«مليونية إنقاذ الثورة» تستعيد روح «جمعة الغضب»

تخرج من مسجد الاستقامة وكنائس شبرا صوب ميدان التحرير

طالبات في كلية الفنون بجامعة حلوان في القاهرة يرسمن على حيطان الكلية جداريات تعكس شعارات ثورة 25 يناير (أ.ب)
TT

في ما بدا أنه محاولة لاستعادة «الشرعية الثورية»، دعا شباب ائتلاف ثورة 25 يناير لمليونية جديدة اليوم، تحت شعار «جمعة الإنقاذ»، ليتواصل الصراع الهادئ بين شباب الثورة والقوى السياسية في مصر من جهة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب تخلي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن السلطة تحت الضغط الشعبي الجارف، من جهة أخرى.

وحاول المجلس العسكري استباق «مليونية الإنقاذ» بالاستجابة لعدد من مطالب الشباب، على رأسها التغييرات في قيادات المؤسسات الصحافية القومية، وإقصاء زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، عن موقعه، وإقرار الإعلان الدستوري الذي سيحكم البلاد خلال المرحلة الانتقالية المقبلة.

لكن الإعلان الدستوري، الذي أعلنه الجيش، أول من أمس، جاء ليخيب آمال القوى السياسية وشباب ائتلاف الثورة، وتساءل معارضون كيف يمكن إقرار إعلان دستوري، في ظل موافقة الشعب في استفتاء عام على التعديلات الدستورية؟ قائلين إن «الاستفتاء يعني عودة دستور 1971 إلى الحياة».

وفي تغير نوعي لطبيعة تحركهم منذ سقوط نظام مبارك، دعا شباب ائتلاف الثورة إلى مسيرات تخرج من مساجد وكنائس القاهرة باتجاه ميدان التحرير في وسط العاصمة، وهو ما يعيد إلى الأذهان يوم «جمعة الغضب» 28 يناير (كانون ثاني) الذي شهد المواجهات العنيفة بين الثوار وقوى الأمن المركزي التي انتهت بانهيار جهاز الشرطة، واستدعاء الجيش للسيطرة على الأوضاع، واحتلال الشباب لميدان التحرير، الذي أصبح قبلة الثورة المصرية.

وتبدأ المسيرات اليوم، التي يفترض أن يشارك فيها عدد من رموز الوطنية، من مسجد الاستقامة، وهو ذات المسجد الذي صلى به الدكتور محمد البرادعي، الذي أعلن اعتزامه خوض انتخابات الرئاسة المصرية، يوم 28 يناير (كانون الثاني)، والذي يفضل أن يلقب بالأب الروحي للثورة.

وقالت سالي توما، عضو القيادة الموحدة لشباب ائتلاف ثورة 25 يناير، لـ«الشرق الأوسط»، إن المظاهرات «ستخرج من كنائس بحي بشبرا، وعدد من المساجد، لكن المسيرة الرئيسية ستتحرك من مسجد الاستقامة بميدان الجيزة». وأضافت أن «المهمة الرئيسية هي أن يصل صوتنا إلى الطبقات الشعبية التي تعطي الأولوية للاستقرار، وربما على حساب المطالب الأساسية للثورة، وعلى رأسها التخلص من رموز النظام، التي ما زالت تحاول الالتفاف على الثورة».

وقالت مصادر داخل ائتلاف الشباب إن شباب جماعة الإخوان المسلمين سيشاركون في مليونية الإنقاذ، لافتة إلى أن شباب الجماعة اتخذوا موقفهم على الرغم من رفض أعضاء بمكتب الإرشاد المشاركة في المسيرة.

وأكد ائتلاف شباب الثورة أن المليونية الجديدة حدث طبيعي، بعد القرارات الصادمة للحكومة المصرية التي تدعي أنها تستمد شرعيتها من الثورة، وتبنيها الكثير من الممارسات التي تتنافى مع طموحات الشعب في الحرية والعدالة الاجتماعية، قائلين إن هذه الممارسات «أعادتنا إلى زمن القمع والاستبداد»، في إشارة لقانون تجريم المظاهرات والاعتصامات.

وكانت حكومة تسيير الأعمال، برئاسة الدكتور عصام شرف، رفعت للمجلس العسكري مشروع قانون يجرم المظاهرات والاعتصامات، وقالت الحكومة إنها تستهدف وقف المظاهرات الفئوية التي تعرقل الإنتاج وتفاقم من الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وقال الائتلاف في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إنه «في الوقت الذي يتم فيه إصدار أحكام على البعض خلال 24 ساعة تصل إلى 10 سنوات أو أكثر، بذريعة البلطجة، نجد أن المجرمين الحقيقيين الذي نهبوا ثروات الشعب، ومارسوا ضده جميع أنماط القمع من اعتقال وتعذيب وقتل، يخضعون للقضاء العادي، وببطء شديد».

وأعلن الائتلاف رفضه الإعلان الدستوري الذي صدر أول من أمس، بعد إغفاله الكثير من الملاحظات، وهي عدم المساس بالصلاحيات الهائلة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية، بل زيادتها، وعدم إلغاء نسبة الـ50 في المائة للعمال والفلاحين، وعدم إلغاء «كوته» المرأة ومجلس الشورى، بالإضافة إلى أن الإعلان الدستوري لم يتضمن المطالب التي نرى أنه يجب تنفيذها على وجه السرعة. وأشار الائتلاف في بيانه إلى أن «الشعب الذي قدم الآلاف من أبنائه في الثورة لم يكن يهدف إلى مجرد الإطاحة بالديكتاتور وحفنة من رموز النظام، بل كان يريد تطهير البلاد من الفساد والظلم والاستبداد، وحماية ثروات الشعب وحقه في حياة إنسانية كريمة، ولذلك لا يمكن التهاون مع مساعي النظام السابق إجهاض الطموحات المشروعة للشعب».

من جانبه، أكد الدكتور عبد الجليل مصطفى، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، أن مسيرات اليوم من أجل إنقاذ الثورة وعدم إجهاضها ومتابعة تنفيذ الأهداف التي قامت من أجلها الثورة ولم تتحقق بعد، على الرغم من عدالتها ومرور فترة كافية دون استجابة لها.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المظاهرة ضد التباطؤ في القصاص من قتلة الثوار، وللمطالبة باسترداد أموال الشعب التي تم نهبها في عهد النظام السابق، ومحاكمة اللصوص الذين نهبوا ثروات البلاد وقتلة شهداء الثورة، وتطهير الإعلام من القيادات الفاسدة، ووضع جدول زمني للتجاوب مع المطالب الفئوية العادلة».