واشنطن تدرس تسليح ثوار ليبيا

أوباما: المهمة كانت واضحة ومحددة الأهداف وأنقذت الكثير من الأرواح

TT

بينما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما تحدث مع قادة الكونغرس حول الدور العسكري الأميركي نحو ليبيا، وأنه سيخاطب الشعب الأميركي مساء يوم الاثنين، قالت مصادر أميركية إن أوباما يدرس إمكانية تسليح الثوار بأسلحة خفيفة، لكنه يريد التأكد من حقيقة الثوار. وأن عسكريين في البنتاغون يدرسون إمكانية استعمال طائرات هليكوبتر لضرب دبابات ومصفحات قوات القذافي.

وقال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن قرار مجلس الأمن «مرن» في موضوع مساعدة الثوار. وأضاف: «إذا قررنا أنه هو القرار الصحيح، نملك إمكانيات تنفيذه».

وقال جين كريتز سفير الولايات المتحدة الذي سحب مؤخرا من ليبيا، إن مسؤولين في الإدارة يناقشون «الصورة الكاملة» بشأن «تقديم المساعدة المحتملة».

وقال مصدر أميركي لـ«الشرق الأوسط» إن البنتاغون لن يكن الجهة التي ستمول الثوار بالسلاح، وإن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) هي الجهة التي تعودت على أن تفعل ذلك. وإن «سي آي إيه» تتصل مع وكالات استخبارات غربية لتنسيق ذلك.

وقال إن تسليح الثوار كان واردا منذ بداية الثورة الليبية، وقبل قرار مجلس الأمن بفرض منطقة خالية من الطيران فوق ليبيا. وإن «سي آي إيه» اتصلت مع دول مجاورة لليبيا لبحث إمكانية تسليح الثوار، وذلك بعد أن لاحظت ضعف قوتهم، واعتمادهم على أسلحة القوات الليبية التي تمردت على القذافي، والتي هي أسلحة ثقيلة في غالبيتها.

وأشار المصدر إلى تسليح «سي آي إيه» لقوات التحالف الشمالي في أفغانستان قبيل غزوها بعد هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001. في ذلك الوقت، أرسلت الاستخبارات الأميركية أسلحة عن طريق دول مجاورة إلى الشمال من أفغانستان. وأشرفت على تحركات المعارضة نحو العاصمة كابل، وكان عدد من الاستخباراتيين الأميركيين يتنكرون في ملابس أفغانية ويستعملون الخيول والحمير وهم يتنقلون من مركز للثوار إلى آخر. لكن، استبعد المصدر دخول استخباراتيين أميركيين إلى ليبيا، وقال: «الالتزام بعدم إنزال قوات أميركية في ليبيا يشمل أيضا الاستخباراتيين».

وفي البيت الأبيض، صعد الرئيس أوباما حملته لإقناع الشعب الأميركي بالدور الأميركي في ليبيا. وبعد يوم من قرار منظمة حلف الناتو بتولي قيادة العمليات العسكرية فوق ليبيا، وبسبب زيادة الجدل حول مدى المشاركة الأميركية، اتصل أوباما مع مجموعة من قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي، نحو 20 منهم، في لقاء تليفوني مشترك.

