مصر وإيران تتبادلان رسائل الود الدبلوماسي.. مقابل ترقب واستياء إسرائيلي

صحف تل أبيب تبدي قلقها من عودة العلاقات.. واعتبرت نبيل العربي معاديا لها

TT

في الوقت الذي رحبت فيه طهران بعرض وزير الخارجية المصري نبيل العربي لتعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين، مؤكدة أنها على استعداد لاستئناف العلاقات مع القاهرة.. أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية استياءها وقلقها تجاه هذا التقارب الوشيك.

ونقلت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية أول من أمس عن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، قوله: «إننا نأمل في أن نشهد في ظل الظروف الجديدة مزيدا من تعزيز العلاقات بين البلدين الكبيرين».

وكان العربي قد صرح الثلاثاء الماضي في مؤتمر صحافي بأن «إيران دولة من دول الجوار، ولنا معها علاقات تاريخية طويلة وممتدة في مختلف العصور. والحكومة المصرية لا تعتبرها دولة معادية أو عدوا، ونفتح صفحة جديدة مع كل الدول بما فيها إيران». وحول ما إذا كان سيتم رفع التمثيل على مستوى سفارة في إيران بدلا من مكتب رعاية مصالح، قال إن «هذا الأمر يتوقف على الطرفين، ومن جانبنا نعرض فتح صفحة جديدة وسنرى رد فعلهم».

وهو ما قابلته وسائل الإعلام الإسرائيلية بهجوم حاد على العربي لمواقفه السياسية المعلنة مؤخرا تجاه كل من طهران وحزب الله وقطاع غزة. وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس (الخميس)، أن تأييد العربي لفتح صفحة جديدة مع إيران وكذا تأييده كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، سيجعل تل أبيب تعتبره معاديا لإسرائيل.

ولا تتبادل مصر وإيران التمثيل الدبلوماسي، ولكنهما يحتفظان بمكتب رعاية مصالح منذ عام 1991. وشهد العقد الماضي محاولات بين الجانبين للتقارب، لعل أبرزها تأييد مصر عام 1999 انضمام إيران إلى عضوية مجموعة الـ15.

ووصلت العلاقة بين البلدين عام 2003 إلى مرحلة متقدمة، حيث التقى الرئيسان السابقان محمد خاتمي وحسني مبارك في سويسرا على هامش مؤتمر قمة المعلوماتية.. ثم خطت طهران خطوة من أجل التقارب عبر إزالة اسم خالد الإسلامبولي (قاتل السادات) عن أحد شوارعها الرئيسية.

ولكن العلاقة بين البلدين عادت إلى المربع رقم واحد في 2008، حين أنتجت جهة إعلامية إيرانية فيلما وثائقيا باسم «إعدام فرعون» يتناول حادثة اغتيال محمد أنور السادات رئيس مصر الأسبق ووصفته بالخائن وقتلته بالشهداء. وهو ما أثر سلبا في العلاقات المصرية - الإيرانية، وأدى إلى تطاير الاتهامات بين إعلام البلدين. ويرى الدكتور مصطفى الفقي، الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى (الغرفة الثانية بالبرلمان المصري)، أن عودة العلاقات بين مصر وإيران تتوقف على السلوك المتبادل بينهما ونظرتهما لمصلحتهما المشتركة. ويرى الفقي أن عودة العلاقات بين الطرفين ستزعج إسرائيل التي لا تريد أي تضامن عربي أو إسلامي على مقربة منها.

ويعتقد السفير أحمد الغمراوي، رئيس جمعية الصداقة المصرية - الإيرانية، أن مصلحة البلدين في إعادة رسم العلاقات بما يناسب مصلحة الشعبين، مؤكدا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «مرحلة عدم التمثيل الدبلوماسي طالت عن الحد الطبيعي»، لافتا إلى أن «خاتمي كان يتمنى أن تعود العلاقات بين البلدين».

ويرى الغمراوي أن من مصلحة الولايات المتحدة أن تعود العلاقات المصرية - الإيرانية، لأن مصر يمكن بما لها من ثقل إقليمي التفكير في أن تلعب دور الوسيط بين الغرب وإيران، قائلا «مصر لعبت دور الوسيط من قبل كثيرا، في أزمات أفريقية وفي أزمات عالمية عدة.. وآن الأوان أن تعود إلى مكانتها الطبيعية». وأوضح الغمراوي أن عودة العلاقات المصرية - الإيرانية ستزعج إسرائيل كثيرا، وخاصة أنها تعمل دائما على إيقاع الخلاف بين العرب عامة وإيران.. قائلا إن «المشروع الصهيوني يريد تفكيك المنطقة من أي تحالفات».

وبينما ترى الدكتورة نيفين مسعد، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن العلاقات الدبلوماسية سيتم استئنافها، ولكن العلاقات الثنائية المرتقبة لن تكون حميمة، مشيرة في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «إيران لديها مشروع قومي توسعي، وهو ما يتعارض مع توجهات مصر الإقليمية». وأضافت أن واشنطن لن ترحب بعودة العلاقات بين القاهرة وطهران، ولكنها لا تملك أدوات معارضتها.

ولكن مسعد لا ترى أن ذلك سيؤثر على العلاقات المصرية - الإسرائيلية، لأنها ترى أن إسرائيل لن تتمتع مجددا بوضع متميز في علاقتها مع مصر، قائلة «الساسة في إسرائيل يدركون جيدا أن مصر ما بعد الثورة تختلف عن مصر مبارك، وأن العلاقات الثنائية ستكون عادية وفاترة».