واشنطن: جدل محتدم ومشاحنات أقل في جلسة مناقشة الحقوق المدنية للمسلمين

163% زيادة في نسبة الشكاوى المقدمة من المسلمين منذ هجمات 2001

TT

كانت أقصر من سابقتها بتسعين دقيقة دون اهتمام إعلامي يذكر ولم تشهد سوى عدد قليل من السجالات بين أعضائها، غير أن جلسة الاستماع التي عقدها السيناتور ريتشارد جي دوربين شهدت نفس الجدل والعديد من النقاشات التي عقدها النائب الجمهوري بيتر تي كينغ حول موضوع التطرف الإسلامي قبل ثلاثة أسابيع.

وعلى الرغم من التجاهل الإعلامي لها فإن الجلسة التي رأسها دوربين سجلها التاريخ بوصفها أول جلسة يعقدها الكونغرس عن الحقوق المدنية للمسلمين الأميركيين. وانتظر صف من الأفراد يبلغ عددهم نحو 50 شخصا أمام باب مكتب مجلس الشيوخ في دركنسن لحين أن يتم فتحه، بمن فيهم ستة طلاب بالمرحلة الثانوية والذين كانوا يفترشون الأرض منذ نحو الساعة السابعة صباحا.

ومثلما هي الحال بالنسبة لجلسة لجنة الأمن القومي التي يرأسها كينغ (النائب الجمهوري عن ولاية نيويورك)، فقد جذبت اللجنة الفرعية القضائية القادة المسلمين والمحامين المدافعين عن الحريات المدنية وطلاب الدراسات العليا والمدافعين عن كل شيء بدءا من الزواج المسيحي المحافظ إلى حوار الأديان.

وعلى عكس جلسة كينغ، التي ركزت بشكل متعمد على الأفراد الذين قاست عائلاتهم من ويلات التيار الإسلامي المتطرف، سعت جلسة دوربين إلى تقديم أدلة مثبتة بالبيانات تفيد بأن انتهاكات الحقوق المدنية ضد الأميركيين المسلمين في ازدياد.

وثمة قدر محدود من الشك في أن لهجة الخطاب العام حول الإسلام قد ازدادت حدة العام الماضي، بما في ذلك الأحاديث الواردة على لسان القادة السياسيين والعسكريين والدينيين. غير أن دوربين والشهود - في المقام الأول المحامون الذين يركزون على قضايا الحقوق المدنية - قد استشهدوا بأدلة حكومية تشير إلى ارتفاع حالات التمييز العنصري أيضا داخل المدارس وأماكن العمل وغيرها من الأماكن الأخرى.

وقال توماس بيريز، مساعد النائب العام للحقوق المدنية: «للأسف، فإنه بينما قد مضى نحو عقد تقريبا منذ وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، فإننا ما زلنا نشهد تيارا مستمرا من العنف والتمييز الموجه ضد المجتمعات الإسلامية والعربية ومجتمع السيخ ومجتمعات جنوب آسيا».

وأشار بيريز إلى أن حالات المضايقات الموجهة ضد المسلمين تمثل الآن أكبر فئات التمييز الديني في مجال التعليم. بالإضافة إلى ذلك، فقد كانت هناك زيادة نسبتها 163 في المائة في الشكاوى المقدمة من المسلمين في أماكن العمل إلى لجنة فرص التوظيف المتكافئة منذ هجمات 2001.

وقد غصت المقاعد الثمانون الخاصة بالجمهور على الفور، غير أن معظم المقاعد على المنصة كانت فارغة؛ فقد حضر الجلسة الأولى ستة فقط من إجمالي 11 عضوا من أعضاء اللجنة القضائية الفرعية المشرفة على الدستور والحقوق المدنية وحقوق الإنسان. وقد كان دوربين والسيناتور جون كيل (ممثل ولاية أريزونا) هما فقط من أكملا الجلسة.

