واشنطن تدعو الأسد لحوار سياسي.. والاتحاد الأوروبي يحث السلطات على الاستجابة لمطالب المواطنين

مفوضة حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة تحذر من الدخول في «دوامة العنف»

TT

كرر البيت الأبيض تصريحات الإدانة لاستعمال الحكومة السورية العنف في مواجهة المتظاهرين. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني: «إننا ندين بشدة أعمال العنف»، وأضاف: «إننا نحث حكومة سورية أن تفعل مثلما طلبنا من الحكومات في دول أخرى؛ يجب اتباع الطريق السلمي، ويجب العمل للمشاركة في حوار سياسي مع الشعوب، لأن ذلك هو أفضل طريق. إننا نحث أيضا الحكومة السورية على الامتناع عن اعتقال نشطاء حقوق الإنسان أو صحافيين».

ودعا إليوت أبراهامز، مستشار الشرق الأوسط في إدارة الرئيس السابق، بوش الابن، أوباما للعمل على إسقاط حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد. وقال: «نفس الأسباب التي أسقطت زين العابدين بن علي في تونس وحسنى مبارك في مصر، وتعمل الآن على إسقاط معمر القذافي في ليبيا، وهي أسباب القمع والفساد الواسع وحكم العائلة، جميعها موجودة بشكل صارخ في سورية».

وأضاف: «بينما كان هناك خوف من خلافة الحكام في مصر، ويوجد الخوف الآن في ليبيا وفي اليمن، حيث يبدو الأبناء وكأنهم نواب آبائهم، حدث ذلك في سورية منذ سنوات عندما خلف بشار الأسد والده حافظ الأسد».

وقال أبراهامز الذي اشترك في الإشراف على غزو العراق وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003، إن عبارة «جمهورية الخوف» كانت تستعمل في وصف صدام حسين. وإنه حقيقة تجاوز غيره في عدد ضحايا معارضيه، لكن «عائلة الأسد تأتي بعد صدام حسين».

وقال إن النظام السوري «تشبث بالسلطة لفترة طويلة من الوقت، عن طريق إطلاق النار على المواطنين، لكنه، في نهاية المطاف، سيرحل». وطلب أبراهامز من أوباما اتخاذ الخطوات الآتية: أولا: نقل موضوع سورية إلى مجلس الأمن، وإدانة ما يحدث هناك، ووضع الرئيس الأسد وكبار مساعديه في قوائم الحصار والمقاطعة وتجميد الأموال. ثانيا: توجيه طلب إلى جامعة الدول العربية لتعقد جلسة عن الأوضاع في سورية، وأيضا في ليبيا واليمن، وإدانة ما تفعل حكومات هذه الدول بشعوبها، وخاصة قتل المتظاهرين المسالمين. ثالثا: إصدار تصريحات إدانة نظام الأسد من قادة الكونغرس، وخاصة السيناتور جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، الذي كان زار سورية ودعا إلى تحسين العلاقات بين البلدين. رابعا: الاتصال بالدول الأوروبية للاشتراك في ضغوط على نظام الأسد، تشمل المقاطعة والمحاصرة وتجميد الأموال.

من جهته، عبر الاتحاد الأوروبي عن الانزعاج الشديد من تطورات الأوضاع في سورية، وقال بيان صدر أمس في بروكسل باسم كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد: «أشعر بالفزع والقلق الشديد من التطورات الأخيرة في سورية، التي جاءت على الرغم من إعلان السلطات إجراءات تتعلق بالحريات الأساسية وضبط النفس». وأشار البيان إلى أنه على الرغم من ذلك «استمرت عمليات قمع المتظاهرين واستخدام العنف ضدهم في الكثير من المدن السورية». وأدان البيان بشدة ما وصفه بـ«القمع الوحشي واستخدام الذخيرة الحية والاعتداء على المواطنين، وهي أمور يجب أن تتوقف فورا». وطالبت أشتون، عبر البيان، من السلطات السورية اللجوء إلى أقصى درجات ضبط النفس. وجاء في البيان «أحث السلطات على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في كل أنحاء البلاد، والاستجابة للمطالب المشروعة التي يطالب بها المواطن السوري لتحقيق إصلاحات ضرورية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأيضا لرفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح السجناء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وبشكل فوري ودون تأخير».

