القصف يرهق قوات القذافي.. والثوار: أجدابيا ومصراتة على وشك السقوط

مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط»: هجمات قوات التحالف عطلت خطتنا لغزو بنغازي

مقاتلان من الثوار الليبيين يحاولان رصد إحدى طائرات قوات التحالف أثناء تحليقها فوق محور بنغازي ــ أجدابيا أمس (رويترز)
TT

على الرغم من دخول الضربات الجوية والصاروخية التي تتعرض لها القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية لنظام حكم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي يومها السابع، فما زالت هذه القوات رغم ما تكبدته من خسائر مادية وعسكرية، قادرة على ما يبدو على الصمود لعدة أسابيع إضافية أخرى، كما تقول. وقال مسؤول عسكري ليبي لـ«الشرق الأوسط» من طرابلس إن هجمات التحالف الغربي ضد مواقع القذافي العسكرية لم تفقد قواته المقاتلة إمكاناتها على الأرض، مشيرا إلى أن استمرار القصف لن يسفر عن إجبار النظام على تغيير مبادئه، على حد تعبيره. وأوضح المسؤول الذي طلب عدم تعريفه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام «طالما ليست هناك قوات برية على الأرض، فليستمر القصف، الأمر يحسم في الميدان وليس بالطائرات والصواريخ».

وقال إن القوات الحكومية الموالية للقذافي لم تنهار بعد، كما نفى ما أشيع عن حدوث حالات هروب وعدم انضباط في صفوفها بسبب رفض بعض القيادات تنفيذ الأوامر الموجهة إليها.

وفى محاولة لرفع معنويات مقاتليه صدر في طرابلس قرار مفاجئ نقله التلفزيون الرسمي مساء أمس موقع من القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية يقضي بـ«ترقية جميع منتسبي الشعب المسلح والملتحقين بوحداتهم وجميع منتسبي الأمن والشرطة لتصديهم البطولي الشجاع للعدوان الاستعماري الصليبي».

لكن المسؤول العسكري الليبي أقر في المقابل بأن القصف الجوي أدى إلى تعطيل خطة عسكرية لغزو معقل الثوار المتمردين في بنغازي، وقال «عندما تتعرض القوات البرية لهجمات على الطريق من دون أن تتمتع بغطاء جوي، فهذا معناه تغيير الخطة»، لكنه رفض الإفصاح عن المزيد من التفاصيل.

وفي تراجع عن تهديداته بغزو المدينة، قرر القذافي تسيير مظاهرة مليونية إلى بنغازي رافعة أغصان الزيتون، لكن الثوار الذين يتخوفون من تعرضهم للخديعة هددوا بعد جدل ونقاشات عنيفة فيما بينهم، بإطلاق النار على المتقدمين صوب المدينة.

وتقاتل قوات القذافي بضراوة للحيلولة دون سقوط مصراتة ثالث أهم مدينة في قبضة المناوئين له من الثوار، الذين يسعون في المقابل لتحقيق أول نصر عسكري حقيقي على قوات القذافي منذ بدء العمليات العسكرية لقوات التحالف في أجواء ليبيا.

وقال قيادي عسكري للثوار في موقع متقدم على مشارف مدينة إجدابيا لـ«الشرق الأوسط» عبر هاتف متصل بالأقمار الصناعية «من دون هذه الضربات الجوية لقوات القذافي لم يكن بإمكاننا التقدم باتجاه تحرير إجدابيا أو مصراتة. حرمان القذافي من ذراعه الجوية قد أفادنا كثيرا».

وأضاف «ليست لدينا القدرة على التعامل مع سلاح الجو الذي يمتلكه القذافي، لذا فإن أي محاولة لتحييده ستصب بكل تأكيد في مصلحة الثوار، هذا أمر مفروغ منه».

وستكون استعادة إجدابيا أكبر انتصار للثوار الذين تعرضوا لانتكاسة مؤقتة قبل أسبوعين عندما طردتهم قوات القذافي المسلحة وأعادتهم إلى بنغازي. واعتبر بعض المحللين أن هذا التطور يعكس أيضا حقيقة أن الغارات الجوية التي يشنها الغرب بهدف حماية المدنيين أعطت دفعة جديدة للمقاتلين المعارضين. وقال مصطفى غرياني المتحدث باسم المعارضين للصحافيين في بنغازي «إنها (الغارات البريطانية) ستضعف قواتهم (قوات القذافي) والأمر الأكثر أهمية ضعف معنوياتهم. نتوقع أن تحرر إجدابيا اليوم أو غدا».

