مظاهرات سورية في بيروت دعما للأسد تتطور إلى اشتباكات بالأيدي وإطلاق نار

سوريون ومصريون يتظاهرون أمام السفارة السورية في القاهرة ويطالبون بطرد السفير > الخارجية المصرية تجري اتصالات مع دمشق للإفراج عن مصري اتهم بالتجسس لصالح إسرائيل

TT

بينما شهدت بعض مناطق العاصمة اللبنانية بيروت مظاهرات مؤيدة للنظام السوري وللرئيس بشار الأسد، بمشاركة عشرات العمال السوريين ووسط إجراءات أمنية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي تحسبا لأي صدامات، انطلقت مظاهرات مناوئة للرئيس السوري بشار الأسد أمام السفارة السورية في القاهرة ضمت المئات من الطلاب والمثقفين والإعلاميين السوريين رفعوا لافتات كتب عليها: «أيها البعثيون خذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا»، «يا بثينة شعبان.. الحوراني مش جعان»، «الأكراد جزء من النسيج السوري»، «عرب.. أكراد.. ضد الاستبداد».

وبدأت المظاهرات في بيروت عندما احتشد نحو 200 سوري أمام مقر السفارة السورية في بيروت ظهر أمس، وراحوا يرددون هتافات مؤيدة للأسد، ردا على المظاهرات التي تحصل في سورية ضد النظام، المطالِبة بالتغيير. ورفع المتظاهرون أمام مبنى السفارة في منطقة الحمرا صورا للرئيس الأسد وأطلقوا صيحات «بالروح بالدم نفديك يا بشار»، بينما ضرب عناصر الشرطة والجيش طوقا حول المتظاهرين وعمدوا إلى التدقيق في الهويات.

وبينما كان عدد من الشبان السوريين يسلكون منطقة المزرعة، ويرفعون صورا للأسد، دخل العشرات منهم عن طريق الخطأ منطقة الطريق الجديدة، معقل تيار «المستقبل» ومناصريه، وهم يرددون شعار «بالروح بالدم نفديك يا بشار» فوقع اشتباك بينهم وبين شبان من المنطقة، وسرعان ما تدخل رجال من الوجوه المعروفة في المنطقة وعملوا على فض الاشتباك وأجلوا المتظاهرين السوريين على متن سيارات.

كذلك تجمع أمس نحو 100 شخص من العمال السوريين، على طول طريق عام سن الفيل المقابل لمبنى الـ«فري واي» وانطلقوا بمسيرة وهم يهتفون: «الله - سورية - بشار وبس»، و«بالروح بالدم نفديك يا بشار»، وقد أدى هذا الأمر إلى قطع الطريق أمام السيارات بشكل مفاجئ وخلق بلبلة أمام المارة لفترة وجيزة، قبل أن تعود المجموعة وتتوجه إلى الأحياء الداخلية لمنطقة سن الفيل باتجاه النبعة.

وفي منطقة النبعة، شرق بيروت، جرت مظاهرة سار فيها عشرات السوريين، وخلال التجمع مرت سيارة في المكان وأطلقت النار باتجاههم، مما أدى إلى إصابة أحد المتظاهرين في بطنه، وعلى الأثر تفرق المتظاهرون بعد إصابتهم بذعر، بحسب مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية، الذي أكد أيضا أنه تم فتح تحقيق في الحادث. وقال مسؤول أمني إن مواطنا سوريا يدعى عيسى محمد علي (42 عاما) أصيب في معدته بإطلاق النار وتم نقله فورا إلى المستشفى.

في هذا الوقت، اعتبر منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار»، النائب السابق فارس سعيد، أن «هناك مظاهرات مركبة لدعم (الرئيس السوري) بشار الأسد»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لبنان أرض الحريات والديمقراطية، ونحن نحترم رأي مؤيدي النظام السوري كما نحترم رأي من يعارض هذا النظام، ولكن شرط أن تكون هذه التحركات خاضعة للقوانين المرعية الإجراء في لبنان، فإذا كانت حاصلة على ترخيص رسمي فأهلا وسهلا بها». وأضاف: «نحن لسنا ضد أحد، وكل ما نقوله، سواء بالنسبة لتونس أو مصر أو ليبيا أو سورية، إن هناك شعوبا عليها هي أن تقرر مصيرها».

بدوره، نفى مصدر في حزب الله أن يكون للحزب أي دور فيما يتعلق بتحركات السوريين في لبنان. وأكد المصدر لـ«الشرق الوسط» أن «حزب الله هو حزب سياسي لبناني، ولا يتدخل في شؤون أي دولة أخرى». وأشار إلى أن «القيادة السورية لديها ما يكفي من المسؤولية والوعي لمعالجة مطالب شعبها، وليست بحاجة لدعم أو مساعدة خارجية».

