مصادر الثوار لـ«الشرق الأوسط»: سندخل سرت اليوم أو غدا

عقيد ليبي غادر موقعه في بن جواد: الجيش يتفكك.. وقريبا لن يجد القذافي من يقاتل معه

ثوار ليبيون في الطريق الرابطة بين مدينة بن جواد ومدينة سرت (إ.ب.أ)
TT

خسر الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي معركة السيطرة على مدن النفط الرئيسية في المنطقة الشرقية بالكامل في مواجهة الثوار المناوئين له، الذين بدأوا في الاندفاع غربا باتجاه مسقط رأسه سرت.

وفى محاولة لرفع معنويات مناصريه جال القذافي، الذي لم يظهر على الملأ أو في التلفزيون منذ كلمته المقتضبة يوم الثلاثاء الماضي، مساء أول من أمس داخل سيارة في العاصمة طرابلس، حيث بث التلفزيون الرسمي لقطات تظهر حراسه حول سيارته من دون أن يظهر هو، بينما هم يبعدون المارة من الاقتراب من السيارة.

وعرض التلفزيون لقطات لسيارة القذافي البيضاء على مقربة من مقره الحصين في ثكنة باب العزيزية في طرابلس، فيما كان المئات من أنصاره يلوحون بالأعلام الخضراء ويرددون شعارات.

وبدا أمس أن الطريق مفتوح تماما أمام الثوار الذين استفادوا أخيرا من الضربات الجوية والصاروخية التي تشنها قوات التحالف الدولي ضد قوات القذافي منذ أسبوع للتقدم بأسرع مما كان متوقعا باتجاه سرت.

ويعني سقوط مدن النفط الرئيسية في شرق ليبيا أن القذافي فقد نصف ذراعه الاقتصادية تقريبا من عائدات بيع النفط لصالح الثوار، الذين برهنوا للعالم أن قبضة القذافي التي اهتزت تحت وطأة الاحتجاجات الشعبية ضده منذ السابع عشر من الشهر الماضي لم تعد موجودة الآن في شرق ليبيا.

وأعلن الثوار في وقت سابق أمس أنهم نجحوا في الدخول إلى مدينة سرت، لكن موسى إبراهيم الناطق الرسمي باسم الحكومة الليبية قال في المقابل إن قوات القذافي ما زالت في مواقعها الميدانية، وتعهد بسحق من وصفهم بـ«الثوار المتمردين العملاء للخارج».

وتحدث إبراهيم عن ما سماه «إعادة تمركز القوات المسلحة الحكومية تحت ضغط القصف الجوي والصاروخي لقوات التحالف»، في معرض تبريره لهزيمة القوات الحكومية وتقدم الثوار غربا. وقالت مصادر في جيش ليبيا الحرة، الذي يقوده العقيد خليفة حفتر الموالي للثوار، لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش المكون من مدنيين مسلحين وعسكريين منشقين على نظام القذافي يستعد لمعركة كبيرة ضد قوات القذافي العسكرية وكتائبه الأمنية التي تراجعت أمس على مقربة من مدينة سرت.

وأضافت المصادر: «نعتقد أن طريقنا إلى هناك لن يكون نزهة، نتوقع مواجهة كبيرة ومعارك عنيفة للغاية ضد قوات القذافي التي لن تتخلى بسهولة عن المدينة لأن سقوطها يعنى سقوط النظام كله».

ووقعت أمس اشتباكات عنيفة استخدمت فيها قذائف المورتر والمدفعية الثقيلة بين الثوار وقوات القذافي أثناء تقدمهم غربا على الطريق الساحلي بعدما سيطروا على بلدة الناصرية في طريقهم إلى سرت. وقال الثوار إن كمائن متفرقة نصبتها قوات القذافي دفعتهم للتراجع، لكنهم استعادوا مواقعهم فيما بعد. فيما قال متحدث باسم المجلس الانتقالي في بنغازي إن الثوار يعتزمون دخول سرت اليوم أو غدا.

وقال أحمد خليفة، احد قادة الثوار: «نقوم باستطلاع لمعرفة مدى صعوبة دخول سرت. ونعتزم محاولة دخولها اليوم أو غدا»، مشيرا إلى أن سرت لم يدخلها أي من المعارضين حتى الآن. وزاد قائلا إنهم «يبحثون فيما إذا كانت المنطقة قد لغمت». وأشار إلى أنه قبل سرت توجد هناك منطقة كبيرة مفتوحة، والثوار بحاجة إلى التأكد قبل الهجوم من أن النجاح سيكون حليفهم.

وقال مصطفى غرياني، وهو متحدث آخر من بنغازي، إن القوات الخاصة التابعة للثوار انضمت إلى مقاتلين متطوعين غير مدربين في أغلبهم متمركزين خارج سرت.

وتعتبر سرت إلى جانب كونها مسقط رأس القذافي، قاعدة عسكرية مهمة، وذات رمزية واستراتيجية كبيرة، وإذا سقطت سيتلقى المعارضون دفعة قوية ويتغلبون على أكبر عقبة في طريقهم إلى طرابلس. وقال غرياني إنه متفائل من أن سكان سرت سيرحبون بالمعارضين ولن ينضموا لقوات القذافي في قتالهم، مشيرا إلى أن القذافي تسانده نسبة ضئيلة من أفراد قبيلة القذاذفة. ومضى يقول: «كلهم يعاملون بنفس الطريقة التي يعامل بها الناس في بنغازي وغيرها. أعتقد أنهم سيرحبون بفرصة إخراجه».

إلى ذلك، تحدثت مصادر ليبية رسمية لـ«الشرق الأوسط» عن حالة فوضى عارمة تجتاح القوات الموالية للعقيد القذافي بعد نجاح الثوار المناوئين له في السيطرة بالكامل على المنطقة الشرقية الغنية بالنفط.

وقالت المصادر ذاتها، التي طلبت عدم تعريفها، إن كبار قيادات القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية القذافي بدأوا يرفضون التعليمات الصادرة إليهم من مقر القيادة بثكنة باب العزيزية في طرابلس الغرب، مشيرة إلى تمرد عشرات من هؤلاء ورفضهم الانصياع للتوجيهات الميدانية.

وكشفت النقاب عن أن انسحاب قوات القذافي، الذي وصفته بغير المبرر، من مدينتي رأس لانوف وبن جواد يعبر عن أزمة عميقة وخطيرة في صفوف القوات المسلحة الليبية على الرغم من تماسكها الظاهري، وإصرار القذافي على الادعاء بأنها تدين له بالولاء الكامل والطاعة.

وقال عقيد بالجيش الليبي، غادر موقعه في بن جواد في وقت سابق أمس لـ«الشرق الأوسط»: «الجيش يتفكك.. قريبا لن يجد القذافي من يقاتل معه».

وأضاف العقيد الذي رفض تعريفه خوفا من تعرضه للانتقام: «أمضينا أسابيع في الصحراء نقاتل من كنا نعتقد أنهم تابعون لتنظيم القاعدة والمرتزقة الإسلاميين المتطرفين كما كان يدعي النظام. الآن اكتشفنا أننا نقاتل أشقاءنا في الشرق، هذه ليست حربا على الخارج، إنها حرب أهلية لن أشارك فيها».

وقال إن النظام كان يبرر تغيب اللواء أبو بكر يونس جابر، وزير الدفاع عن الظهور بحالته الصحية، وبأنه مريض لغاية، لكن اتضح لاحقا أنه معتقل وقيد الإقامة الجبرية بمنزله بسبب رفضه الانصياع لتعليمات القذافي.