كلينتون تطمئن الأميركيين: لن نخوض حربا ثالثة ضد المسلمين

مصدر في الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: تخفيض دورنا في ليبيا.. حتى لا يستغل ضد أوباما

TT

في الوقت الذي أعلن فيه متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) انخفاض العمليات العسكرية الأميركية فوق ليبيا، كانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، تخاطب الأميركيين، وتطمئنهم بأنهم لن يتورطوا في حرب أخرى ضد المسلمين.

وكانت كلينتون تتحدث في وزارة الخارجية في أعقاب اتفاق دول حلف الأطلسي على إدارة منطقة حظر الطيران فوق ليبيا. وقالت إنه أمكن تفادي كارثة إنسانية في بنغازي معقل الثوار وإن القوات الجوية والدفاعات الجوية للقذافي أصبحت الآن غير فعالة إلى حد كبير. وأقرت كلينتون بالدور الرئيسي للولايات المتحدة في الأيام الأولى للعملية العسكرية، لكنها قالت إنه حدث تراجع كبير في عدد الطائرات الأميركية التي تقوم بطلعات مع زيادة الطلعات التي تقوم بها البلدان الأخرى. وأضافت: «اليوم سنتخذ الخطوة التالية. وقد اتفقنا مع حلفائنا في حلف شمال الأطلسي على نقل القيادة والسيطرة لمنطقة الطيران المحظور إلى حلف الأطلسي». وأشارت إلى أن «كل الحلفاء الثمانية والعشرين (في الحلف) الآن فوضوا السلطات العسكرية وضع خطة عمليات لحلف الأطلسي للقيام بمهمة أوسع لحماية المدنيين. وحلف الأطلسي في وضع جيد لتنسيق هذه الجهود الدولية».

وقال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر الصحافي لكلينتون في الخارجية ليلة أول من أمس «كان مثل خطاب إلى الشعب الأميركي بأن الولايات المتحدة لا تريد التدخل العسكري وقتل مدنيين في دولة إسلامية ثالثة بعد أفغانستان والعراق». وأشار إلى أن المؤتمر الذي نقلته محطات تلفزيونية كثيرة مباشرة، وسبقته إعلانات تلفزيونية للدعاية له، كان مخططا له. وأن «الخطة هي أن تخاطب هيلاري الأميركيين، وتطمئنهم بأنهم لن يتورطوا في حرب أخرى مع المسلمين».

وقال المصدر إن عدم طلب الرئيس باراك أوباما من الكونغرس التصديق على العمليات العسكرية فوق ليبيا «صار مثل جبهة داخلية لنا، بالإضافة إلى الجبهة الليبية». وإن الهدف هو تخفيض الدور الأميركي في ليبيا، حتى لا يستغل ضد إدارة أوباما. وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن عددا من قادة الحزب الجمهوري أيدوا التخلص من القذافي، لكن آخرين قالوا إنهم غير مرتاحين للتدخل العسكري. وإن انقساما مشابها يوجد وسط قادة الحزب الديمقراطي. وهناك قادة في الجناح الليبرالي للحزب الديمقراطي عارضوا العملية العسكرية الليبية ووصفوها بأنها «مغامرة».

واتهم المرشح المحتمل للترشيح باسم الجمهوريين للرئاسة في سنة 2012، السيناتور السابق من بنسلفانيا، ريك سانتوروم، تحركات أوباما بأنها «بطيئة للغاية»، وخلقت استراتيجية مشوشة. وأضاف: «ليس لدينا أي فكرة عن أي التزام حقيقي من قواتنا العسكرية، وعن السبب الحقيقي لوجودنا هناك». وقال الأميركيون في استطلاع أجرته مؤسسة «غالوب» إنهم، بصورة عامة، يدعمون العملية الليبية. وإن خمسين في المائة تقريبا وافقوا على عملية الأمم المتحدة. ويعارضها أربعون في المائة تقريبا. وإن الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين (57 إلى 51 في التأييد. ولكن النسبة وسط المستقلين 38 في المائة فقط). وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن نسبة التأييد قليلة بالمقارنة مع بداية الحرب في العراق سنة 2003، حيث كانت ثمانين في المائة تقريبا، وأفغانستان سنة 2001، حيث كانت النسبة تسعين في المائة تقريبا.

