التحالف الدولي يستأنف غاراته شرق طرابلس.. والثوار يفقدون راس لانوف

قوات القذافي تقصف مصراتة بالمدفعية.. وسقوط 18 قتيلا

اعمدة الدخان الكثيف تتصاعد من منطقة تاجوراء الضاحية الشرقية للعاصمة الليبية طرابلس اول من امس بعد تعرضها لغارات جوية (أ.ب)
TT

بينما استؤنفت الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بعد ظهر أمس شرق طرابلس، واجه الثوار الليبيون نكسة جديدة مع استعادة قوات القذافي السيطرة على مدينة راس لانوف النفطية مرغمة مقاتلي الثوار الذين انتابهم الذعر على التراجع شرقا، وتقدمها نحو بلدة البريقة.

واستعادت قوات القذافي صباح أمس السيطرة على راس لانوف (شرق)، وذلك بعد أيام من سيطرة الثوار عليها، وأرغمتهم على الفرار من هذا المصب النفطي الاستراتيجي، والعودة أدراجهم شرقا، كما أفاد مراسلون لوكالة الصحافة الفرنسية، من ميدان المعركة.

وسيطرت قوات القذافي مجددا على المدينة ظهر أمس فيما انتاب الذعر الثوار الذين كانوا يحاولون التراجع نحو مدينة البريقة التي ما زالوا يسيطرون عليها. وكانت راس لانوف سقطت في 27 مارس (آذار) الحالي، في أيدي الثوار الذين تمكنت قوات النظام من وقف تقدمهم في الأيام الماضية.

وتقع راس لانوف على بعد 370 كلم غرب بنغازي، معقل الثوار في شرق البلاد، وعلى بعد 210 كلم من أجدابيا، المدينة الاستراتيجية التي سقطت في 26 مارس الحالي في أيدي الثوار بدعم الغارات الدولية.

وقال المصدر نفسه إن مقاتلين من الثوار كانوا يفرون بالمئات عائدين نحو الشرق، وطلبوا من التحالف الدولي ضرب مواقع القذافي وهو ما لم يحصل خلال الليل. وقال أحد المقاتلين، ويدعى سلامة داديا لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن قلقون جدا، ونحن نتراجع»، فيما كانت مئات السيارات والحافلات تعبر بلدة على بعد 20 كلم شرق راس لانوف في اتجاه البريقة. وأضاف أن «قوات القذافي تطلق الصواريخ وقذائف الهاون».

وقال مقاتل آخر يدعى علي عطية الفيتوري: «نريد أن يقصف الفرنسيون جنود القذافي»، فيما تكثفت النيران بالأسلحة الثقيلة والخفيفة. إلى ذلك، سمع مراسل «رويترز» أمس دوي طائرات ثم انفجارات في اتجاه بلدة راس لانوف النفطية بعد أن قال المعارضون الليبيون إنهم يتقهقرون تحت وطأة القصف من جانب قوات القذافي.

وقال ألكسندر غاديش، مراسل «رويترز»: «سمعت صوت محركات طائرات ثلاث مرات، ثم سمعت سلسلة من الانفجارات. وقعت المزيد من الانفجارات الآن ولكن لم يتضح ما إذا كانت من الطائرات أو شكلا آخر من القصف». وكان غاديش يتحدث على الطريق المؤدي إلى راس لانوف حيث رأى عددا من الشاحنات الصغيرة التابعة للمعارضين تتقهقر من الخط الأمامي في وقت سابق أمس. وقال أحد المعارضين العائدين من راس لانوف ويدعى أحمد لـ«رويترز»: «الطائرات الفرنسية أتت وقصفت قوات القذافي».

وتراجع الثوار الليلة قبل الماضية عن بلدتي بن جواد والبريقة اللتين كانتا تحت سيطرتهم في وقت سابق.

وفي سياق ذلك، قصفت قوات القذافي أمس مجددا مصراتة (شرق طرابلس) بالمدفعية والصواريخ، وذلك غداة هجوم اسفر عن 18 قتيلا بحسب متحدث باسم الثوار وطبيب في مصراتة.

وأعلن المتحدث الذي رفض الكشف عن هويته أن «مصراتة تعرضت مجددا هذا الصباح (أمس) لهجمات قوات القذافي التي أطلقت عشوائيا قذائف دبابات وصواريخ على قطاعات عدة في المدينة».

وأشار طبيب في مستشفى المدينة اتصلت به وكالة الصحافة الفرنسية هاتفيا أن «18 شخصا قتلوا الثلاثاء» في هجوم قوات القذافي ضمنهم أربعة ينتمون إلى الأسرة نفسها.

وكان هذا الطبيب أكد الثلاثاء أن قوات القذافي قتلت 142 شخصا على الأقل وأصابت أكثر من 1400 بجروح بين 18 و28 مارس الحالي في هجومها على مصراتة، ثالث أكبر المدن في ليبيا والتي تبعد 210 كلم شرق العاصمة. ومن جهته، أعلن المتحدث باسم الثوار أن «النظام يكرر باستمرار أنه أوقف إطلاق النار على مصراتة، في الوقت الذي أصبحت فيه هجماته الدموية أمرا يوميا». وأضاف: «ندعو الأسرة الدولية إلى وقف المجزرة».

