الثوار الليبيون يرفضون مبادرة «قذاف الدم» لإلقاء السلاح

مصادر طرابلس: مقربون من العقيد يبحثون له عن مكان آمن في أفريقيا أو أميركا اللاتينية

ثوار يرددون شعارات مناوئة للقذافي في خطوط المواجهة خارج مدينة بن جواد التي تبعد 150 كلم عن سرت ( اب )
TT

قبل ساعات من اجتماع لندن، المقرر انعقاده اليوم (الثلاثاء) حول ليبيا، أصدر المسؤول السابق في النظام الليبي، أحمد قذاف الدم، ابن عم العقيد الليبي معمر القذافي، بيانا من مكتبه في العاصمة المصرية دعا فيه الليبيين إلى إلقاء السلاح «لأن قرار السلم والحرب قد لا يكون غدا بأيدينا»، لكن المعارضة الليبية رفضت دعوة قذاف الدم، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، على لسان القيادي في ثورة 17 فبراير، هاني سوفراكيس، إن بيان قذاف الدم محاولة لعرقلة «التقدم الكبير»، الذي يحققه الثوار على الأرض في طريقهم إلى معاقل القذافي في سرت وطرابلس، في وقت أشارت فيه مصادر مطلعة من العاصمة طرابلس إلى أن مقربين من القذافي يبحثون له عن مكان آمن في أفريقيا أو أميركا اللاتينية.

وتعليقا على بيان قذاف الدم، قال سوفراكيس إن مثل هذا البيان: «كأنه لا وجود له.. بيان كهذا لا يصح أن يكون له اعتبار». وأضاف أن قذاف الدم «لم يكن صادقا حين قال إنه استقال من منصبه، كمبعوث شخصي للقذافي ومنسق للعلاقات المصرية - الليبية».

وعن تفسيره لسبب إصدار قذاف الدم للبيان، أضاف سوفراكيس: «هذا يعبر عن خسائر القذافي للكثير من المدن خلال اليومين الماضيين».

وزاد قائلا: «لا أعتقد أن المجلس الانتقالي المعارض سينظر لهذا البيان بعين الاعتبار. نحن نرى أن معمر القذافي خاسر خاسر، والقصة هي قصة وقت». وقال: «أعتقد أن نظام القذافي بدأ ينظر إلى قدر الخسائر التي سيتكبدها بخروجه من السلطة».

وكان قذاف الدم ناشد في بيانه الذي أصدره من مكتبه بالقاهرة «كل من يحمل سلاحا من الليبيين أن يلقيه»، مطالبا الدول العربية بالعمل على حقن دماء أشقائهم في ليبيا، ومحذرا من أن «قرار السلم والحرب قد لا يكون غدا بأيدينا».

وحمل البيان عنوان «نداء إلى كل من تهمه ليبيا». وجاء فيه أن «هذه المواجهات التي تجري منذ أسابيع على تراب أرضنا في ليبيا لم تكن مقدسه بالأمس عندما كان الأخ يقتل أخاه، لأنه يطالب بحقه في الحرية، وحقه في الرأي أو حقه في الاختلاف، وجميعها مطالب مشروعة، وكانت السبب الرئيسي في استقالتي والكثيرين من الليبيين الشرفاء». وقال البيان أيضا إن «هذه المواجهات ليست مقدسة عندما تقوم طائرات وصواريخ حلف الأطلسي لتقتل الناس أيا كانوا، فجميعهم ليبيون. أهلي الأعزاء إن هذا الطريق الذي نسير فيه لن يدخلنا الجنة. لن يعزز الحرية. لن يحمي النسيج الاجتماعي. وكذلك لن يصنع لنا مستقبلا مزدهرا».

ويأتي هذا البيان في وقت خسر فيه القذافي معركة السيطرة على مدن النفط الرئيسية في المنطقة الشرقية بالكامل تقريبا، مع الثوار المناوئين له الذين بدأوا في الاندفاع غربا نحو سرت، بمساعدة الضربات الجوية الغربية.

وبموازاة هذا التدهور العسكري لقوات القذافي تسارعت المساعي الدولية لإيجاد تسوية للأزمة في ليبيا، حيث من المقرر أن ينعقد اليوم في العاصمة البريطانية مؤتمر حول ليبيا، حيث قالت مصادر ليبية رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك مؤشرات إيجابية لقبول دول التحالف نسبيا بما يطرحه مقربون من القذافي، على رأسهم ابنه الثاني، المهندس سيف الإسلام، للتوصل إلى تسوية سياسية مرضية.

ولفتت المصادر إلى أن التسوية المطروحة ربما تفسح المجال نحو ما وصفته بحل سياسي مقبول، لكنها امتنعت عن تأكيد أو نفي ما إذا كانت هذه الأفكار تتضمن تخلي القذافي رسميا عن السلطة التي يتولاها منذ نحو 42 عاما أم لا. وكشفت النقاب عن أن السبب الرئيسي لعدم اقتناع دول التحالف والحكومات الغربية التي تم الاتصال بها هو أن المطروح يتضمن وجود القذافي بشكل أو بآخر في السلطة، مشيرة إلى أن هذا البند تحديدا محل جدل بين الأطراف المعنية.

وقال مسؤول على اطلاع بكواليس الاتصالات التي يجريها مقربون من القذافي: «كل المسؤولين الليبيين في الحلقة القريبة من القذافي يعكفون على بلورة حل. استمرار التقدم العسكري للثوار والقصف الجوي من التحالف الدولي يعنى أن النهاية باتت وشيكة، وعليهم أن يستبقوا الوقت».

وكشف هذا المسؤول النقاب عن أن أعوان القذافي يرغبون في الحصول على إجابات محددة عن أسئلة «من نوع هل سيسمح له بالخروج بشكل لائق دون المساس به؟ وهل ستتم ملاحقته إذا ما خرج من البلاد؟ وهل تشمل الضمانات كل أفراد أسرته والمقربين منه؟».

وأضاف: «السؤال الرئيسي الآن هو إلى أين سيتجه القذافي؟ ثمة خيارات محدودة في هذا السياق ربما تشاد، أو النيجر في أفريقيا، وربما فنزويلا في أميركا اللاتينية»، حيث يتمتع القذافي بعلاقات وطيدة للغاية على المستوى الشخصي مع رئيسها هوغو شافيز.

وتلقت «الشرق الأوسط» معلومات غير رسمية حول وجود عدد من مساعدي القذافي في تشاد لاختيار مكان يصلح له للإقامة في المنفى، علما بأن القذافي يرتبط أيضا بعلاقات جيدة مع الرئيس التشادي إدريس ديبي.