أوباما يخاطب الشعب الأميركي لتبديد مخاوفه بشأن التدخل في ليبيا

في وقت ساد فيه ارتياح بعد تولي «الناتو» مسؤولية عمليات فرض الحظر الجوي

ثوار يطلقون النار على قوات القذافي على بعد 120 كلم شرق سرت ( رويترز)
TT

وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما خطابا للشعب الأميركي حول ليبيا، هو الأول من نوعه منذ بدء العمليات العسكرية فيها. وجاء ذلك في وقت ساد فيه ارتياح أميركي بعد تولي حلف شمال الأطلسي (الناتو) مسؤولية عمليات فرض الحظر الجوي، وفرض العقوبات على ليبيا، وذلك عشية إلقاء أوباما خطابه في الساعة السابعة والنصف من مساء أمس أمام الكلية العسكرية (جامعة الدفاع الوطني).

وقال مسؤول في البيت الأبيض: «الخطاب موجه بشكل كبير للشعب الأميركي لإبلاغه بما حدث، وما نحاول أن نحققه، ليس بمفردنا بل مع العالم».

وبينما توجهت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى لندن لحضور الاجتماع الدولي حول ليبيا، تشدد الإدارة الأميركية على أهمية التحالف الدولي، ومشاركة حلفاء عرب مثل قطر في العمليات العسكرية.

وفي غضون ذلك، تتزايد التساؤلات حول مهمة العمليات العسكرية ضد نظام العقيد معمر القذافي، على الرغم من تأكيد الإدارة الأميركية أن العمليات العسكرية لا تستهدفه شخصيا، بل تسعى إلى «حماية الشعب الليبي». وقال المصدر ذاته في اتصال مع مجموعة من الصحافيين لتوضيح نقل العمليات إلى «الناتو»، إن «الانتقال هو لحماية الشعب الليبي».

وتحرص الإدارة الأميركية على التركيز على تولي «الناتو» القيادة وعدم جعل واشنطن الدولة المسؤولة الأولى عنها. وأوضح مصدر أميركي مسؤول أن «نظرة الرئيس أوباما للعمل الدولي تشمل أهمية الدور الأميركي لكن في إطار مسؤولية دولية وتعاون دولي».

وتتوقع وزارتا الدفاع والخارجية في أميركا انضمام المزيد من الدول إلى التحالف خلال الأيام المقبلة وقد يتم الإعلان عنها خلال اجتماع لندن.

وأوضح مسؤول في البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس الأميركي عمل خلال يومي السبت والأحد الماضيين على صياغة الخطاب، وظل حتى ظهر أمس يضع اللمسات الأخيرة عليه.

وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى مطلع على الملف الليبي، إن «التفويض حول المهمة بسيط، والهدف هو حماية المدنيين من الهجمات»، مؤكدا أن نطاق المهمة لم يتغير بعد نقل قيادتها.

وبينما أشار استطلاع للرأي أجرته وكالة «رويترز» إلى أن 60 في المائة من الأميركيين يؤيدون العمليات في ليبيا مادامت ضمن تحالف دولي، فإن التأييد لعمليات عسكرية، تقليديا، يتراجع مع مرور الوقت، وتفاقم التكلفة المالية لها. أما إذا تم قتل جندي أميركي، فالمعارضة تتضاعف. وهذا أمر تعيه الإدارة الأميركية مما يزيد من تحفيزها على التواصل الإعلامي مع الشعب الأميركي، خاصة أن التفكير في الانتخابات المقبلة يهيمن على الكثير من التقديرات في واشنطن.

وأوضح ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية أنه «من الصعب التكهن بمدى تطور الأمور»، مشيرا إلى أن الوزيرة كلينتون «توجهت إلى لندن لمواصلة مشاوراتنا، وبحث الطرق المتبعة الآن مثل التشاور مع المعارضة، وتقييم احتياجات الشعب الليبي، ومعرفة كيفية دعمه».

وأضاف الناطق لـ«الشرق الأوسط» أن «الإدارة واضحة جدا حول أسباب مشاركتنا في هذه المهمة، ولكن علينا مواصلة تثقيف الشعب، وأن نبذل كل جهد لنبقى واضحين».

ولا تستبعد مصادر أميركية أن تستمر العمليات في ليبيا فترة زمنية تؤدي إلى تراجع شعبية قرار إطلاق الحملة العسكرية، لكن في الوقت نفسه شددت على القول إن الشعب الأميركي يدعم في العادة عمليات الحماية الإنسانية.

وحاول أوباما في خطابه تحديد أهداف المهمة ومداها بعد أن اتهمه عدد كبير من أعضاء الكونغرس بالإخفاق في شرح الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في حملة القصف الجوي الغربي ضد قوات الزعيم الليبي معمر القذافي.

وخفف من مهمة أوباما اتفاق حلف شمال الأطلسي أول من أمس على تسلم المسؤولية الكاملة عن العمليات العسكرية في ليبيا، منهيا بذلك خلافا حول من سيقود جهود الحلفاء.

وكان متوقعا أن يرحب أوباما في خطابه بقرار حلف الأطلسي كدليل على أنه سيفي بوعده بأن تلعب الولايات المتحدة التي لها قوات في العراق وأفغانستان دورا محدودا في الحرب في ثالث دولة إسلامية، كما قد تعطيه المكاسب التي حققتها المعارضة الليبية المسلحة على أرض المعارك دفعة أيضا.

وحاول أوباما طمأنة المواطن الأميركي المهموم بالاقتصاد، بأن التدخل في ليبيا يخدم المصالح القومية الأميركية، وتهدئة مخاوفه بأن عنده استراتيجية واضحة لإنهاء الدور الأميركي والخروج من ليبيا.

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، عشية إلقاء الخطاب، في حديث ببرنامج «واجه الأمة»، الذي تبثه قناة «سي بي إس نيوز»: «أعرف مدى قلق الناس، ومن الواضح أن الرئيس سيلقي خطابا إلى الأمة للرد على الكثير من بواعث هذا القلق».