وقال البيت الأبيض إن اللقاء التليفوني كان عبارة عن استفسارات من أعضاء الكونغرس، واستمر لمدة ساعة. وإن أوباما سئل مرارا عن الهدف من العملية العسكرية الليبية، وعن إذا كان سيستغرق فترة طويلة. وشدد أوباما على الأهداف الإنسانية، وقلل من إمكانية تورط الولايات المتحدة والدول الأخرى في ليبيا. وأوضح الرئيس الأميركي أن «مهمتنا في ليبيا واضحة ومحددة الأهداف» مذكرا بأن مجلس الأمن الدولي قرر فرض حظر جوي لحماية الليبيين من «مزيد من الفظاعات». وقال: «نحن بصدد النجاح في مهمتنا. سحقنا دفاعات ليبيا المضادة للطيران وتوقفت قوات القذافي عن التقدم». وتابع أوباما أنه «تم التصدي لقواته في بعض الأماكن مثل بنغازي المدينة التي تعدادها 700 ألف نسمة وهدد القذافي بأن يتعامل معها بلا رحمة». وخاطب الأميركيين القلقين من وقوع بلاده في مغامرة عسكرية أجنبية جديدة مشددا على الأهداف المحددة للعملية التي سيتم نقل مسؤوليتها. وبعد اللقاء التليفوني، تحدث إلى الصحافيين عدد من الذين اتصل بهم أوباما. وأيدت أغلبيتهم خطوات أوباما، بينما قال آخرون إنهم لم يقتنعوا. وقال السيناتور كارل ليفين (ديمقراطي من ولاية ميشيغان) إن تفسيرات أوباما كانت «واضحة جدا وقوية جدا». وقال إنه يتوقع دعما قويا من قادة الحزبين، الجمهوري والديمقراطي.

من جهته قال رئيس مجلس النواب جون بونر (جمهوري من ولاية أوهايو) إنه يقدر قرار أوباما بالحديث مع قادة الكونغرس. لكنه قال إنه لا بد من مزيد من الوضوح. وسأل: «ما هي أهداف العمل العسكري في ليبيا؟ ودور الولايات المتحدة؟ وكيف يتفق الدور مع أهداف سياسة الولايات المتحدة؟» وشرع ائتلاف تقوده الولايات المتحدة في حملة قصف الأسبوع الماضي بهدف حماية المدنيين من قوات الزعيم الليبي معمر القذافي التي كانت تحرز تقدما ضد معاقل المعارضة المسلحة وتهدد برد عنيف ضدها. وتواصل القوات الأميركية وغيرها من القوات الدولية ضرب قوات القذافي وأسلحته بصواريخ وقنابل مصوبة بدقة وتطبق حظرا جويا على ليبيا وحظرا بحريا على تصدير السلاح لها.

وقال أوباما إن دفاعات ليبيا الجوية عطلت وإن قوات الزعيم الليبي معمر القذافي لم تعد تتقدم وتراجعت عن أماكن مثل بنغازي معقل المعارضة المسلحة. وأضاف أوباما في خطابه الإذاعي الأسبوعي: «لذلك لم نرتكب أخطاء لأننا تصرفنا بسرعة ولأن كارثة إنسانية جرى تجنبها وأرواح مدنيين لا حصر لها - بينهم رجال ونساء وأطفال - قد أنقذت». وانتقد أعضاء من الكونغرس أوباما لتقاعسه عن توصيل أهداف العملية العسكرية بدقة. وحمل عليه البعض لفشله في السعي إلى موافقة الكونغرس على التحرك وآخرون على الشروع في مهمة عسكرية أخرى في بلد مسلم في حين لا تزال الولايات المتحدة متورطة في العراق وأفغانستان. وقال أوباما إن دور الولايات المتحدة قاصر على ما وصفه: «بالجهد الواسع والدولي» وشدد مرة أخرى على عدم دخول قوات أميركية إلى ليبيا.

ووافق حلف شمال الأطلسي بالفعل على تولي دور القيادة في تطبيق منطقة الحظر الجوي وحظر الأسلحة على ليبيا. ولم يجر التوصل إلى اتفاق بشأن التفاصيل النهائية بعد بالنسبة لتولي الحلف مسؤولية الغارات الجوية ضد الجيش الليبي وعتاده لمنع وقوع هجمات ضد المدنيين.

وقال أوباما: «مهمتنا العسكرية في ليبيا واضحة ومركزة». وأشار إلى أن دولا عربية بينها قطر والإمارات وافقت على إرسال طائرات.

وشدد الرئيس الأميركي على أن الولايات المتحدة «يجب ألا تدخل، ولا يمكنها التدخل في كل أزمة». لكنه قال إنه متى ينشأ وضع مثل ليبيا ويؤيد المجتمع الدولي التحرك العسكري فإن الولايات المتحدة لديها مسؤولية في أن تتدخل.

