اليمن: الحزب الحاكم يعلن تمسكه بصالح رئيسا للبلاد حتى نهاية ولايته

اشتباكات في الجنوب.. ومطالبات في صنعاء بتجميد أرصدة الرئيس وأفراد عائلته

TT

أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن، أمس، تمسكه ببقاء الرئيس علي عبد الله صالح في منصبه حتى نهاية ولايته في 2013، هذا في الوقت الذي تعالت فيه الصيحات في ساحات الاعتصام بالمحافظات اليمنية، عقب التصريحات التي أدلى بها صالح في مقابلة صحافية تلفزيونية، والتي جدد فيها تمسكه بالسلطة بعد الأنباء التي استبشرت بقرب التوصل لاتفاق يضمن رحيلا مشرفا لصالح.

وعقدت اللجنة الدائمة (اللجنة المركزية)، أمس، دورة اعتيادية برئاسة الرئيس علي عبد الله صالح وبمشاركة أكثر من ألف عضو من الرجال والنساء، وقالت مصادر في الحزب الحاكم إن اللجنة الدائمة خرجت بجملة قرارات أهمها التمسك ببقاء صالح في سدة الحكم و«استكمال الأخ الرئيس لفترته الدستورية كاملة وغير منقوصة حتى عام 2013 وفي إطار التداول السلمي للسلطة»، وضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة بدلا عن حكومة تصريف الأعمال التي تسير شؤون البلاد، وذلك من أجل تنفيذ مبادرة الرئيس التي أطلقها قبل أسابيع، والتي تنص على صياغة دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات برلمانية على أساس «القائمة النسبية»، وكذلك تقسيم البلاد إلى أقاليم.

وقال البيان إن اللجنة الدائمة للحزب الحاكم تؤكد «مجددا أن سياسة لي الذراع ومحاولة اعتساف الحقائق وفرض رأي الأقلية على الأغلبية العظمى من جماهير شعبنا أمر ترفضه الديمقراطية وجوهرها الأصيل وإرادة الناخبين المعبر عنها في صناديق الاقتراع»، وشددت على أن أي حوار أو توافق لا يمكن أن يحقق غاياته المنشودة إلا في ظل الشرعية الدستورية والالتزام بقواعد الديمقراطية التعددية المعروفة في كل الديمقراطية العريقة والناشئة. وأضاف مؤكدا تمسك اللجنة بالحوار كـ«وسيلة مثلى لمعالجة كل القضايا التي تهم الوطن والخروج من واقع الأزمة التي تسببت فيها حركة الإخوان المسلمين (الإصلاح) وأحزاب اللقاء المشترك بوجه عام»، حسب البيان الذي أورد رؤية للحزب الحاكم بشأن الخروج من الأزمة، التي تنص على اقتران أي حلول مع رؤية تنطلق من «الحرص على الحفاظ على وحدة الوطن وتجنب الفتنة وإراقة الدماء وعدم تجاوز الشرعية الدستورية وتشدد على تلك الرؤية التي قدمها فخامة الأخ الرئيس لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة عبر اللجوء للحوار وفقا للمرتكزات التي حددتها مبادرة فخامة الأخ رئيس الجمهورية المقدمة إلى الاجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى والمؤتمر الوطني العام والنقاط الـ8 المقدمة من أصحاب الفضيلة العلماء باعتبار أن تلك المرتكزات تمثل مخرجا واقعيا لحل الأزمة وتلبي التطلعات الوطنية لأبناء شعبنا في صياغة مستقبل الدولة اليمنية وعلى أساس عدم الخروج على الدستور».

وأكد الحزب الحاكم ضرورة تنفيذ تلك المبادرة «ولو من جانب واحد في حال واصلت أحزاب اللقاء المشترك تعنتهم وتصلبهم»، ودعا البيان الصادر عن دورة اللجنة الدائمة كل القوى والفعاليات السياسية إلى «تحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية والترفع عن المشاريع الصغيرة واستشعار المسؤولية الوطنية وتفهم المخاطر التي يمكن أن تقضي على وحدة البلاد وسلامة المجتمع»، وبحسب المعلومات، فقد أقرت اللجنة الدائمة للحزب الحاكم القيام بتقييم نشاط قيادات في الحزب والذين قيل إنهم «أخلوا بواجباتهم الوطنية والتنظيمية وتنكروا لقيمهم والتزاماتهم الحزبية في هذا الظرف المعقد الذي تمر به البلاد في كافة المستويات واتخاذ الإجراءات التنظيمية وفقا للنظام واللوائح التنظيمية إزاءهم»، وهي إشارة واضحة إلى القيادات البارزة التي استقالت الأيام الماضية من عضوية الحزب الحاكم احتجاجا على قمع المتظاهرين، وكلفت اللجنة الدائمة لجنتها العامة (المكتب السياسي) بالقيام بـ«ملء الشواغر في كافة التكوينات القيادية بدلا عن الأعضاء الذين قدموا استقالاتهم أو تخلوا عن عضويتهم المؤتمرية».

