تونس تغير وزير داخليتها بعد انتقاده من الرأي العام بقلة الحزم

استهجنت دعوة إسرائيل لليهود التونسيين إلى الهجرة إليها

الحبيب الصيد يتحدث عبر الهاتف في مكتبه بالعاصمة التونسية بعد تعيينه وزيرا جديدا للداخلية أمس (أ.ب)
TT

أعلن في تونس، أمس، عن إجراء تعديل حكومي جزئي طال وزير الداخلية فرحات الراجحي الذي عُين في منصبه منذ شهرين. ولم تذكر المصادر الرسمية أي سبب لإقامة الوزير، لكن الراجحي كان قد واجه في الفترة الأخيرة انتقادات بعدم الحزم. وذكرت وكالة الأنباء التونسية الرسمية، أمس، أنه «باقتراح من الباجي قائد السبسي، الوزير الأول، قرر رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزع إجراء تحوير جزئي على الحكومة تم بمقتضاه تعيين الحبيب الصيد وزيرا للداخلية»، من دون تقديم أي تفسير حول أسباب الإقالة.

كان الراجحي، وهو قاض، قد عُين في 27 يناير (كانون الثاني) وزيرا للداخلية واحتفظ به رئيس الوزراء السبسي ضمن حكومته التي أعلن عنها في 7 مارس (آذار) الحالي. وتعهد السبسي بإعادة هيبة الدولة وتطبيق القانون بحزم خلال تسلمه المنصب، وتسعى تونس إلى وقف التدهور الأمني الذي تشهده البلاد منذ الإطاحة بنظام بن علي في 14 يناير الماضي.

ويعتبر وزير الداخلية الجديد، الحبيب الصيد، من الإطارات التونسية الناجحة، وهو حاصل على شهادة في الهندسة الفلاحية وقد أشرف على الإدارة الجهوية للفلاحة والموارد المائية بولايتي (محافظتي) قبلي وبنزرت، كما عُين مديرا عاما لديوان الأراضي الدولية، قبل أن يعين رئيس ديوان بوزارة الداخلية التونسية لمدة تجاوزت 11 سنة. وكان الصيد قد شغل كذلك منصب كاتب دولة مكلف بالصيد البحري. أما على المستوى الدولي فقد شغل منصب مدير عام للمنظمة الدولية لزيت الزيتون بإسبانيا، وقد عاد إلى تونس بعد بلوغه سن التقاعد، وعين منذ فبراير (شباط) 2010 مستشارا لدى الوزير الأول.

كان الراجحي قد أثار جدلا حول مدى نجاحه في إدارة وزارة الداخلية، خصوصا بعد أن داهم المئات من رجال الأمن مكتبه مساء يوم 31 يناير الماضي، أي بعد 4 أيام من تعيينه على رأس الوزارة. وكان حينها مجتمعا مع قائد الجيش الجنرال رشيد عمار. وذكر الراجحي في تصريحات بعد الحادث أن المئات من المجرمين والأمنيين المسلحين داهموا مكتبه وحاولوا الاعتداء عليه وعلى الجنرال رشيد عمار. وقال: «لقد سرقوا نظارتي ومعطفي وهاتفي المحمول، بعد أن نفذت بجلدي»، مشيرا إلى أن هؤلاء المهاجمين خرجوا من الوزارة من دون إيقاف أي واحد منهم. وحمل الراجحي مدير الأمن السابق مسؤولية ذلك وندد بالتواطؤ الصارخ في الأجهزة الأمنية على أمن الدولة. ومنذ تلك الحادثة بات الراجحي حديث التونسيين الذين أطلقوا عليه اسم «الرجل النظيف». ودعاه بعض الشباب إلى الاستعداد لتقديم ترشحه للانتخابات الرئاسية، إلا أن أطرافا سياسية أخرى انتقدت طريقة إدارته لواحدة من أهم الوزارات المساهمة في إعادة الأمن والاستقرار للبلاد.

من جهة أخرى، أعربت تونس عن «استهجانها الشديد ورفضها القاطع» للتصريحات المنسوبة لوزيرة الهجرة والإدماج الإسرائيلية حول تشجيع حكومة تل أبيب «للتونسيين من أتباع الديانة اليهودية على الهجرة إلى إسرائيل واعتزامها منحهم مساعدات مالية وامتيازات بزعم أنهم يعانون أوضاعا اقتصادية سيئة في تونس».

وقال مصدر من وزارة الخارجية التونسية: إن تونس «تلقت بكل استياء» هذه التصريحات التي «تشكل تدخلا سافرا» في شؤون البلاد الداخلية. واعتبرت أن مثل تلك التصريحات تنطوي على «دعوة غير بريئة لمواطنين تونسيين للهجرة إلى إسرائيل» وتعتبر «غير منفصلة عن محاولات إسرائيلية تهدف إلى تشويه صورة تونس بعد الثورة وإثارة الشكوك حول أمنها واقتصادها واستقرارها». وذكرت الخارجية التونسية أيضا أن أتباع الديانة اليهودية من المواطنين التونسيين «شكلوا على امتداد التاريخ جزءا لا يتجزأ من المجتمع التونسي في تعايش ووئام مع جميع مكوناته وفى كنف الاحترام التام لحقوقهم وحرياتهم كجماعة دينية مستقلة». وعبر البيان عن استغراب تونس من صدور «مثل هذه التصريحات من مسؤولة حكومية في دولة دأبت على إنكار حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى موطن آبائه وأجداده في تحدٍّ سافر للشرعية الدولية».