محادثات بين الهند وباكستان على خلفية «دبلوماسية الكريكيت»

جيلاني يقبل دعوة سينغ لحضور مباراة بين فريقي بلديهما غدا

ضباط أمن يجتمعون أمس في ملعب غداة مباراة الكريكيت المرتقبة بين الهند وباكستان في مدينة موهالي الهندية (أ.ب)
TT

بدأ مسؤولون من الهند وباكستان أمس أول محادثات سلام رسمية بين البلدين منذ هجمات مومباي عام 2008، وذلك على خلفية قرار رئيسي وزراء البلدين حضور مباراة للكريكيت بين بلديهما فيما وصف بـ«دبلوماسية الكريكيت». واجتمع في نيودلهي وزيرا داخلية الهند وباكستان، وهما أكبر مسؤولين مدنيين عن قضايا الأمن، لإجراء محادثات حول إصلاح العلاقات بين البلدين. وكانت المحادثات قد انقطعت بسبب هجمات مومباي؛ عندما قتل متشددون باكستانيون 166 شخصا في إطلاق نار استمر ثلاثة أيام في العاصمة التجارية للهند.

ومن المقرر أن تنتهي المحادثات اليوم الثلاثاء، لكن التركيز تحول بالفعل إلى مباراة الدور قبل النهائي في كأس العالم للكريكيت بين الهند وباكستان، التي سيحضرها رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ، ونظيره الباكستاني، يوسف رضا جيلاني.

وستجري المباراة يوم غد، وتواجه فيها الهند باكستان على الأراضي الهندية لأول مرة منذ عام 2007. وفي بادرة لافتة، وجه رئيس الوزراء الهندي سينغ الدعوة إلى الرئيس الباكستاني، علي آصف زرداري، ورئيس وزرائه، جيلاني، لزيارة البلد من أجل حضور المباراة. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر هندية أن جيلاني سيلتقي سينغ «بصورة غير رسمية» خلال المباراة، وسيعقد اجتماعا رسميا بعد المباراة يتطرق للقضايا الثنائية.

وقد تحولت دبلوماسية الكريكيت إلى جزء من التقاليد الدبلوماسية الهندية - الباكستانية. ففي عام 1987، دعا الرئيس الباكستاني الأسبق، الجنرال ضياء الحق نفسه لمشاهدة مباراة كريكيت في الهند، في إطار جهوده للتخفيف من حدة توترات أعقبت مواجهة عسكرية بين البلدين. كما فعل الرئيس الباكستاني السابق الجنرال برويز مشرف، الأمر ذاته في أبريل (نيسان) 2005، عندما اقتنص دعوة من سينغ لحضور مباراة بين البلدين في نيودلهي. وأثمرت المحادثات التي أجريت خلال الزيارة الأساس لمفاوضات ثنائية جادة حول تسوية النزاع حول كشمير.

ورحب قادة سياسيون ومحللون إعلاميون وتجار بإحياء دبلوماسية الكريكيت هذه المرة، وأعربوا عن أملهم في أن يسهم ذلك في تخفيف حدة التوترات وإرساء أسس التعاون المستقبلي بين البلدين اللتين خاضتا 3 حروب منذ استقلالهما عام 1947. وكان مقررا أن يناقش وزيرا داخلية البلدين، أمس، الإرهاب وقضايا إنسانية والتخلص من القيود المفروضة على التأشيرة، إضافة إلى التعاون في مجال مكافحة الاتجار في المخدرات.

وترى بعض الدوائر أنه من غير المتوقع أن تتمخض زيارة جيلاني عن انفراجة كبيرة في العلاقات بين البلدين. ومع ذلك، فإنها تعد إجراء لبناء الثقة بالغ الأهمية على أرفع مستوى. وقطعا سيبث هذا التواصل بين البلدين شعورا بالارتياح في المنطقة التي يسود اعتقاد أنها وقعت رهينة للعداء بين الهند وباكستان، كما أن هذه الزيارة من شأنها أن تبعث برسالة إيجابية عبر مختلف جنبات العالم، خاصة حلفاء باكستان والهند، الذين يخالجهم دوما شعور بالقلق تجاه العلاقات المتوترة بين الخصمين النوويين.

وعلى الرغم من أن المباراة المقرر إجراؤها في موهالي ستكون حامية الوطيس، فإنها قد توفر فرصة للتحرك لما وراء عالم الكريكيت إلى مجال العلاقات الإقليمية. وفي غضون ذلك، تحدق بالمباراة أخطار إرهابية خطيرة. وطبقا لتقارير استخباراتية هندية، أرسل تنظيم «القاعدة» ومجموعة «عسكر الطيبة» عناصر إرهابية إلى الهند لإعاقة المباراة. ويحذر بعض الخبراء من أن أي اضطراب من هذا النوع يصيب المباراة قد يدفع بالعلاقات الهندية - الباكستانية لهوة أعمق.