المنامة: المعارضة الشيعية تقبل بوساطة كويتية مع سلطات بلادها

وزير الخارجية الكويتي: لم تكن تتحقق لولا رغبة البحرين

رجال شرطة وجنود بحرينيون يرافقون جرافة لإزالة عوائق سدت الطريق في قرية المالكية غرب البحرين أمس (أ.ب)
TT

بعد يومين من تصريحات رئيس كتلة جمعية الوفاق الإسلامية بالبرلمان البحريني لـ«الشرق الأوسط» عن طلب المعارضة في بلاده لوساطة خليجية، كشف، أمس، عضو بارز في «الوفاق»، وهي أكبر جماعة شيعية معارضة البلاد، أنها قبلت عرض الكويت التوسط في محادثات مع الحكومة، لإنهاء الأزمة السياسية التي تعيشها البحرين بالمملكة.

وأبلغ لـ«الشرق الأوسط» عضو جمعية الوفاق النائب الدكتور جاسم حسن، عن وجود تحركات جادة وحيثية لترعى دولة الكويت دور الوساطة، لعودة المعارضة البحرينية إلى طاولة الحوار التي دعا لها ولي العهد البحريني وطرحت المبادئ التسعة كمدخل للحوار الوطني وتقول المعارضة إنها تقاطعت معها في ثلاثة بنود قبل أن يتوقف الحوار، على خلفية الأحداث الأخيرة التي دعت الحكومة لاستدعاء قوات درع الجزيرة، بصفتها عضوا مؤسسا لها والمسارعة لفرض حالة السلامة الوطنية.

واعتبر الدكتور حسين المبادرة الكويتية أول مبادرة جادة، على حد قوله، «كما أن أفكارها وأطروحاتها غالبا ما تكون مقبولة، ولها أهمية خاصة لدى كل الأطراف، وتصب في اتجاه عرض ولي عهد مملكة البحرين».

وأضاف أنه من السابق لأوانه التكهن بالنتائج «لأن الأوضاع ما زالت متوترة بعض الشيء، ولكنه من الأهمية أن تكون هناك تنازلات من كل الأطراف للوصول إلى صيغة توافقية على نتائج الحوار، وأن يهتم الجميع بالحفاظ على مكتسبات البحرين ومقدراتها الاقتصادية».

وفي ما يتعلق بأسباب توقف الحوار الذي دعا له ولي العهد، قال الدكتور حسين «في الواقع إن الحوار قد تأخر، وكان الأولى أن يبدأ قبل هذا الوقت، ولأنه إذا بدأ الآن لن يكون متأخرا كثيرا، بل العودة إلى طاولة الحوار هي المكسب وإرسال رسالة إيجابية تؤكد أن البحرين قادرة على قضاياها بنفسها».

وحول العودة للحوار دون شروط مسبقة قال: لا يمكن أن نتحدث عن تفاصيل الآن، ولكن أهمية قبول الحوار هي الأساس، ثم رغبة الأطراف في التقارب ستدفع بناء نحو الانفراج، ومن الطبيعي أن تكون طاولة الحوار هي المكان الأنسب والأفضل لفرض تنازلات من كلا الجانبين.

وفي ما يتعلق بالتوجه إلى التهدئة من جانب المعارضة، قال لا شك أن التهدئة مطلوبة من الجميع وأعتقد أن قرار اتحاد نقابة العمال بتعليق الإضراب، وكذلك جمعية المعلمين وعودة الكثير إلى أعمالهم يصب في اتجاه هذه التهدئة، في حين أنه مطلوب تخفيف القيود الأمنية بالحد الأكبر وعدم التصعيد مع إنهاء حالة الإضراب.

وقالت جمعية الوفاق وحلفاؤها الستة الأسبوع الماضي إنهم لن يشاركوا في محادثات عرضها ولي العهد ما لم تسحب الحكومة القوات من الشوارع وتفرج عن السجناء.

وقال مراقبون إن جمعية الوفاق أسقطت هذه المطالب حاليا.