إلى ذلك، تتواصل المساعي الأميركية والأوروبية والسعودية للتوصل إلى اتفاق أو تسوية سياسية تجنب اليمن أية مواجهات في ظل استمرار صالح بالتمسك بالسلطة وإصرار المعارضة والمعتصمين في الساحات على ضرورة «رحيله الفوري»، وقالت مصادر رسمية إن وزير الخارجية، الدكتور أبو بكر القربي التقى، أمس، السفير السعودي بصنعاء علي بن محمد الحمدان وسلمه رسالة إلى وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، وفي ذات السياق بحث القربي مع السفير الأميركي بصنعاء، جيرالد فايرستاين «العلاقات الثنائية بين اليمن وأميركا ومجالات التعاون المشترك، بالإضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع على الساحة الوطنية»، وتؤكد مصادر سياسية أن لقاءات القربي، أمس، تتعلق بصورة مباشرة بالأزمة القائمة في البلاد والمساعي للتوصل إلى انفراج.

وفي التطورات في جنوب البلاد، قالت مصادر محلية في محافظة أبين إن مواجهات عنيفة شهدتها مدينة جعار، عاصمة مديرية خنفر، بين قوات من الجيش ومسلحين ينتمون للجماعات الجهادية المنتشرة في المنطقة، وذكر شهود عيان أن المسلحين سيطروا على «استراحة رئاسية»، ومبنى الإذاعة في المدينة، وأن طائرات حربية شوهدت وهي تقصف بعض المناطق في وسط المدينة وفي أطرافها.

وجاءت هذه التطورات الميدانية، بعد يوم واحد فقط من سقوط محافظة أبين في يد المحتجين المطالبين بسقوط النظام الذين شكلوا هيئة شعبية لإدارة شؤون المحافظة، هذا في وقت شكك مراقبون في أبين، في حقيقة ما يدور، حيث يعتبرون تحريك هذه الجماعات الجهادية أو القاعدية في هذا الوقت، يرجح «ما يروج له النظام من مخاوف من دخول البلاد في موجة عنف إذا غادر الرئيس صالح السلطة»، لكن وجهة النظر الرسمية تؤكد أن هناك مخاطر حقيقية من نشاط تنظيم القاعدة في البلاد، مستغلا الأوضاع الأمنية الراهنة.

وحركت الأزمة القائمة في اليمن، حاليا، مطالب أخرى إلى جانب رحيل نظام الرئيس صالح، فقد وجه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، وهو منظمة غير حكومية، رسالة إلى النائب العام اليمني، الدكتور عبد الله العلفي، طالبه فيها بـ«ضرورة التحفظ على أموال الشعب الموجودة في البنك المركزي وكذلك أموال الرئيس وأسرته»، سواء «المنقولة أو العقارية أو النقدية والأسهم ومختلف الأوراق المالية في البنوك والشركات وغيرها».

وقال بيان صادر عن المركز، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه يطالب، أيضا، بضرورة «وضع قائمة بالقيادات العليا الموالية للرئيس والوزراء والمسؤولين والمتورطين في الفساد ونهب الممتلكات العامة ومنعهم من السفر»، وتوعد المركز بالعمل على «ملاحقة كل المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال العام».

وتأتي هذه المطالب بعد أن تحدثت تقارير صحافية عن انخفاض احتياطي البنك المركزي اليمني من العملات الأجنبية بما يزيد على المليار دولار أميركي، وأيضا في ظل ما يمكن اعتبارها في خانة «الشائعات»، حتى اللحظة، التي تفيد بأن سلطات يمنية عليا سحبت قرابة مليار ونصف المليار دولار من احتياطي البنك، الأسبوع الماضي، دون وجود تأكيد أو نفي رسمي لهذه المعلومات.