الأزهر: لا يجوز لجماعة أن تقيم الحدود بنفسها حتى لو رأت مخالفة للشرع

سلفيون يعتدون على مسيحي ويقيمون عليه الحد بقطع أذنه

TT

أثارت واقعة قيام مجموعة سلفية بتطبيق الحد على أحد المسيحيين بمحافظة قنا (جنوب مصر)، كعقاب على اتهامه بتسهيل ممارسات جنسية غير مشروعة بقطع أذنه فزع القوى السياسية والليبراليين المصريين، وقال أمين اسكندر وكيل مؤسسي حزب الكرامة الناصري لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حالة من الفزع والرعب يعيشها مسيحيو مصر الآن، بل كل مصري ليبرالي». وأكد علي نجار الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر على أنه «لا يجوز لجماعة مهما كانت أن تقيم الحدود بنفسها».

ورفض اسكندر محاولة تخويف المصريين، مشددا على أنه إما أن نعيش في دولة مدنية ودولة قانون أو أن «تحكمنا الطوائف وتعود مصر مئات السنين إلى الخلف»، وأضاف بقوله: «لا بد أن نضرب بيد من حديد على كل من قام بهذه الواقعة».

وأعرب اسكندر عن اعتقاده أن ما تم في معالجة أحداث الفتنة الطائفية وحرق كنيسة في أطفيح (بمحافظة حلوان)، كان «كارثة تسببت فيما حدث بقنا» (إقامة الحد). وتساءل: «ما معنى أن يسمح الجيش بتدخل محمد حسان وهو من رموز السلفيين في أطفيح، ويترك له معالجة الأزمة». ورفضت مصادر كنسية التعليق على الحادث، وقالت: «لا تسألونا.. فهل وصلنا إلى هذا الدرجة؟!».

من جانبه، أكد نجار على أن الحدود في الإسلام معروفة، ولا يوجد فيها قطع أذن أو ما شابه ذلك، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «الحد لا يقيمه إلا الحاكم، فلا يجوز لجماعة من الجماعات مهما كانت أن تقيم الحدود بنفسها، ولكن يجب على من يرى من هذه الجماعات مخالفة لشرع الله أن يبلغ أولياء الأمور الذين بأيديهم إقامة مثل هذه الحدود».

وأوضح نجار أنه إذا تركنا الحبل على غاربه لكل إنسان ينفذ الحدود كما يرى أو كما يجب فإن المجتمع سوف يتحول إلى فوضى، قائلا: «النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يأمر بإقامة الحدود، فحينما جاءته المرأة الغامدية التي زنت وطلبت منه أن يقيم الحد عليها، أخرها الرسول حتى تلد، ولما جاءته مرة أخري، أخرها حتى ترضع الوليد، وجاءته في الثالثة ومعها الوليد وهو يمسك بيده قطعة خبز، كي تبين للنبي أن ولدها لم يعد يحتاج إلى لبنها، فأمر النبي وقتها بإقامة الحد، وأثناء إقامة الحد عليها، لعنها أحد الصحابة، فقال له النبي (لا تلعنها) فقد تابت توبة لو وزعت على 70 من أهل المدينة لكفتهم».

وأشار نجار إلى أن «القاعدة الفقهية في الإسلام تقول بأن الحدود جوابر وليست زواجر»، بمعنى أن من يرتكب فعلا يستحق عليه الحد، وقد أقيم عليه الحد، فإنه يصبح بريئا مبرئا، والله سبحانه وتعالى لا يعاقبه يوم القيامة على فعلته، موضحا أن «الحدود في الإسلام إنما شرعت لتحفظ المجتمع من الانهيار والفساد»، قائلا إن «ما حدث يعطي فرصة للغرب والعلمانيين للتأكيد على أن الإسلام دين الرجعية والقسوة والغلظة».

وكان العشرات من السلفيين قاموا بالتعدي على مواطن مسيحي يدعى أيمن أنور متري في العقد الرابع من العمر بمدينة المنشية بمحافظة قنا بصعيد مصر وقطع أذنه، وإصابته بقطع عرضي خلف الرقبة، لاعتقادهم بأنه يسهل لممارسة الدعارة في شقته التي يمتلكها. وتلقى متري اتصالا من ملتحين يطالبونه بإخلاء شقته بمنطقة المساكن من قاطنيها وهما فتاتان مغتربتان عن قنا، وفوجئ بهم يطلبون منه، استدعاء مستأجرتي الشقة لتسليمهما متعلقاتهما.

ثم قاموا بالاعتداء عليه بالضرب بأسلحة بيضاء وقطعوا له أذنه وحاولوا قتله، وقاموا بإشعال النيران في الشقة والسيارة المملوكة له، وتم استدعاء الشرطة وحرر محضر بالواقعة بنيابة قنا التي أمرت بضبط المتهمين.