باريس ترى مستقبل ليبيا من غير القذافي وتراهن على دور أساسي للمجلس المؤقت

مبادرة فرنسية ـ بريطانية قبل قمة لندن الثلاثاء

TT

جملة واحدة قالها الرئيس ساركوزي عن «مبادرته» السياسية لإيجاد حل للأزمة الليبية وذلك في المؤتمر الصحافي الذي أعقب قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل بعد ظهر أول من أمس. أعلن ساركوزي ما يلي: «إن من المرجح أنني وديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني سنتقدم بمبادرة مشتركة قبل قمة لندن الثلاثاء المقبل. هذه المبادرة ستكون فرنسية - بريطانية من أجل إظهار أن الحل ليس فقط عسكريا بل سيكون حكما سياسيا ودبلوماسيا».

وينتظر أن تطرح المبادرة بمناسبة اجتماع «مجموعة الاتصال» الأول في لندن بعد غد. وتتشكل المجموعة من وزراء خارجية الدول المشاركة في الحملة العسكرية ومن ممثل عن الجامعة العربية وآخر عن الاتحاد الأفريقي. وتتمسك باريس بأن تناط بالمجموعة مهمة الإدارة «السياسية» للحملة العسكرية على ليبيا بينما التنسيق العسكري وفرض الحظر الجوي والتخطيط الميداني ستعود إلى الحلف الأطلسي.

ما قاله الرئيس الفرنسي بقي غامضا ولم تكشف تفاصيله. وكما في باريس، فإن لندن لم توفر المزيد من العناصر من «الخطة» الثنائية مما حمل مصدرا سياسيا في باريس على القول إنها «على الأرجح بضع أفكار يتعين إيجاد شيء من التجانس فيما بينها». وبحسب هذا المصدر، فإن باريس التي ينظر إليها على أنها كانت «محرك» اللجوء إلى القوة العسكرية بالاشتراك مع لندن وكانت أول من أرسل طائراته الحربية فوق ليبيا، فإنها تريد أيضا أن تكون الجهة التي تمتلك المبادرة الدبلوماسية والسياسية والتي توحي بالمسار الذي يمكن أن تسلكه الأزمة. وكانت باريس وراء تشكيل «مجموعة اتصال» بالتعاون مع لندن.

وفي غياب تفاصيل محددة عن الخطة، فإن المصدر السياسي الفرنسي الذي تحدثت إليه «الشرق الأوسط» يعتبر أنه من «الأسهل» تحديد ما لا تريده باريس. وفي هذا السياق، فإن فرنسا ترفض بقاء العقيد القذافي في السلطة رغم أن القرار الدولي رقم 1973 لا ينص على ذلك. وأكثر من مرة، قالت فرنسا على لسان أعلى سلطاتها إن على القذافي أن يرحل. ويوم الخميس الماضي، لم يختبئ وزير الخارجية آلان جوبيه، إذ اعتبر أن غرض الضربات العسكرية الجوية «تمكين» قوات المعارضة من الانتصار عسكريا أي التمكن من طرد القذافي من البلاد. وليس تشديد المسؤولين الفرنسيين على أن مستقبل الحكم في ليبيا «مسألة ليبية خالصة» إلا من باب الاحتراس اللغوي فيما الهدف الحقيقي هو التخلص من القذافي.

من هذا المنطلق، فإن باريس غير متحمسة للخطة التي أقرها الاتحاد الأفريقي الجمعة الماضي والتي تنص على وقف فوري لإطلاق النار، وعلى جمع الأطراف حول طاولة حوار لإقرار تنفيذ الإصلاحات لديمقراطية إذ إن ذلك يعني ضمنا بقاء القذافي، أقله مؤقتا، في موقعه مما يتضارب مع الهدف الأول لفرنسا. ولذا، تريد فرنسا «مزيدا من الوقت» للأعمال العسكرية خصوصا أنها تلمس بوادر «تأكل» للسلطة الليبية وهو ما توقف عنده وزير الدفاع جيرار لونغيه أول من أمس.

وفي السياق عينه، تعمل باريس على تقوية المعارضة المسلحة حتى تكون قادرة على التغلب على كتائب القذافي عن طريق تسليحها وتدريبها ومدعومة في ذلك بالضربات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف ضد الأهداف العسكرية الحكومية الأمر الذي مكنها من استعادة مدين إجدابيا ودفع قواتها باتجاه الغرب.

ولذا، يبدو أن ما يقصده الرئيس الفرنسي بحديثه عن «خطة» هو كيفية تصور ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي. والسؤال ملح باعتبار أن المجلس الوطني المؤقت حديث العهد ولا يضم كافة الأطراف الليبية وبعيد جدا عما كانت عليه المعارضة العراقية عندما بدأت حرب العراق الثانية عام 2003.

وأمس، قالت صحيفة «لوموند» المستقلة التي تتمتع بسمعة صحافية جيدة إن باريس تريد التوكؤ على المجلس المؤقت الذي تعتبره عاملا «جامعا» وترغب في توسيعه بحيث يضم شخصيات مستقلة وممثلين عن القبائل الليبية المتنوعة. كذلك تخطط فرنسا لدعوته إلى اجتماع لندن لإعطائه المزيد من الصدقية والصفة «التمثيلية». وأفادت الصحيفة أيضا أن ساركوزي يريد دورا أكبر للجامعة العربية في المرحلة اللاحقة أي بعد سقوط القذافي. ومن الأفكار المتداولة تعيين «مبعوث» من الجامعة للوضع في ليبيا. وجدير بالذكر أن أمين عام الجامعة الدكتور عمرو موسى حضر قمة باريس وإلى جانبه وزراء خارجية خمس دول عربية (قطر، والإمارات، والمغرب، والأردن، والعراق بصفته الرئيس القادم للجامعة). وينتظر أن يحضر موسى، ممثلا للجامعة العربية، اجتماع لندن الذي دعيت إليه كل الدول المشاركة في العمليات الحربية إضافة إلى ممثل الاتحاد الأفريقي جان بينغ، وآخر عن الاتحاد الأوروبي هو كاثرين أشتون.