«مدونة فصل إلكترونية» تربك لساعات منتدى ومعرض التربية والتعليم بالسعودية

تغني عن دفتر الواجبات وتمكن ولي الأمر من متابعة ابنه من منزله

فجوة تعاني منها المدارس في السعودية بسبب عدم متابعة الأبناء
TT

في الوقت الذي اتجهت فيه الأنظار نحو خبراء من جامعات بريطانية وكورية في منتدى ومعرض وزارة التربية والتعليم، تقدمت من الصفوف الخلفية، تجربة مشروع «مدونة فصل إلكترونية»، مقدمة من أحد المعلمين التابعين لوزارة التربية والتعليم، في المنطقة الجنوبية (أبها)، ليبين مسارا يربط فيه ولي أمر الطالب بالمدرسة، بشكلٍ مباشر، متابعا كل أنشطة ابنه الصفية وغير الصفية. وتتسارع الخطى في السعودية، نحو المجتمع الإلكتروني المعتمد على التقنية الحديثة في عدد من المجالات الحكومية والقطاع الخاص، وكان التعليم إحدى الركائز الهامة في صناعة تلك الثقافة المجتمعية نحو عصر التقنية الحديثة، فمن خلال العديد من التجارب والتطبيقات، التي لجأت لها وزارة التربية والتعليم السعودية لخلق البيئة المعرفية داخل المنظومة الإلكترونية، تجلت المناهج الحديثة والفصول التقنية المحتوية على وسائل تقنية كالسبورة الإلكترونية.

ولعل ما قدم في معرض ومنتدى التعليم الدولي، والذي استضافته العاصمة السعودية الرياض خلال شهر مارس (آذار) الحالي إحدى تلك القفزات النوعية نحو مجتمع المعرفة، ودمج التقنية الحديثة في ذلك المجتمع، فحرصت الوزارة على تقديم العديد من تجارب معلميها في مجال المشاريع التقنية التي تسهل نشر ثقافة التقنية الإلكترونية بين الطلاب وأسرهم.

وكانت أهم تلك التجارب التي عرضت خلال المعرض والمنتدى الدولي للتعليم العام المقام مؤخرا بالرياض، «مدونة الفصل» التي عمل على فكرتها وتطوير مشروعها المعلم فهد الغوينم، معلم الصفوف الأولية بالمدارس النموذجية بأبها (جنوب السعودية) حيث عمد خلال فكرة مشروعه، لربط الفصل بمنزل الطالب عبر مدونة على شبكة الإنترنت، تمكن ولي أمر الطالب من الاطلاع ومتابعة الواجبات والأنشطة الفصلية لابنه.

فهد الغوينم في حديث لـ«الشرق الأوسط» قال: الفكرة من مشروع «مدونة الفصل» هي كيفية ربط الفصل بالمدرسة مع المنزل، حيث تم تطبيقه على طلاب الصف الأول، لكونهم أكثر مرحلة عمرية بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والعناية من قبل المعلم والأسرة.

وقد تمت تجزئة هذه المدونة إلى جزئين، جزء تعليمي وجزء تحفيزي، حيث اعتمد الجزء التعليمي تحديد ما يأخذه الطالب من الواجبات المنزلية والنشاط خلال وجوده بالمدرسة، حيث أعمد في نهاية اليوم الدراسي برفع هذه الواجبات والأنشطة على المدونة الخاصة بالفصل، بحيث يستطيع ولي أمر الطالب ومن خلال رسالة على هاتفه المحمول بما لدى ابنه من واجبات وأنشطة بحاجة للمتابعة المنزلية لاستكمالها.

ويشير الغوينم إلى أنه بهذه الطريقة تم الاستغناء عن دفتر أو مفكرة الواجبات الورقية التي كان الطلاب يحملونها معهم وتدون فيها الواجبات والأنشطة، وبذلك نتمكن من تحويل التواصل بين المدرسة والمنزل إلى طريقة إلكترونية.

كما يضيف الغوينم أن الطالب الصغير دائما معرض لنسيان الأوراق أو تلفها أو فقدها، وفي هذه الحالة قد يتأخر عن بقية زملائه الطلاب في المتابعة للواجبات والدروس التعليمية، وقد تتراكم عليه الدروس والواجبات مما يتسبب في إرهاقه وصعوبة تعلمه، فولي أمر الطالب يستطيع من خلال متابعته لهذه المدونة معرفة أي من الواجبات والأنشطة الصفية التي يحتاج الطالب في المنزل لإتمامها، حتى في حالة غياب الطالب لأي ظرف عن الحضور للمدرسة يستطيع ولي أمره متابعة تعليمه وحل واجباته والاستعداد للأنشطة الصفية لكونها متوافرة في نهاية كل يوم على موقع المدونة على شبكة الإنترنت.

ويمكن كذلك للمنزل متابعة أوراق النشاط المعطاة للطالب في الفصل، من خلال المدونة، فمثلا لو كانت ورقة النشاط لهذا اليوم هي حرف «الطاء» يستطيع ولي أمر الطالب الاطلاع على ورقة النشاط بالمدونة وطباعتها بالمنزل وتدريب الطالب عليها ليكون جاهزا في اليوم التالي لهذا الدرس. فالمدونة تساعد المنزل على متابعة الطالب وعملية تعلمه بالمدرسة، وهي بديل إلكتروني عن دفتر الواجبات والأنشطة الذي كان الطالب يحمله. كما يذكر الغونيم أن للمدونة جانبا آخر، حيث إنها عبارة عن عملية تحفيزية وتشجيعية للطلاب من خلال كون الطالب وخاصة في المرحلة الابتدائية يسعد بالتشجيع، ولكون التشجيع في مدارسنا لأولئك الطلاب هو عمل تقليدي فالبعض يلجأ إلى وضع نجمة ملونة على دفتر الواجبات للطالب.

