشة موضوع الساعة

مؤيدون للرئيس اليمني علي عبد الله صالح يرفعون صوره والعلم اليمني اثناء مظاهرة تأييدية له في صنعاء أمس (أ.ب)
TT

يتصاعد الجدال في اليمن بين من يؤيد النظام الحالي ومن يطالب بسقوطه ورحيله، فأينما ذهبت تجد الجدال والنقاش الذي يتصاعد بشكل أكبر عند الأصدقاء، وحتى داخل الأسرة الواحدة، وأغلب هذه النقاشات تنتهي بسلام وتمسك كل طرف بوجهة نظره.

يقول أكرم أحمد (30 سنة) لـ«الشرق الأوسط»: «أنا مع أربعة من إخوتي نطالب برحيل هذا النظام من أجل مصلحة الشعب كاملا، بينما اثنان من إخوتي مع بقاء النظام، ودائما ما نتجادل حول مطالبنا المتناقضة، أما أبي فمنذ يوم الجمعة الدامية، التي قتل فيها 53 شابا انضم إلينا لنشكل جبهة واحدة داخل أسرتنا، إضافة إلى والدتي التي تصنع الكعك لنأخذه معنا ونوزعه للمعتصمين في ميدان التغيير».

لكن مع ذلك يؤكد أكرم قائلا: «إننا جميعا نتفق على حب اليمن، ويحاول كل طرف أن يقنع الآخر بوجهة نظره».

هناك الكثير من الأسر شبيهة بأسرة أكرم، ولا تختلف النقاشات عن فكرة المؤيد والمعارض للنظام، يقول سليم اليمني لـ«الشرق الأوسط»: «إننا ضد أن تدخل الأحزاب في ثورة الشباب، لأننا لا نثق بها، وأخاف أن تلتف الأحزاب على مطالب الشباب فتضيع عليهم ثورتهم».

ويضيف اليمني: «كنت من مؤيدي النظام، لكن بعد مشاهدتي لصور المذبحة في جامعة صنعاء غيرت موقفي، وأعلنت دعمي لمطالب الشباب، لكن بشرط أن تبتعد الأحزاب عنها».

سليم يخالف موقف إخوته في موقفه؛ فهم مع بقاء النظام ومع الرئيس ويعلنون تأييدهم له، وينتقل النقاش والجدل إلى مقايل القات ومجالس اليمنيين، سواء الرجال أو النساء، فبحسب محمد الفائق، فإن أصدقاءه يختلفون في مواقفهم بين الرفض والتأييد: «حيث تتحول مجالسنا إلى جدال يستمر ساعات، وتزداد وتيرتها بين الأصدقاء لتصل إلى مغادرة بعضهم مجلسنا، لكننا نجتمع في اليوم التالي لنبدأ جدلا جديدا».

وفي الشارع، تتحول وسائل المواصلات إلى ساحة جدل، هي أيضا، بعضها يصل إلى العراك والاشتباك بالأيدي، كما حدث مع محمد جباري الذي اشتبك مع أحد المطالبين ببقاء النظام، ويقول جباري لـ«الشرق الأوسط»: «تجادلت مع أحد الأشخاص وشرحت له مبررات رحيل النظام، لكنه لم يقتنع، فكان يشرح لي أيضا مخاوفه من الحرب الأهلية والعنف، وأنه لولا الرئيس لما كانت هناك وحدة، وبعد اشتداد المناقشة حاول الاعتداء علي وفرض وجهة نظره بالقوة».

ويعتبر جباري أن «الوضع في الشارع العربي الآن، مختلف عن أي مرحلة تاريخية سابقة، لم يكن يجرؤ أي مواطن أن يتحدث عن ثورة وتغيير للنظام، بل كانت هذه تهمة يحاكم عليها كتهمة خيانة عظمى، واليوم المواطن اليمني يتحدث من دون خوف في الشارع في مؤسسته في السوق والشارع».

أما عبد الله شور، وهو معلم في محافظة عمران شال صنعاء فيعتبر أن الكثير من المعتصمين في جامعة صنعاء لا هدف لهم إلا الخراب والعنف، ولا تهمهم مصلحة اليمن، ويتابع في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «نحن نعيش في أمن واستقرار، ولا يوجد مبرر لتغييره، لأن البديل هو المجهول».

المجتمع اليمني على الرغم من امتلاكه السلاح كما هو معروف، فإن تلك المناقشات والجدال حول بقاء أو رحيل النظام تدل على ما يتمتع به من تسامح وحب للسلام، فالجميع مع بلادهم ووحدتهم، لكنهم مختلفون في كيفية التغيير والإصلاح، كما يطرح المراقبون الذين يقولون إن المشهد في اليمن «متطور»، لأن أبناء القبائل نزلوا إلى ساحات الاعتصام في جميع المحافظات دون أن يحضروا معهم أسلحتهم، وأنهم اختاروا العمل السياسي السلمي كوسيلة لتغيير النظام، على الرغم من أنه كان بإمكانهم القيام بذلك بما يمتلكونه من أسلحة.