المغرب: متهمون بتجنيد انتحاريين يرفضون المثول أمام قاضي التحقيق

عائلات وأقارب معتقلين يعتصمون بأبواب السجون المغربية مطالبين بالإفراج عنهم

TT

رفض المتهمون في قضية «شبكة الطبيبة» المغربية، المتهمين بتجنيد انتحاريين للعمل في العراق وأفغانستان، المثول أمام قاضي التحقيق المكلف قضايا الإرهاب، في جلسة عقدت في مدينة سلا المجاورة للرباط أول من أمس، وأعلن القاضي أمام قاعة فارغة حتى من محاميي المتهمين عن تأجيل النظر في القضية حتى 14 أبريل (نيسان) المقبل. وهذه أول مرة يمتنع فيها المتهمون في هذه الشبكة التي باتت تعرف بشبكة «الطبيبة ومن معها» وهي تدعى ضحى أبو ثابت، عن الحضور من السجن إلى الجلسة إلى قاعة المحكمة منذ اعتقالهم قبل سنة وثلاثة أشهر. يذكر أن الجلسة كان يفترض أن تخصص لمناقشة جوهر القضية، بعد الانتهاء من مناقشة الجوانب الشكلية للقضية في جلسة سابقة.

يشار إلى أن الجلسة السابقة كانت عرفت نقاشا حادا بعد أن طالب الدفاع بإزالة كاميرات للتصوير داخل قاعة المحكمة، حيث اعتبر أن تثبيت هذه الكاميرات مس بحقوق المتهمين، وأدت مداخلة ممثل النيابة العامة حول ما رأى فيه المحامون خروقات تتعلق بإجراءات اعتقال المتهمين، إلى تعقيب حاد من طرفهم. وطالب المحامي عبد المالك زعزاع، الذي يترافع عن متهمين ضمن هذه المجموعة، بضرورة إحضار المحجوزات التي كانت بحوزة المعتقلين من كومبيوترات، وهواتف جوالة وجوازات السفر، ثم ترجمة جميع الوثائق إلى اللغة العربية. والمطلب الثالث الذي ألح عليه زعزاع تمثل في ضرورة إزالة الكاميرات المثبتة في قاعة المحكمة، وعددها أربع كاميرات، واحدة فوق رأس القاضي وأخرى فوق رأس ممثل النيابة العامة، وثالثة موجهة للدفاع والرابعة في وسط القاعة، وقال إن هذه الكاميرات يرى فيها المحامون تعارضا مع مقتضيات القانون الجنائي التي تمنع تصوير المتهمين وهم يحاكمون، وقال: «سنبقى نطالب بهذا المطلب لأنه يمس باستقلال القضاء»، كما طالب المحامي زعزاع بضرورة إزالة القفص الزجاجي الذي يتم إدخال المتهمين إليه بعد استقدامهم من السجن، لأن القانون ينص على توفير جو الحرية للمتهم حتى عندما يمثل أمام القاضي والقفص يحد منها.

من جهته، طالب محمد أقديم محامي الطبيبة وبعض المتهمين الآخرين، بمتابعة المتهمين في حالة سراح مؤقت، وذكر أن استمرار اعتقال المتهمين كان لا يجب أن يتجاوز 12 يوما، مشيرا إلى أن بعضهم اعتقلوا دون إخطار أهلهم، وآخرون انتزعت الشرطة اعترافات منهم تحت الإكراه، وطالب بعدم اعتماد المحاضر التي ترتبت عنها هذه المتابعات، على أساس أن تبقى تصريحات المتهمين هي الأساس.

وفي معرض رد ممثل النيابة العامة على الدفاع، نفى خرق فترة الاعتقال وقال إن عددا من ضباط الشرطة الذين ثبت انتزاعهم لاعترافات من المتهمين تحت التعذيب تتم متابعتهم، وأن النيابة العامة لا تتهاون مع أي كان إذا خرق القانون، معتبرا تقارير الشرطة القضائية وثائق رسمية بغض النظر عن قيمتها الإثباتية، وأضاف أنه «لا يجوز الطعن فيها إلا بالزور، وهو ما لم يقم به المحامون».

وقال ممثل النيابة العامة بعدم حصول خرق في إجراءات التفتيش أثناء اعتقال الدكتورة ضحى أبو ثابت بمنزل والدها في الرباط، ردا على الدفاع الذي رأى في عدم حضور أي امرأة خلال التفتيش مسا بكرامة وحرية وحرمة المتهمة، وهو ما فسره ممثل النيابة العامة على نحو أغضب الدفاع بقوله إن حضور المرأة لا يكون ضروريا إلا أثناء التفتيش الجسدي للمتهمة، وأن التفتيش الذي قام به ضباط الشرطة انصب على المنزل وليس على جسد الطبيبة. وأضاف أن الدفاع لم يدل بما يثبت أن المتهمين تعرضوا للتعذيب أو أنه تم اعتقالهم في معتقلات خاصة. ورفض ممثل النيابة العامة إزالة «الكاميرات المثبتة في قاعة الجلسة، وباقي التجهيزات، لأن الغرض منها هو الحفاظ على الأمن داخل القاعة ولا علاقة لها بغير ذلك»، واعتبر القفص الزجاجي أيضا إجراء أمنيا ولا يحد من حرية المتهمين، وقال إن القفص أفضل من وضع حارس أمني قبالة كل متهم. وفي إطار التعقيب على كلام ممثل النيابة العامة قال المحامي أقديم مخاطبا القاضي «أمامكم مجموعة من المتهمين تعرضوا للتعذيب ولم تفعل النيابة العامة شيئا يذكر»، وأعطى المثال بموكلته الطبيبة ضحى أبو ثابت التي كان ضابط الشرطة ينفث دخان سيجارته في وجهها، وقال إن اسم الضابط معروف، وقال إنه لم يسمح للطبيبة بالذهاب إلى المرحاض وحدها، وعدم تركها تنام طوال 12 يوما.

وفي موضوع ذي صلة بقضايا الإرهاب، تواصل عائلات وأقارب كل المعتقلين في قضايا ذات الصلة بالإرهاب منذ الأربعاء الماضي اعتصامهم أمام أبواب السجون بعدد من المدن المغربية. السجن المدني بسلا، حيث يقضي معتقلو «السلفية الجهادية» مدد أحكام صدرت في حقهم بالسجن، ومعتقلون آخرون لم يحاكموا بعد، يقيم عدد من الأسر احتجاجا ومطالبة بالإفراج عن الأقارب المعتقلين. ويأتي هذا الاعتصام، بعد محاولات انتحار في سجن سلا، قام بها معتقلان اثنان هددا بإحراق نفسيهما، لولا أن معتقلين آخرين تدخلوا وحالوا دون حدوث هذه المحاولات الانتحارية. وحاول معتقل ثالث الرمي بنفسه من فوق سور السجن، وأصيب جراء ذلك برضوض وكدمات. بينما قام معتقل رابع بوضع حبل حول عنقه وربطه إلى رجله وانطلق يجري فوق سور السجن. ويظهر أن هناك تضامنا غير مسبوق بين كل المتهمين في قضايا الإرهاب، سواء المدانين منهم أو من لم تصدر بعد في حقهم أحكام، مثل أفراد «شبكة الطبيبة»، وتوحدت مطالبهم جميعا في الإفراج عنهم، وهو ما تطالب به عائلاتهم التي تنتظر بأبواب السجون لحظة الإفراج.