ونحن هنا في المدونة - والحديث للغوينم - عمدنا للتشجيع الطالب بطريقة مبتكرة من خلال وضع صورة طالب في إطار جميل ومحبب للطالب مع تسجيل عبارات من الثناء عليها ورفعها على المدونة بشبكة الإنترنت، وبهذه الطريقة تستطيع أسرة الطالب والطالب نفسه مشاهدة هذا التشجيع للطالب مما ينعكس على نفسية الطالب وتحفيزه وتشجيعه لبذل مزيد من الجهد، بل وتجد الأسرة ثمرة لجهدها مع الابن في تعليمه.

بالإضافة إلى أن الأسر التي لم تظهر صورة ابنها في المدونة ستعمد على بذل مزيد من الجهد في متابعة ابنها وتعليمه بشكل أفضل، ليحصل على ذلك التحفيز وتظهر صورته ضمن الطلاب المكرمين بنشر صورهم على المدونة كطلاب مجتهدين ومتفوقين دراسيا.

ويتم نشر الصور بشكل أسبوعي على المدونة، مما يتيح لكافة الطلاب والأسر بذل المزيد من الجهد لتحقيق فرصة ظهور أبنائهم على المدونة، وبهذه الطريقة يستطيع المعلم والمدرسة أن يجدا تفاعلا من قبل الأسر في مواكبة العملية التعليمية والتربوية للطالب، ولن يقتصر الدور فقط على المدرسة بمعزل عن المنزل ودور الأسرة. كما ينوه الغوينم عن الهدف من المدونة وهي أن فكرة المشروع الارتقاء بتعليمنا والاستفادة من التقنية الحديثة في هذا التعليم لأبنائنا الطلاب، ونحاول أن تشمل كافة مراحل التعليم العام بدل اقتصارها في الوقت الراهن على المرحلة الابتدائية فقط، فقد عرضت فكرتي على المهتمين والمسؤولين بالوزارة للاطلاع عليها، والعمل على تطويرها أو تبنيها في كافة مدارسنا بالسعودية، وليصبح استخدامنا للتقنية بدل الاعتماد على الأساليب التقليدية الورقية في التواصل بين المدرسة والمنزل وبهذه الطريقة نتحول للتقنية في تعليمنا بشكل سلس وسهل.

وأضاف أنه سيقوم باستحداث قناة مثل قناة «يوتيوب» المتوافرة حاليا على شبكة الإنترنت، ويتم من خلالها التسجيل للطالب مشاركته وتفاعله داخل الفصل أو حتى تسجيل مقطع لمشاركة الطالب في أنشطة المدرسة كقراءة كلمة أو نشيد خلال الطابور الصباحي، ورفعها للمدونة بعد منتجتها، وبهذه الطريقة يستطيع الطالب وأسرته مشاهدة ذلك بالمنزل، وهذه الطريقة تحقق جانبا نفسيا إيجابيا مهما للطالب ولأسرته، حيث تطلع على أداء ابنها وتفاعله بالمدرسة.

يشير الغوينم، إلى أن عدم توفر أجهزة حاسب لدى كافة الأسر أو حتى القدرة على تعاملهم مع تلك الأجهزة، يمثل له عقبة، لكنه يحاول العمل على هذا الجانب، حيث قال: «نحاول تسهيل تلك العقبة وما تشهده السعودية من نقلة نوعية على المستوى التقني والاتصال بالإنترنت، بالإضافة للنقلة النوعية في كافة القطاعات الحكومية للتحول من الطرق التقليدية إلى الطرق التقنية، والاعتماد على الحكومة الإلكترونية سيسهل تلك العقبة، ولن تكون عائقا أمام تطبيق فكرة المشروع (مدونة الفصل)».

وزاد بالقول: «يجب أن تطبق فكرة المشروع ويكون المشروع دافعا لبقية من لا يملكون أجهزة حاسب أو ليست لديهم قدرة على التعامل معه بأن يبادروا للانخراط في مواكبة التقنية، وبهذا يحقق المشروع نشر ثقافة التقنية اجتماعيا وتدريبهم عليها وهذا من إسهامات المشروع وأهدافه الثانوية».

ويضيف الغوينم، أنه يقدم مشروعه بالمجان، لوزارة التربية والتعليم لكونها من شجعته وحفزته لعمل هذا المشروع وعرضه، قائلا: «وزارة التربية والتعليم هي من دعتني للمعرض هنا للمشاركة، وقد سبق مشاركتي في معرض الوزارة في المنطقة الشرقية معرض سايتك ومن ضمن 13 تجربة على مستوى التجارب التعليمية والتربوية حصل المشروع (مدونة الفصل) على المركز الرابع كأفضل تجربة، ورشحت كأفضل عمل على مستوى المملكة هذا العام».

ويضيف: «هدفي من الحضور بالمشروع وفكرته في المعرض من أجل إيصاله لأكبر شريحة ممكنه من المعلمين والتربويين والمسؤولين، وكذلك لأفراد المجتمع من زائري المعرض. وأنا أقدم مشروعي هذا بالمجان لوزارة التربية والتعليم وللجميع من خلال النماذج التي عملت عليها بالمشروع. وللوزارة حق التصرف في المشروع بكامله».