مصر تدشن تجربتها الحزبية الثالثة

TT

بإعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة صدور قانون الأحزاب المصري، دشنت مصر ثالث عهود الحياة الحزبية في الشارع المصري.

وبحسب المؤرخ الدكتور يونان لبيب رزق، في كتابه «الأحزاب المصرية عبر مائة عام»، فإنه في تمام الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة 20 سبتمبر (أيلول) عام 1907، وبالصالة الكبرى لدار «الجريدة» اجتمع 16 رجلا من أعيان مصر، ليعلن أحدهم وهو حسن باشا عبد الرازق قيام حزب الأمة، وهو ما يعتبر شهادة ميلاد الحياة الحزبية المصرية.

ويلاحظ أن الأحزاب التي نشأت في مصر قبل الحرب العالمية الأولى نشأت أساسا حول الصحف الكبرى التي كانت تصدر في تلك الفترة فمن جريدة «المؤيد» ظهر الإصلاح على المبادئ الدستورية، ومن «اللواء» ظهر الحزب الوطني أكبر أحزاب تلك المرحلة وأكثرها شعبية.. وهو ما جعل الأوروبيين يسمونها بالأحزاب الصحافية.

وبعكس الأحزاب الأوروبية التي نشأت في أحضان برلماناتها، فإن الأحزاب المصرية ظهرت بمعزل عن البرلمان.. وقد تصدر الحزب الوطني وحزب الأمة المشهد السياسي في الفترة ما بين عامي 1907 - 1914.

ثم أنجبت ثورة 1919 ما يمكن توصيفه بحياة حزبية مستكملة القسمات، متدفقة الحيوية.. وقد بلغت عمر تلك الفترة الثانية أربعة وثلاثين عاما بالتمام والكمال.

وأدت تطورات الثورة وتشكيل لجان الوفد إلى تحولها إلى حزب سياسي، لذا يمكن اعتبار حزب الثورة من مواليد ثورة 1919. وقد حاولت معظم أحزاب تلك الفترة الانتساب بكل قوة إلى الثورة بدءا من حزب الأحرار الدستوريين الذي نشأ عام 1922 نتيجة انقسام الوفد المصري، وأصر على تأكيد انتمائه للثورة، كذا حزب الهيئة السعدية الذي نشأ عام 1937.

واستمر ذلك العصر حتى ألغيت الأحزاب القائمة كلها في 17 يناير (كانون الثاني) 1953.

وبدأت المرحلة الثانية في أغسطس (آب) 1974، بالسماح بقيام منابر متعددة داخل الاتحاد الاشتراكي للتعبير عن الرأي والرأي الآخر. وبعدها في مارس (آذار) 1976 بتحويل المنابر إلى تنظيمات للوسط واليمين واليسار.. وقبيل نهاية العام، بدأت التجربة الحزبية الثانية يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 1976، حين تحولت التنظيمات إلى أحزاب وإن ظلت جميعها منبثقة من الاتحاد الاشتراكي.

وقد سيطر الحزب الوطني الديمقراطي، الذي أحياه الرئيس السادات على مجريات الحياة الحزبية في مصر طيلة 32 عاما، ولم يجد منافسة حقيقية من أي من الأحزاب الأخرى الموجودة على الساحة السياسية، والتي غابت عن الوجود الجماهيري.. وذلك حتى ليلة الرابع والعشرين من يناير 2011، والتي شهدت بداية نهاية نظام الرئيس مبارك.

* «وحدة أبحاث الشرق الأوسط»