وقال أوباما: «أعتقد بشدة أنه عندما يعامل أشخاص أبرياء بوحشية.. عندما يهدد شخص مثل القذافي بحمام دم من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة بأكملها وعندما يكون المجتمع الدولي مستعدا للتكاتف لإنقاذ آلاف الأرواح فمن مصلحتنا القومية حينئذ أن نتحرك». وأعاد أوباما التأكيد على أن القذافي يجب أن يتوقف عن مهاجمة المدنيين وأن يسحب قواته وأن يسمح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى محتاجيها. وقال إن القذافي فقد ثقة الشعب الليبي وشرعية الحكم لكنه لم يدع مباشرة إلى الإطاحة به وهو ما قالت واشنطن مرارا إنه ليس غرض المهمة العسكرية.

وقال أوباما: «هذا الجهد العسكري هو جزء من استراتيجيتنا الأكبر لدعم الشعب الليبي وتحميل نظام القذافي المسؤولية.. وكل يوم يزداد الضغط على القذافي ونظامه».

وكان التحالف الدولي قد وسع من نطاق اتصالاته مع المعارضة بدعوة أحد قياداتها إلى مؤتمر دولي رفيع المستوى في لندن يوم الثلاثاء والذي دعا إلى تحديد الاستراتيجية السياسية المستقبلية في ليبيا. وجاء التركيز المتواصل على مساعدة المتمردين مع توصل الناتو لاتفاق بشأن تولي قيادة كل العمليات في ليبيا ومن بينها الضربات الجوية التي تشنها القوات الأميركية ضد القوات الموالية للعقيد الليبي معمر القذافي، حيث يتوقع أن يتولى الجنرال تشارلز بوتشارد بمقر القيادة المشتركة لقوات الناتو في نابولي بإيطاليا قيادة العمليات في غضون الأسبوع القادم. وفي البنتاغون، قال نائب الأميرال بيل غورتني، مدير هيئة الأركان المشتركة، في مؤتمر صحافي: «إن الطائرات الحربية المتحالفة قد طارت 153 سربا، وأطلقت 16 صاروخا من طراز توماهوك كروز على القوات الليبية والمنشآت خلال يوم أول من أمس».

لكنه قال إن الهجمات لم يكن لها «تأثير ملحوظ» على قدرة قوات القذافي للقتال ومهاجمة المدن. وقال: «شهدنا تدهورا في قدرة قوات القذافي في مجال القيادة والسيطرة. لكن، لم نر أن هذا سيكون له تأثير كبير لتغيير الوضع في ساحة المعركة».

وقال إن الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها تعمل في جلب مزيد من طائرات المراقبة. وإن قوات التحالف سوف تكون قادرة على شن مزيد من «الهجمات المميتة» على قوات القذافي.

ورغم أن غورتني في المؤتمر الصحافي كرر أن قوات التحالف لن تنزل في ليبيا، قالت مصادر إخبارية إن البنتاغون يدرس إمكانية القيام بعمليات أرضية من الجو. وإنه يمكن للولايات المتحدة استعمال طائرات هليكوبتر هجومية. أو طائرات من دون طيار «درون» لتوجيه مزيد من ضربات التي تناسب العمليات العسكرية داخل المدن.

وقال غورتني: «هذه كلها أنواع من الأسلحة التي نملكها، ويجري النظر في إمكانية استعمالها». وفي نيويورك، قالت سوزان رايس، السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة إن قرار مجلس الأمن حول ليبيا فيه «مرونة» حول إمكانية تسليح الثوار. وإن لغة القرار «غير محددة». وفي نيويورك أيضا، قال السفير البرتغالي جوزيه فيليبي مورايس كابرال، الذي يرأس لجنة مجلس الأمن لتنفيذ العقوبات على ليبيا، إن الصيغة في القرار «منفتحة على كثير من التفسيرات».