وتابع: «نحن ممتنون للتحالف وخصوصا لفرنسا لتدخلها في ليبيا. مهمتهم هي حماية المدنيين، فليساعدونا إذن». وقال إن الكنديين المكلفين مصراتة «لا يقومون بمهمتهم. فهم يترددون في قصف دبابات القذافي داخل المدينة خوفا من إصابة المدنيين». وأشار إلى أن «الوضع الإنساني في المدينة يتدهور يوما بعد يوم»، مضيفا أن ما لا يقل عن أربعة آلاف أجنبي ينتظرون أن يتم إجلاؤهم من مرفأ مصراتة.

وبموازاة ذلك، أعلن الحلف الأطلسي، من جهته، أنه بدأ بعد ظهر أمس قيادة عمليات القصف الجوية على ليبيا، متابعا مهمة التحالف الذي كان بقيادة الولايات المتحدة.

وشنت غارة جوية ضد قوات القذافي قبيل الساعة الثالثة بعد الظهر بتوقيت غرينتش، غرب أجدابيا، كما أفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية. وعلى بعد كيلومترات من المدينة.

وتصاعدت كرة عملاقة من اللهب عشرات الأمتار في السماء تلتها سحابة من الدخان الأسود. وعلى الفور هلل نحو مائة من الثوار ترحيبا بالغارة عند مدخل أجدابيا، كما روى شاهد عيان.

وقال متحدث باسم المعارضة المسلحة أمس إن قوات المعارضة تقاتل قوات القذافي في مدينة البريقة، وكرر دعوة القوى الغربية بدعم المعارضة بالسلاح والغارات الجوية.

وقال أحمد باني، وهو متحدث عسكري في بنغازي الخاضعة لسيطرة المعارضة إن قوات المعارضة انسحبت بعد أن حققت مكاسب ميدانية مؤخرا في مواجهة هجوم لجيش القذافي الأفضل تسليحا.

وأضاف باني: «القتال يدور الآن في البريقة وسوف تكون أجدابيا نقطة دفاع جديدة. نسعى للحصول على أسلحة تمكننا من تدمير الأسلحة الثقيلة التي يستخدمونها ضدنا مثل الدبابات والمدفعية».

وقال باني إن المدنيين يتعرضون للتهديد وإن الطائرات الغربية التي تنفذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين يجب أن تقصف قوات القذافي.

وفي وقت لاحق أمس، استعادت قوات القذافي السيطرة على البريقة، وذلك بعيد ساعات من سيطرتها على راس لانوف وإرغامها الثوار على التراجع شرقا، بعدما كانوا تقدموا غربا ووصلوا إلى مشارف سرت مسقط رأس القذافي، كما أفادت مصادر الثوار وكالة الصحافة الفرنسية.

وتعذر في الحال التأكد من صحة هذه المعلومة من مصدر آخر، إلا أن مراسلين للوكالة في أجدابيا، التي تبعد 80 كلم إلى الشرق من البريقة، أفادوا عن سماع دوي قصف مدفعي بعد ظهر الأربعاء.

وإذا ما تأكد سقوط البريقة بأيدي قوات القذافي، بعيد ساعات من استعادتهم السيطرة على راس لانوف، المصب النفطي الاستراتيجي، فإن هذا الأمر يثبت أن قوات القذافي تتقدم بسرعة كبيرة نحو شرق البلاد حيث معقل المتمردين.

ومن جهتها، قالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان في تقرير لها أمس إن قوات القذافي زرعت ألغاما أرضية خلال الصراع الجاري مع الثوار في البلاد، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الألمانية.

وجاء في التقرير إنه تم العثور على ألغام مضادة للأفراد وأخرى مضادة للمركبات على مشارف مدينة أجدابيا (شرق ليبيا)، التي سيطرت عليها قوات القذافي لعشرة أيام قبل أن يستعيد الثوار السيطرة عليها الأسبوع الماضي. وجرى اكتشاف الألغام بعدما مرت شاحنة عليها وفجرت اثنين من الألغام المضادة للأفراد التي وضعت تحت أبراج طاقة خارج أجدابيا الاثنين. ولم يصب أي شخص في الانفجار.

وأشار التقرير إلى أن فرق دفاع مدني قامت في وقت لاحق بتفجير العشرات من الألغام في المنطقة.

وقال بيتر بوكارت، مدير الطوارئ في «هيومان رايتس ووتش»: «يجب على ليبيا التوقف فورا عن استخدام الألغام المضادة للأفراد، التي تعتبر من أكثر الألغام المحظورة في العالم منذ سنوات».

يشار إلى أن ليبيا ليست موقعة على معاهدة حظر الألغام عام 1997.

وقال التقرير إن الثوار في مدينة بنغازي شرق ليبيا تعهدوا بعدم استخدام الألغام الأرضية.

إلى ذلك، طردت الحكومة الليبية مراسلا لوكالة «رويترز» أمس. ولم تذكر الحكومة سبب قرارها طرد مايكل جورجي، الموجود في طرابلس منذ 28 فبراير (شباط) الماضي ضمن مجموعة صغيرة من الصحافيين الأجانب الذين سمح لهم بالدخول وتغطية الأحداث تحت قيود حكومية.

وأبلغ جورجي، وهو أميركي، ومقره حاليا في باكستان، في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية، بأن عليه مغادرة ليبيا. ووصل جورجي إلى تونس أمس.

وقال ستيفن أدلر رئيس تحرير «رويترز» العالمية: «نأسف لقرار السلطات الليبية طرد مراسلنا ونأسف لعدم تقديم أي سبب لطرده. نحن ملتزمون بمواصلة تغطيتنا الدقيقة والحيادية للأحداث في ليبيا».