يذكر أن البيان الختامي للقمة الأوروبية التي استضافتها بروكسل نهاية الأسبوع الماضي تضمن الإشارة إلى الحزمة الأوروبية الجديدة بشأن التعاون مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومرافقتها في إنجاز المراحل الانتقالية نحو الديمقراطية. واعترف الاتحاد الأوروبي بخصوصية كل دولة واختلاف الأمور فيها عن الدولة الأخرى، وعبر زعماء دول أوروبا في بيان صدر بشأن سياسة الجوار الأوروبية، عن عزمهم متابعة التطورات هناك: «يقلقنا ما يحدث في كل من البحرين وسورية واليمن، حيث ندين كل أشكال العنف ضد المدنيين»، وحث بيان قادة أوروبا الأطراف المعنية في هذه البلدان على الشروع فورا، ومن دون شروط مسبقة، في حوار بناء.

وحذرت نافي بيلاي، المفوضة العليا لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، سورية من مغبة الدخول في «دوامة العنف»، من جراء القمع العنيف للمظاهرات. ودعت إلى استخلاص العبر مما جرى في الدول العربية الأخرى. وأعلنت المفوضة في بيان أن «الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (...) تدل بوضوح على أن القمع العنيف للمظاهرات السلمية لا يستجيب لتطلعات الشعب الذي يخرج إلى الشوارع، كما أنه قد يتسبب في دوامة من الغضب والعنف والقتل والفوضى». وأضافت أن «الشعب السوري لا يختلف عن بقية شعوب المنطقة، إنه يريد أن يتمتع بالحقوق الإنسانية الأساسية التي حرم منها منذ زمن طويل». وشددت بيلاي على أن اللجوء إلى القوة في مصر وتونس وليبيا واليمن والبحرين قد فشل في احتواء الاستياء الشعبي، و«لم ينتج عنه سوى الإحباط والغضب الذي تحول بعدها إلى غليان».

وأوضحت أنه «عندما تبدأ هذه الدوامة من الصعب جدا إنجاز ما كان ممكنا قبل ذلك، أي ضمان الحقوق المشروعة في التعبير والتجمع السلمي والإصغاء والعمل على تسوية المشكلات الحقيقة».

ونوهت مفوضة حقوق الإنسان بإعلان الحكومة السورية، الخميس، سلسلة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، لكنها شددت على أن «الأفعال أبلغ بكثير من الأقوال». وخلصت إلى القول إن «الإعلان عن جملة من الإصلاحات التي طالما كانت مرتقبة والمرحب بها، ومن ثم إطلاق النار على المتظاهرين في اليوم التالي، يرسل إشارات متناقضة تماما وينسف الثقة بشكل خطير».

إلى ذلك، رحبت منظمة المؤتمر الإسلامي، أمس، بسلسلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أعلنت عنها سورية في أعقاب التطورات والأحداث الأخيرة. وأكد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلي في بيان له أن «هذه الإصلاحات تأتي متناسقة مع المتغيرات التي تشهدها المنطقة، باعتبارها ضرورة ملحة وفرصة لإجراء تغييرات عملية». وأعرب إحسان أوغلي عن ثقته في أن الحكومة السورية، بما لديها من حكمة وبصيرة، قادرة على تطبيق رزمة الإصلاحات التي أُعلن عنها من أجل تخفيف الاحتقان وتلافي تداعيات الأزمة.

وأشار إلى أن الإصلاحات المذكورة تتطلب تهدئة ووقتا بغية تطبيقها على الوجه الأمثل، وشدد على ضرورة عدم اللجوء إلى العنف من جميع الأطراف.