اللاذقية مدينة أشباح بعد يوم من المواجهات والهجمات المسلحة

مقتل 12 شخصا وإصابة 200.. والجيش يعزز وجوده في درعا

TT

تحولت اللاذقية أمس إلى مدينة أشباح بعد يوم من اندلاع الاحتجاجات المناوئة للسلطات السورية، التي تطورت إلى مواجهات دامية أسفرت عن مقتل 12 شخصا من رجال الأمن ومدنيين و«مسلحين» وإصابة أكثر من 150 آخرين. وتطابقت تقارير السلطات مع شهادات شهود عيان عن وجود مسلحين أطلقوا النار عشوائيا على المدنيين ورجال الأمن على حد سواء، خلال تلك الاحتجاجات، بينما وقعت مواجهات طائفية بين الأقلية العلوية وبين الأكثرية من السنة. وفي مدينة درعا حيث بؤرة الاحتجاجات الدامية التي تجتاح البلاد عزز الجيش من وجوده لاحتواء التوتر.

وشهدت سورية خلال الأيام الأخيرة اضطرابات في عدد من المدن السورية، أكبرها كان في محافظة درعا واللاذقية وحمص اشتدت يوم الجمعة وراح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى، إلا أن الأحداث في اللاذقية الواقعة على الساحل السوري قريبا من الحدود مع تركيا أخذت منحى خطيرا، وبينما قال ناشطون إن المظاهرات خرجت في اللاذقية سلمية ثم تطورت إلى مواجهات مع عناصر مسلحة أطلقوا النار على المتظاهرين، قال مصدر سوري مسؤول إن «عناصر مسلحة» دون تحديد من تكون «شنت اعتداءات على أهالي وأحياء مدينة اللاذقية خلال اليومين الماضيين، أدت إلى مقتل عشرة من قوى الأمن والمواطنين ومقتل اثنين من العناصر المسلحة، التي جابت شوارع المدينة واحتلت أسطح بعض الأبنية وأطلقت النار عشوائيا على المواطنين وبثت الذعر بين الأهالي».

وأضاف المصدر: «إن نحو مائتي شخص معظمهم من قوى الأمن أصيبوا في هذه الاعتداءات»، مشيرا إلى أن «العناصر المسلحة اعتدت على المنشآت والممتلكات العامة والخاصة والمؤسسات الخدمية وكسرت المحال التجارية في مدينة اللاذقية واقتحمت بعض المنازل وروعت المواطنين في بيوتهم». وأوضح المصدر أن «العناصر المسلحة هاجمت أيضا المشفى الوطني وحطمت عددا من سيارات الإسعاف واعتدت على طواقمها الطبية»، لافتا إلى أن «أهالي مدينة اللاذقية قاموا في جميع الأحياء والمناطق بالتعاون مع قوى الأمن بالإبلاغ عن أماكن وجود العناصر المسلحة، ما ساعد على اعتقال عدد منهم يجري التحقيق معهم لمعرفة دوافعهم وخلفياتهم».

وذكرت صحيفة «الوطن» السورية أن قوات الجيش دخلت اللاذقية لإعادة «الأمن والأمان»، مؤكدة أن «من قاموا بالتخريب في المدينة ليسوا متظاهرين لهم مطالب، وإنما زعران معروفون بتاريخهم الإجرامي».

وفي روايات أخرى لما جرى في اللاذقية أفاد أحد السكان أن الأحداث بدأت يوم الجمعة بعد صلاة الظهر بعد خروج مجموعة من المواطنين في شارع القوتلي وسط المدينة يهتفون لنصرة درعا، وللحرية. فخرج بالمقابل مجموعة من مؤيدي النظام، و«حصل اشتباك بين الطرفين مع غياب للوجود الأمني»، وتم «حرق لسيارتي شرطة وتكسير واجهة المصرف التجاري السوري رقم 3، مع ثلاثة صرافات آلية وتكسير واجهة وسيارة مصرف التسليف الشعبي في حي القلعة». ويوم أمس السبت تظاهر نحو 300 شخص في حي الصليبة - السني - وسرت شائعات طائفية، ما «أثار القلق والذعر».

وأكد أكثر من شاهد عيان في اللاذقية أن «عشرات من الشباب دون الـ20 من العمر قاموا بحرق الحاويات والدواليب وحرق مركز سيرتيل في منطقة الشيخ ضاهر وحرق باص للشرطة»، وأن هناك من يقوم ببث الشائعات بهدف التحريض الطائفي، وقد «تم القبض على أكثر من سيارة كانت تجول في المدينة وتحاول بث الفتنة وإطلاق الرصاص في المدينة، كما تم القبض على سيارتين (فان) رماديتين في منطقة معمل المعاكس محملتين بالأسلحة».

وبحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» فإن هناك على ما يبدو محاولات لزرع خلافات طائفية بين سكان المدينة، وبالتحديد بين العلويين الذين ينتمي إليهم الرئيس السوري بشار الأسد وبين السنة.

ويبلغ عدد سكان اللاذقية نحو نصف مليون نسمة من السنة الذين يتمركزون في وسطها والعلويين الذين يقطنون أطرافها، فضلا عن أقليات صغيرة من المسيحيين والأتراك وأقليات أخرى.

وأفاد شهود عيان أن مجموعات من الأشخاص طافوا في المناطق التي يتجمع بها العلويون ونشروا إشاعات مفادها أن السنة يحضرون للهجوم عليهم، وحصل ذلك بالتزامن مع شائعات انتشرت في المناطق السنية مفادها أن العلويين في طريقهم للهجوم عليهم. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن شاهد عيان: «كيف للحكومة أن تجهل من هم هؤلاء الناس؟ نحن نطالب بتحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين عن ذلك». كما أفاد بأن مدينة اللاذقية تحولت إلى مدينة أشباح أمس، وأن سكانها خائفون من مغادرة منازلهم.

ونقلت وكالة «رويترز» عن أحد سكان اللاذقية أن الجنود انتشروا في شوارع المدينة ليل السبت لمساعدة الشرطة السرية وقوات الأمن في السيطرة على المدينة بعد مواجهات بين الشباب من العلويين والسنة.

وفي مدينة درعا عزز الجيش السوري من وجوده حيث تمثل الاحتجاجات التي بدأت في المدينة قبل ثمانية أيام أكثر التحديات خطورة أمام حكم حزب البعث الممتد منذ 48 عاما وزعيمه الرئيس بشار الأسد.

وقالت جماعة لحقوق الإنسان إن دور الجيش لا يزال ثانويا بعد الشرطة السرية والقوات الخاصة الني أرسلت إلى المدينة في محاولة لقمع الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من أسبوع، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 55 شخصا داخل درعا وحولها.

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن ناشط في درعا إن نحو 1200 شخص يعتصمون داخل مسجد العمري، وإن قوات الأمن والشرطة تحيط بالمسجد في جو متوتر، دون أن تقع أعمال عنف، غير أنه عبر عن اعتقاده بأن السلطات ستقتحم المسجد في وقت قريب لفض الاعتصام.