المطر ينضم إلى «عمليات بغداد» في تحجيم مظاهرات «جمعة المساءلة»

مظاهرة في ساحة التحرير تطالب الحكومة بإطلاق سراح المعتقلين

عراقية تحمل صورتين لاثنين من أقاربها قضيا في أعمال العنف خلال مظاهرة في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

مرة أخرى تتنفس الحكومة العراقية الصعداء بسبب الانقسام في الموقف الشعبي حيال أحداث البحرين، الأمر الذي أدى إما إلى تعطيل عملية تفعيل المظاهرات الجماهيرية المطالبة بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين، أو تنظيم مظاهرات مساندة للشيعة في البحرين. وفي وقت لا يزال فيه هذا الموقف على حاله منذ نحو أسبوعين، دخل طارئ جديد على ساحة خرق المظاهرات ووحدة الأهداف والشعارات التي يتبنونها، وهو خروج مظاهرات ضد الحكومة أيضا، ولكن بسبب شروعها بالمصالحة الوطنية، التي تم خلالها الإعلان مؤخرا عن إلقاء نحو خمسة فصائل مسلحة السلاح وقبولها الاندماج في العملية السياسية.

وفي الوقت الذي بدأت فيه قيادة «عمليات بغداد» تتبع سياسة خاصة لتحجيم المظاهرات «الجمعوية»، التي تقصد «ساحة التحرير» في قلب بغداد حصرا، وتتمثل في السيطرة على الطرق والجسور والمقتربات الخاصة بالساحة، مما يجعلها في كماشة وتحت مرمى هراوات وعصي مكافحة الشغب بكل سهولة؛ فإن عاملا جديدا «تطوع» هذا الأسبوع ليرمي بكل ثقله إلى جانب الأجهزة الأمنية والعسكرية، وهو المطر غير المتوقع الذي هطل على بغداد في شهر مارس (آذار)، ومنذ منتصف الليلة قبل الماضية، وبشكل متواصل.

ومع ذلك، فإن مئات المواطنين، بمن فيهم النساء والأطفال فضلا عن متظاهرين من محافظات ومناطق قريبة من بغداد، كانوا قد تمكنوا من الوصول إلى ساحة التحرير للمشاركة في المظاهرة التي أطلقت عليها الكثير من الجهات المنضمة لها «جمعة المساءلة». ورفع المتظاهرون شعارات ولافتات طالبت رئيس الوزراء، نوري المالكي، ورئيس البرلمان، أسامة النجيفي، بالبدء في محاسبة المسؤولين الفاسدين، فضلا عن إطلاق سراح مئات المعتقلين من السجون، لا سيما أن هذه المظاهرة جاءت غداة الأحداث التي وقعت، أول من أمس، في سجن التفسيرات بجانب الرصافة من بغداد.

وبينما تجاهلت الكثير من القنوات الفضائية أخبار المظاهرة، ومنها قناة «العراقية» الحكومية، فإن قناة «البغدادية» أعلنت أن السلطات صادرت سيارة ومعدات تملكها مخصصة للبث المباشر كانت مهيأة لمتابعة المظاهرات. لكن رئيس هيئة الإعلام والاتصالات، برهان شاوي، نفى رواية الجهات المسؤولة بأن المصادرة جاءت بناء على طلب من الهيئة. ومع أن المطر كان عائقا لمشاركة أعداد أخرى من المتظاهرين فإنه كان حافزا للمتظاهرين بإقامة صلاة جمعة داخل الساحة، طالب خلالها الشيخ محمد الجبوري، الذي أم المصلين، السلطات بتشريع قانون يخصص من خلاله حصة شهرية للمواطن من واردات النفط. وقال الجبوري في خطبته: «يمكن تحقيق ذلك في إطار تشريع قانون يعتمد في أساسه التاريخي على قانون رقم (80) لسنة 1961، الذي أمم جميع الأراضي غير المستغلة من قبل الشركات النفطية الاحتكارية، وقد دعم الشعب هذا القانون بمظاهرات دموية قدم فيها الكثير من الشهداء، على أمل إتمام هذا القانون، ومنع الالتفاف عليه وإلغاء مضامينه».

واعتبر الجبوري أن تنفيذ هذا المطلب سيحقق الحل للكثير من المطالب الشعبية التي أخرجت الناس في مظاهرات عامة مطالبة بتحسينها، وسيخلق حالة من الرقابة العامة الجماهيرية لثروات العراق، وبالتالي سيقطع طريق الفساد المالي وسيحقق كفالة للمواطن العراقي في المؤسسات المالية والبنوك. على صعيد آخر، اشترطت وزارة العدل العراقية وجوب توفر مذكرات اعتقال صادرة من القضاء العراقي لتسلم أكثر من 200 معتقل عراقي في سجون القوات الأميركية في شهر يونيو (حزيران) المقبل. وقال وزير العدل، حسن الشمري، خلال زيارة قام بها إلى سجن أبو غريب إن «الوزارة اشترطت خلال محادثاتها مع القوات الأميركية ضرورة وجود أوامر إلقاء قبض صادرة من القضاء العراقي لتسلم أكثر من 200 معتقل عراقي في سجونها». وأضاف أن هناك «لقاءات مستمرة بين الوزارة والجانب الأميركي لتوفير المستلزمات المناسبة لتسلم المعتقلين»، لافتا إلى «وجود ضوابط وقوانين تحكم عمل الوزارة لتسلمهم في شهر حزيران المقبل» مؤكدا في الوقت نفسه قيام الوزارة بتهيئة «المكان المناسب لاستقبال وإيداع المعتقلين».