شعبان تؤكد رفع حالة الطوارئ وتتوقع إصلاحات تتضمن تعدد الأحزاب وحرية الصحافة

السلطات السورية تحذر من الاستجابة لمنشورات ورسائل نصية «مغرضة».. وتفرج عن 17 ناشطا > السفارة السورية في الرياض: مشروع فتنة يستهدفنا

TT

في حين استمرت الدعوات عبر شبكة التواصل الاجتماعي على الإنترنت للتظاهر في سورية والاحتجاج على النظام السوري، سجلت هذه الدعوات تطورا جديدا مع توزيع منشورات أمس وأول من أمس في دمشق تدعو للتجمع في ساحة الأمويين؛ الساحة الأكبر والأهم في المدينة، وحذرت وزارة الداخلية السورية المواطنين السوريين من الاستجابة لهذه الدعوات «المغرضة وغير الصحيحة حرصا على سلامتهم»، وجاء التحذير بعد ساعات قليلة من إعلان مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان، أن السلطات السورية قد اتخذت قرارا برفع حالة الطوارئ، السارية في البلاد منذ عقود لكنها أفادت بعدم علمها بموعد التطبيق.

وتسلم سوريون منشورات وآخرون رسائل نصية تدعو إلى التجمع في ساحة الأمويين، التي تربط بين مدينة دمشق وتوسعها الحديث «الشام الجديدة» مرورا بمنطقة المزة ودمر والربوة وجبل قاسيون، وتتمتع هذه الساحة القريبة من نادي الضباط الجديد بقيمة ثقافية رمزية؛ إذ يطل عليها عدد من المؤسسات الثقافية والإعلامية، كالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ودار الأوبرا، والمكتبة الوطنية، بالإضافة إلى «حديقة تشرين» التي ترتفع فيها أعلى سارية للعلم السوري في كل البلاد، ناهيك بنصب تذكاري لسيف الأمويين الذي يرمز لدمشق عاصمة الأمويين.

ورغم أن دعوات التظاهر قد نشطت بدمشق في الأيام العشرين الأخيرة، فإن وزارة الداخلية السورية ولأول مرة تتوجه إلى المواطنين وعبر وسائل الإعلام ورسائل هاتف جوال (إس إم إس) بدعوات لعدم الاستجابة لمنشورات وصفتها بـ«مغرضة» تدعو للتجمع بساحة الأمويين.

وقالت الوزارة في بيان أوردته وكالة الأنباء السورية (سانا) إن وزارة الداخلية «تهيب بالإخوة المواطنين الانتباه إلى رسائل نصية عبر الهاتف الجوال ومنشورات توزعها جهات مغرضة تدعو للتجمع في ساحة الأمويين مساء اليوم (الأحد)، راجية منهم عدم الاستجابة لهذه الدعوات المغرضة وغير الصحيحة حرصا على سلامتهم»، كم حذر بيان الوزارة من أن هناك «جهات تقوم باستغلال أسماء جمعيات خيرية وتوزيع مواد فاسدة، خاصة للأطفال، لذلك يرجى من الإخوة المواطنين عدم التعاطي معها وتوخي الحيطة والحذر».

وجاء تحذير الداخلية السورية بعد ساعات قليلة من إعلان مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان، أمس أن السلطات السورية قد اتخذت قرارا برفع حالة الطوارئ، السارية في البلاد منذ 1963 في تصريح لها لوكالة الصحافة الفرنسية قالت فيه إن «قرار رفع قانون الطوارئ قد اتخذ، لكنني لا أعلم متى سيدخل حيز التطبيق».

وهذا القانون الذي فرض بعيد وصول حزب البعث إلى السلطة في مارس (آذار) 1963 يفرض قيودا على حرية التجمع ويتيح اعتقال «مشتبه بهم أو أشخاص يهددون الأمن». كما يتيح استجواب أشخاص ومراقبة الاتصالات وفرض رقابة مسبقة على الصحف والمنشورات والإذاعات وكل وسائل الإعلام الأخرى. وأضافت شعبان أنه بعد إلغاء هذا القانون «سيتم إطلاق سراح كل الأشخاص المعتقلين استنادا إليه».