وتريد «الوفاق» وحلفاؤها مجلسا منتخبا لإعادة صياغة الدستور، وهو مطلب انهارت المحادثات التي كانت تجرى بشأنه قبل وصول القوات الخليجية وإبعاد البحرين للمحتجين من الشوارع وحظر التجمعات العامة.

وتعليقا على هذه الوساطة، أكد وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح أن الجهود التي يبذلها الشيخ صباح الأحمد بشأن البحرين «تأتي في إطار المساعي الحميدة للحفاظ على أمنها واستقرارها ومصلحتها».

وأكد الوزير الكويتي في تصريحات صحافية أدلى بها أمس، «أن هذه المساعي الحميدة التي يبذلها سمو الأمير ما كانت لتتحقق لولا وجود رغبة حقيقية من قبل مملكة البحرين، ممثلة في سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة لفتح حوار وطرح أفكار في هذا الشأن». مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هذه الأفكار محل تداول وقبول إلى حد كبير عند الطرف الآخر (المعارضة).

من جهته، أعرب وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أمس (الأحد) عن تقدير البحرين «للدور الكبير» الذي يقوم به أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في الحفاظ على التماسك الخليجي. معربا عن الأمل في الوقت نفسه بألا يكون هذا الدور فرصة للاستغلال من بعض الأطراف في مملكة البحرين.

وأعرب وزير الخارجية البحريني في بيان «عن تقدير مملكة البحرين للدور الكبير» الذي يقوم به أمير الكويت «من أجل الحفاظ على التماسك الخليجي الواحد، ما بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وسعيه الحثيث نحو بناء علاقات قوية ومترابطة تخدم مسيرة التكامل المنشودة بين دول المجلس».

وشدد الوزير البحريني في الوقت نفسه على «أهمية أن لا يكون ذلك الدور الفاعل لسموه والمشهود له في البيت الخليجي الواحد والمعروف لدى الجميع، فرصة للاستغلال من بعض الأطراف في مملكة البحرين من شأنه أن يمس الدور الكبير والتاريخي الذي يقوم به سموه في التوفيق عند تبنيه لأي قضية».

وشدد الوزير البحريني على «ضرورة أن يكون التوافق والإصلاح في مملكة البحرين مبنيا على مبادئ ومنجزات المشروع الإصلاحي» لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، حسب البيان.

وكانت المعارضة البحرينية قد عبرت عن رغبتها في وساطة إحدى دول الخليج لتقريب وجهات النظر بينها وبين الحكومة، وأكد عبد الجليل خليل رئيس الكتلة النيابية لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، كبرى جمعيات المعارضة الشيعية بالبحرين، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أول من أمس، أنه من المهم إيجاد أرضية مشتركة للحوار عبر دولة خليجية تكون مقبولة من الجميع.

من جهة أخرى، خفضت البحرين من ساعات حظر التجول بواقع ساعة في اليوم. وأصبح الحظر يسري من الساعة 11:00 مساء بالتوقيت المحلي (02:00 بتوقيت غرينتش) إلى الرابعة صباحا (07:00 بتوقيت غرينتش)، بعد أن كانت مدة حظر التجول 12 ساعة عندما فرض في البداية.

وفي ردود الفعل الدولية، دعت واشنطن السلطات في البحرين إلى حوار مع المعارضة، وفق ما نقله البيت الأبيض إثر اتصال هاتفي بين نائب الرئيس الأميركي جو بايدن وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.

وقالت الرئاسة الأميركية في بيان إن «نائب الرئيس أقر بالإجراءات المهمة التي اتخذها ولي العهد لمحاورة المعارضة. مشددا على ضرورة مواصلة حوار مثمر». ودعا بايدن «إلى جهد إضافي وإصلاحات ملحوظة تلبي تطلعات جميع البحرينيين»، وفق المصدر نفسه.

وتوافق الجانبان على أن «الحل السياسي وحده يسمح للبحرين بأن تشهد استقرارا على المدى البعيد».