وقد حدد النائب الجمهوري البارز، السيناتور ليندساي أوغراهام من ساوث كارولينا، أسلوب حديث الحزب الجمهوري في الجلسة، مشيرا في افتتاحيتها إلى أن هناك حاجة للدفاع عن حقوق المسلمين. بيد أنه سرعان ما حول موقفه من التفهم إلى التحدي. وقد توجه بحديثه إلى المسلمين الأميركيين قائلا: «سأقف إلى جانبكم في سعيكم لتأكيد حقكم في ممارسة شعائر دينكم»، غير أنه أضاف أنه يتعين عليهم «خوض غمار هذا الصراع» ضد التطرف بقوله: «أطلب منكم خوض غمار هذا الصراع كمجتمع لحماية شبابكم وبلدكم». بعدها، حول تركيزه إلى السياسات، متهما إدارة أوباما - من خلال بيريز - بالتجاوز في بعض القضايا التي تنظر فيها وزارة العدل والتي ترتبط بالمسلمين الأميركيين، والتي تضم القضية الأخيرة الخاصة بمعلمة الرياضيات في ولاية إلينوي والتي تقدمت باستقالتها بعد أن قوبل طلبها بالحصول على إجازة لمدة ثلاثة أسابيع للذهاب إلى مكة لأداء فريضة الحج بالرفض من قبل المنطقة التي تتبعها مدرستها.

وقد كانت محاولة بيريز إثبات أن إدارة بوش قد نظرت في قضية مماثلة أحد الموضوعات التي فجرت القليل من الضحكات في الجلسة.

وأشار غراهام قائلا: «لقد كانوا مخطئين بالمثل». وقال غراهام، راسما ابتسامة عريضة على وجهه وموجها نظره إلى طاولة الصحافة: «هل من الجيد الخروج عن نهج إدارة بوش؟ لقد بدأ كثير من الناس يفعلون هذا مؤخرا». وقد غادر بعدها بوقت قصير.

وعلى مدار الجلسة، كان كيل في تحد مع شهود دوربين، مشيرا في أحد المواضع إلى أنه يجب مناقشة موضوع التمييز ضد المسلمين، جنبا إلى جنب مع «الحقيقة الواضحة: وجود عدد هائل من المسلمين الأميركيين المتطرفين».

وقد بدا أن الجلسة قد تمحورت حول بعض أوجه الخلاف الأساسية التي أثيرت في المناقشات الحالية عن الإسلام: أهمية تعاون المسلمين مع الحكومة الأميركية في تفعيل قوانين مضادة لارتياب المسؤولين في بعض المسلمين الذين يشكون في تورطهم في أعمال إرهابية. وقد كانت هناك مخاوف بشأن التمييز ضد المسلمين مضادة لمخاوف من تعرض المسلمين للتمييز داخل مجتمعهم بسبب صراحتهم المبالغ فيها ضد التطرف. كما تم الحديث في الجلسة عما إذا كانت حالات التمييز ضد المسلمين قد زادت بشكل هائل عندما كانت غالبية شكاوى التمييز العنصري المقدمة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) تتعلق بالتمييز ضد اليهود.

وكان في الانتظار قبل انعقاد الجلسة ويلتون غادي، القس ورئيس ائتلاف الأديان والذي يقدم استشارات لإدارة أوباما. وقد أثنى على دوربين لتوجيهه الاهتمام إلى تصاعد الخطاب المضاد للمسلمين، غير أنه ذكر أن كلا من جلسة الثلاثاء والجلسة التي ترأسها كينغ «تعتبران جذابتين في شكلهما».

وذكر آر ألكسندر أكوستا، عميد كلية الطب بجامعة فلوريدا الدولية وخليفة بيريز تحت إدارة بوش، أن مناخ اليوم يشير إلى أن الجراح التي خلفتها هجمات 11 سبتمبر لم تندمل بعد. وأوضح للجنة قائلا: «لا تزال المشاعر متأججة والرغبة في توجيه اللوم قوية». وقال: «الفرصة سانحة الآن لتهدئة حالة الغضب المحتدم بالحكمة وأن نسترجع ذلك إذا أردنا أن نبقى متمسكين بنماذجنا الأميركية، نحن بحاجة إلى تأكيد أن جميع الأفراد داخل الدولة يتمتعون بحرية ممارسة معتقداتهم دون خوف من صور الهجوم المضاد».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»