من جانب آخر، قالت شعبان إن الرئيس بشار الأسد، الذي تسلم الرئاسة عام 2000 «سيتوجه بكلمة إلى الشعب السوري قريبا لشرح الوضع وتوضيح الإصلاحات، التي يعتزم القيام بها في البلاد». ومن بين هذه الإصلاحات قانون حول تعددية الأحزاب السياسية، وقانون أكثر ليبرالية للصحافة «على أن يخضعا للنقاش العام» حسب ما قالت شعبان.

إلى ذلك، استقبلت أوساط سورية حقوقية نبأ رفع حالة الطوارئ بارتياح كبير، وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي لـ«الشرق الأوسط»، إنها «خطوة إيجابية نحو إعادة الحياة المدنية إلى سورية»، وعبر عن سعادته البالغة بإلغاء هذه الحالة التي قيدت حرية السوريين لسنوات طويلة.

في تلك الأثناء، أفرج القضاء السوري أمس عن 17 ناشطا اعتقلوا في 16 من الشهر الحالي على خلفية مشاركتهم في اعتصام سلمي أمام وزارة الداخلية دعت إليه عائلات المعتقلين السياسيين لتقديم عريضة إلى وزير الداخلية تطالب بالإفراج عن ذويهم المعتقلين والكشف عن مصير بعضهم، وكذلك تضامنا مع معتقلي الرأي في سجن دمشق المركزي (عدرا) الذين أعلنوا منذ عشرة أيام إضرابهم عن الطعام مطالبين بإغلاق ملف الاعتقال السياسي.

وقال بيان صادر عن منظمات حقوقية في دمشق إن «قاضي التحقيق الأول بدمشق قرر الأحد (أمس) الموافقة على طلبات إخلاء سبيل سبعة عشر موقوفا على خلفية مشاركتهم باعتصام وزارة الداخلية» وهم: عمر اللبواني، وغفار حكمت محمد، ونبيل وليد الشربجي، وعلي عبد الرحمن المقداد، وشاهر الورع، ومضر عادل العاسمي، عبد الرزاق نهايت تمو، ومحمد أسامة نصار، وهشام خالد الدروبي، ريان كمال سليمان، ومحمد حسن خليل، وعمار اللبواني، وعادل حلاوة البني، وذوقان نوفل، وديانا إبراهيم الجوابرة، وفهيمة صالح أوسي (هيرفين)، وفهد بسام اليماني.

وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي إن الإفراج عن المعتقلين تم بموجب دفع كفالة مالية مقدارها 5000 ليرة سورية، كما أشار إلى أن «القاضي رفض طلبات إخلاء السبيل بحق كل من نارت إبراهيم عبد الكريم وبدر الدين شلاش ومحمد ضياء دغمش وسعد جودت سعيد وبشر جودت سعيد ونصر الدين فخر الدين أحمي وسهير جمال الأتاسي وناهد بدوية وكمال شيخو».

في غضون ذلك، أصدرت السفارة السورية في الرياض بيانا حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه تحدثت فيه عن وجود «مشروع فتنة» للنيل من سورية.

وأفاد البيان أن «سورية تتعرض منذ فترة لهجمة سياسية وإعلامية باعتبارها المعقل الأخير في المنطقة الذي يتبنى المقاومة وتحرير الأرض العربية المحتلة واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني»، وأضافت أن «الضخ الإعلامي واستخدام رسائل الإنترنت وأجهزة الاتصال الحديثة الأخرى تصب كلها باتجاه التحريض للعبث بأمن الوطن من خلال التخويف ونشر معلومات كاذبة ومضللة والمبالغة في تضخيم الأحداث، ما يؤكد حجم المؤامرة التي تستهدف سورية».