ومع أن قوات القذافي وكتائبه الأمنية قد تعرضت في مواقعها الأمامية في مدن بشرق ليبيا وغربها إلى قصف عنيف، فإن تأثير هذا القصف لم يحد من فاعليتها في المعارك الضارية التي تخوضها ضد الثوار المناهضين للقذافي خاصة في مدينتي إجدابيا ومصراتة.

وما زال الثوار يحاصرون قوات للقذافي تتحصن داخل مدينة إجدابيا وتعرضت أمس لقصف جوي من قوات التحالف في محاولة لشل فاعليتها ومنعها من التقدم إلى الأمام.

وعلى الرغم من هذا الحصار أشاعت قوات القذافي رغبتها في الاستسلام المشروط، إلا أنها قصفت مواقع الثوار أمس بصواريخ الغراد والقذائف البعيدة المدى. وأعلن العقيد خليفة حفتر القائد العام لجيش ليبيا الحرة الموالي للثوار أول من أمس أن هناك مهلة 24 ساعة أمام قوات القذافي للاستسلام، لكن الساعات الماضية شهدت في المقابل مزيدا من المعارك المحتدمة بين الطرفين.

وقال مصدر عسكري من الثوار لـ«الشرق الأوسط» إن ثمانية مدنيين قتلوا على الأقل خلال هذه المعارك أمس من بينهم أربعة من أسرة واحدة لديها طفل لم يتجاوز عمره 7 شهور قتل أيضا.

وأضاف: «قوات القذافي ما زالت تقصف منازل المدنيين بالمدفعية الثقيلة بشكل عشوائي، هناك عدد كبير من الضحايا يجري حصرهم».

وبدا أن المفاوضات الرامية إلى إقناع قوات القذافي بالاستسلام قد باءت بالفشل بسبب تخوف كبار قياداتها من التعرض لعمليات انتقامية على أيدي المدنيين المسلحين.

وقال إبراهيم فرج عضو المجلس العسكري للثوار إن شيوخ القبائل المحليين عقدوا محادثات مع قوات القذافي وطالبوهم بالانسحاب، مضيفا «قال الشيوخ يجب أن تنسحبوا وتتركوا أسلحتكم ولن تتعرضوا لأذى، لكنهم رفضوا، ولهذا السبب نخطط للتقدم بأسلحة ثقيلة».

كما أكد العقيد حمد الحاسي أن «المدخل الشرقي لمدينة إجدابيا قد سقط بالفعل في أيدي الثوار»، فيما قال بن موسى وهو رجل يساعد مقاتلي المعارضة بالطعام والإمدادات، إن ثلاثة من مقاتلي القذافي استسلموا وخرجوا من إجدابيا وهم يحملون راية بيضاء. وأضاف أنهم نقلوا إلى بنغازي حيث تتمركز قوات الثوار.

وقال العقيد محمد الساير «لقد دخلنا المدينة. وعما قريب ستسقط البوابات الشرقية والغربية للمدينة، إننا نقوم بزعزعتها».

وعلى طريق يبعد بضعة كيلومترات إلى الشرق من هذه المدينة الأساسية التي تبعد 160 كلم جنوب غربي بنغازي، قال «إننا نهاجم البوابة الشرقية. وهنا، لديهم 15 دبابة وخمسون رجلا، وليس أمامهم من خيار آخر غير الاستسلام».

وعلى الفور بدأت عملية نزوح شبه جماعية لسكان المدينة، حيث شوهد عشرات السكان من هذه المدينة الساحلية وهم يهربون على متن سيارات سياحية باتجاه الجنوب، فيما تسيطر القوات الموالية للقذافي على المدخلين الشرقي والغربي للمدينة.

وكانت قوات القذافي قد تمكنت الأسبوع الماضي من السيطرة على إجدابيا، وكانت تنوي التوجه إلى بنغازي قبل أن يجبرها تدخل قوات التحالف ابتداء من التاسع عشر من الشهر الحالي، على أن تعود أدراجها.

وقال عبد الباسط أبو مزريق الناطق باسم الثوار، إن ميناء مصراتة قد تم تحريره بالكامل من قوات القذافي، مشيرا إلى أن السفن الحربية والزوارق قد غادرت الميناء، وأن قوات التحالف أبلغت المجلس الوطني في بنغازي بأنها ستؤمن مرورا آمنا للسفن التي تحمل مساعدات من مالطا.