كذلك توجه الوزير السابق وئام وهاب، المقرب من سورية، بـ«التحية إلى كل أبناء سورية وشعبها الشقيق، خصوصا أهلنا في مدينة السويداء (ذات الغالبية الدرزية) على موقفهم المؤيد للرئيس الأسد». وقال: «كبرت قلوبنا بعدما رأينا هذا الموقف الأخير والأصيل والصادق الذي يعبر عن وفاء بني معروف، وهي الطائفة التي لم تعرف يوما بالغدر، والجميع يعلم أن المستهدف هو سورية ووحدتها، هذا الأمر لن يمر حتما»، وحذر وهاب من «اللعب بسورية؛ فهي ضمانة هذه المنطقة، وإذا خربت أو سقطت فإن المنطقة ستخرب لـ100 عام مقبلة». وقال: «إياكم والوحدة الوطنية والاستقرار في سورية، هذه هي مصادر قوة سورية وعزتها».

في القاهرة، تظاهر أمس المئات من الطلاب والمثقفين والإعلاميين السوريين أمام مقر السفارة السورية، ورددوا هتافات مناوئة لنظام الرئيس السوري، رافعين لافتات كتب عليها: «أيها البعثيون خذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا»، «يا بثينة شعبان.. الحوراني مش جعان»، «الأكراد جزء من النسيج السوري»، «عرب.. أكراد.. ضد الاستبداد».

وبعد أذان الظهر، أدى المتظاهرون صلاة الغائب على أرواح الشهداء السوريين، ووجهوا نداء للسفير السوري لمشاركتهم في الصلاة، في الوقت الذي أغلقت فيه السفارة أبوابها والتزم موظفوها الصمت، وانضم مصريون للتضامن مع المتظاهرين ليعلو الهتاف أمام السفارة: «مصر وسورية إيد واحدة»، في إشارة لما حدث من اعتداء من جانب أعضاء السفارة على متضامنين مصريين شاركوا الأسبوع الماضي في مظاهرة مناوئة لنظام الرئيس السوري.

وأوضح المتظاهرون أنهم خرجوا للمطالبة بإسقاط النظام السوري ورحيل الرئيس بشار الأسد ودعم الثوار. وقالت نانيس عدنان، إحدى المشاركات بالمظاهرة، وهي طالبة تدرس في مصر، إن تجمعهم يأتي احتجاجا على سقوط القتلى، وقمع المتظاهرين في سورية من جانب الجيش، وقالت: إن «الجيش جيش الشعب وليس جيش الأسد، وسورية لنا وليست للأسد».

وقالت الشاعرة والإعلامية لينا الطيبي لـ«الشرق الأوسط»: «إن الهدف من خروج هذه المظاهرات هو توصيل رسالة أن الشعب يريد الحرية، ويريد الإفراج عن المعتقلين، فقد ذل الشعب السوري بما فيه الكفاية؛ لذا فالمطالب التي يهتف بها المتظاهرون كلها مطالب إنسانية». وأضافت: «نريد وقف سيل الدم وأن نعبر في مظاهرات سلمية عما نريد، فيجب أن يكون لنا الحق في التعبير، مثلما يحدث في سورية عندما تخرج المظاهرات المؤيدة لبشار الأسد ولا يتعرض لها أحد».

وقال هاني الميهي، أحد المصريين المشاركين بالمظاهرة: «جئنا للتضامن مع مطالب السوريين والمطالبة بطرد السفير السوري بالقاهرة وأعضاء السفارة، الذين اعتدوا على المتظاهرين المصريين الأسبوع الماضي، وسحلوا بعضا منهم في الشوارع واعتدوا بالضرب على آخرين بينهم صحافيون، وقد قدمنا بلاغا للنائب العام ضد السفارة إلى جانب تحرير محضر في الشرطة تم تحويله إلى النيابة العامة». كان أفراد من القوات المسلحة المصرية وأفراد الشرطة قد انتشروا في محيط السفارة في أعقاب تزايد تجمع عدد من المتظاهرين وتعالي هتافاتهم.

في سياق متصل، قال السفير محمد عبد الحكم، مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والمصريين في الخارج: إن السفارة المصرية في دمشق أجرت اتصالات مع السلطات السورية، خاصة وزاراتي الداخلية والخارجية، للوقوف على ملابسات القبض على مواطن مصري بتهمة التجسس لصالح إسرائيل.

وقال عبد الحكم: إن محمد بكر رضوان هو مصري يحمل في الوقت ذاته الجنسية الأميركية، ويعمل مديرا لفرع شركة «بتروغرافكس للخدمات البترولية» في دمشق منذ 9 أشهر، وهي شركة دولية لها عدة فروع في عدد من الدول العربية منها سورية والجزائر وليبيا والسعودية.

ولفت عبد الحكم إلى أن السفير المصري لدى سورية بادر فور نشر نبأ إلقاء القبض على المواطن المصري بالاتصال بالسلطات السورية للتأكد من أهمية حسن معاملة المواطن المصري لحين إنهاء إجراءات التحقيق معه، والحصول على موافقة الجانب السوري على إيفاد ممثل من السفارة المصرية لمقابلة المواطن المصري، والسماح لممثل السفارة بحضور التحقيقات التي تجرى معه.

من جانبها، نفت أسرته الادعاءات التي تفيد بذهابه إلى إسرائيل، وقال طارق شلبي، أحد أقارب رضوان، لوكالة الأنباء الألمانية، إن الأخير لم يذهب أبدا إلى الضفة الغربية أو القدس، وإن أسرته لا تزال تحاول التأكد من مكان وجوده وإنها اتصلت بالسلطات الأميركية والمصرية.