وفي مؤتمر صحافي آخر قال نائب الأدميرال ويليام غورتني: «نحو 75 في المائة من دورياتنا الجوية دعما لمنطقة حظر الطيران، صار يتم تنفيذها من قبل شركائنا في التحالف». وقال إن مساهمات بلدان أخرى، خارج التحالف، هي أقل من 10 في المائة من هذه العمليات العسكرية. وقال غورتني إن الولايات المتحدة ستستمر في تنفيذ عمليات قتالية «حسب الحاجة». لكن هذا الدور سيكون أساسا «عمليات دعم». وعندما سئل ماذا يقصد، أشار إلى عمليات مثل تزويد الوقود لطائرات القوات المتحالفة، وتوفير المراقبة الجوية لليبيا.

وأوضح غورتني أن قوات الائتلاف التي تنفذ منطقة حظر الطيران فوق ليبيا دكت قوات معمر القذافي بصواريخ توماهوك وضربات جوية لمواصلة الضغط على أنصاره لكف القتال والهجمات على المدنيين.

وأشار إلى أن الائتلاف أطلق 14 من صواريخ توماهوك ونفذ 130 طلعة جوية. وأضاف أنه بالإضافة إلى الإشراف على منطقة الطيران المحظور فإنهم استهدفوا مواقع الدفاع الجوي قرب طرابلس وموقعا لصواريخ سكود في الجنوب وقوات القذافي التي تقوم بمناورات بالقرب من مصراتة وإجدابيا.

وأوضح أن الحملة شارك فيها 350 طائرة و38 سفينة في البحر وآلاف من العسكريين. ونفذت طائرات غير أميركية نحو 75 في المائة من طلعات مراقبة الحظر الجوي. وقال للصحافيين «من الإنصاف القول إن الائتلاف ينمو في الحجم والقدرات كل يوم».

وحذر غورتني بقوله، إن قوات الائتلاف «سوف تستمر في شن هجمات منسقة على القوات البرية للنظام الذي يعرض للخطر حياة الشعب الليبي». وقال: «رسالتنا إلى قوات النظام بسيطة ومفادها كفوا عن القتال. كفوا عن قتل أبناء شعبكم. كفوا عن الإذعان لأوامر العقيد القذافي». وقال: «إنه إلى الدرجة التي تقاومون فيها هذه المطالب سنستمر في ضربكم ونزيد من صعوبة بقائكم».

وفي مؤتمرها الصحافي، قالت كلينتون إن الإمارات العربية المتحدة سترسل 12 طائرة لدعم جهود التحالف. وشكرت كلينتون الإمارات، كما شكرت قطر، الدولة العربية الأولى التي أرسلت طائرات عسكرية للمشاركة في تنفيذ حظر الطيران. والتي من المتوقع أن تبدأ دوريات جوية فوق ليبيا في نهاية هذا الأسبوع.

إلى ذلك، قال مسؤول استخباراتي أميركي ردا على مشاهد في التلفزيون الليبي لجثث قال إنها لمدنيين قتلتهم قوات التحالف، إن «هذا الادعاء ليس سهلا إثباته». وأضاف: «صار التلفزيون الحكومي للقذافي جهاز دعايات ليست صحيحة بهدف إثارة المشاعر. إذن يريد تلفزيون القذافي نشر الحقيقة، لينشر صور ضحايا عمليات القذافي ضد شعبه». وقال مصدر في لجنة معارضة ليبية في واشنطن لـ«الشرق الأوسط» إن قوات القذافي «أخذت الجثث من المشرحة»، وقالت إنها تصور الضحايا المدنيين. وأضاف المصدر أنه في يوم الاثنين، عندما هاجمت صواريخ قوات التحالف مجمع القذافي في حي باب العزيزية في طرابلس، أمر مساعد للقذافي القوات العسكرية بنقل جثث من المشرحة ووضعها في مكان القصف العسكري. ثم رتبت وزارة الإعلام الليبية جولة لصحافيين غربيين مع كاميراتهم، زارت المكان وصورت الجثث على أنها لضحايا قصف قوات التحالف.