المالكي يحمل «الإرهابيين» مسؤولية مقتل 66 ألف عراقي منذ عام 2003

وزيرة حقوق الإنسان السابقة لـ«الشرق الأوسط»: 30 ألف قتيل ما زالوا خارج الإحصائيات الرسمية

TT

أقر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بمقتل 66 ألفا و200 مواطن عراقي منذ عام 2003 وحتى الآن طبقا لآخر الإحصائيات الرسمية، محملا من سماهم «الإرهابيين» مسؤولية الخراب والتأخير والنقص في تقديم الخدمات طوال الفترة المذكورة وهي كل الفترة التي تسلمت فيها المعارضة العراقية مقاليد السلطة في البلاد بعد الاحتلال الأميركي.

واعتبر المالكي خلال لقائه وفدا من شيوخ وعشائر قضاء تلعفر بمحافظة نينوى شمالي العراق أن «المشكلة السياسية والأمنية في العراق» هي التي «أخرت العراق بأن يكون أفضل دول المنطقة». وتساءل المالكي ردا على الإحصائيات الرسمية التي قدمت له قائلا «كم تركوا لنا الإرهابيين من أيتام وأرامل وكم خربوا في البلد وعطلونا وأخروا التنمية والإعمار والخدمات لنتطور ونكون أفضل دول المنطقة». ومضى في تحديد أسباب المشكلات التي عانى منها العراق خلال السنوات الماضية، معتبرا أن مشاكل العراق انتقلت من «سياسية» إلى «أمنية» ومن ثم ركبت «موجة الطائفية وركب عليها الطائفيون ودخلت عليها المنظمات فحولتها إلى عقدة أمنية بامتياز ومعقدة إلى درجة أصبح فيها الحل صعبا». وأرجع المالكي الأسباب الحقيقية لجذور العنف في العراق إلى المشاكل السياسية بين الفرقاء السياسيين، مشيرا إلى أن «اختلاف الأحزاب والأفراد ينبغي أن لا يتحول إلى التخندق والاستعانة بإرهابيين للتقوّي بهم على الآخرين».

وفيما تضاربت على مدى السنوات الماضية الأرقام الحقيقية لأعداد الضحايا من المواطنين العراقيين من مدنيين وعسكريين بين ما تعلنه العديد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وبين الإحصائيات الرسمية للجهات الحكومية العراقية، فإن تصريحات المالكي وطبقا لما أخبرت به وزيرة حقوق الإنسان العراقي السابقة وجدان ميخائيل «الشرق الأوسط» اعتمدت «على الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة العراقية والتي تزود بها بدورها وزارة حقوق الإنسان» مشيرة إلى أن «ما ورد من أرقام على لسان رئيس الوزراء (نوري المالكي) هي الأرقام المعلنة والمتاحة للجميع سواء في موقع وزارة حقوق الإنسان أو وزارة الصحة وهذه الأرقام لا تشمل كل من ذهب ضحايا الإرهاب أو القتل على الهوية أو غيرها من الممارسات بل تشمل من تم الإبلاغ عنهم فقط». وأضافت أنه «في الوقت الذي أؤكد فيه هذه الأرقام بالفعل إلا أن هناك نحو 30 ألف مواطن عراقي ما زالوا مجهولي الهوية منذ سنين وهي أعداد رسمية إلا أنها لم تدرج في الإحصائيات لأنهم لم يدرجوا بوصفهم قتلى معروفي الهوية بالفعل». وكشفت عن مشكلة كبيرة في هذا السياق، تتمثل حسب قولها في كون «الإحصائيات التي كانت تقدمها وزارة الصحة ولسنوات عديدة ماضية لم تكن دقيقة بسبب سوء الأوضاع الأمنية وتضارب المعلومات بين المحافظات فضلا عن وجود أعداد كبيرة من الضحايا لم يبلغ عنهم أصلا» فهناك، إذن، طبقا لكلام الوزيرة «تباين في الأرقام والاجتهادات والتي لم تنتظم إلا في غضون السنتين الأخيرتين حيث بدأت الصحة تعطي أرقاما سليمة ودائرة الطب العدلي بدأت هي الأخرى تعطي إحصائيات سليمة تماما».

وردا على اعتبار منظمة «هيومان رايتس ووتش»، التي تعنى بحقوق الإنسان، أمس، قيام الحكومة العراقية بغلق معتقل «الشرف» في بغداد «غير كاف»، داعية إلى مقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات التي تحدث في السجون العراقية، قالت وزيرة حقوق الإنسان السابقة إنه «من الناحية الواقعية فإن الغلق فعلا لا يكفي طبقا لما ورد في تقرير المنظمة وإن كان يشكل خطوة إيجابية لأن القضية لا تكمن في الغلق فقط بل كيفية إدارة السجون والسجناء، حيث إننا في العراق نعاني مشكلة اكتظاظ السجون بأعداد كبيرة من السجناء وهو ما يجعل العديد منها مخالفة للمعايير الدولية ولحقوق الإنسان». وأضافت أن سجن الشرف «من بين السجون التي كنا قد طالبنا بغلقها من زمن لأنه من الصعب الوصول إليه فضلا عن عدم خضوعه لوزارة العدل وبالتالي يعتبر خارج القوانين العراقية وهو أمر غير صحيح من الناحية القانونية والإنسانية لأنه لا يمكنك أن تطمئن لسجن يدار من قبل جهات غير عدلية مثل وزارة الدفاع أو جهات أخرى ولذلك فإن غلقه خطوة بالاتجاه الصحيح».

وطالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» السلطات العراقية «بتشكيل هيئة مستقلة لديها صلاحيات للتحقيق بأعمال التعذيب في معسكر الشرف وغيره من المعتقلات التي تديرها» الأجهزة الأمنية المرتبطة بمكتب المالكي. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، شددت المنظمة على ضرورة أن «تتخذ هيئة التحقيق إجراءات تأديبية أو مقاضاة جنائية بحق جميع المتورطين مهما كانت رتبهم في الاعتداء» على المعتقلين. يذكر أن وزير العدل حسن الشمري أعلن منتصف الشهر الماضي بإغلاق معتقل الشرف نظرا «لعدم مطابقته معايير حقوق الإنسان».

وكانت «هيومان رايتس ووتش» أشارت مطلع فبراير (شباط) الماضي إلى وجود معتقل «سري» في بغداد خاضع لإدارة المكتب العسكري التابع للمالكي، منددة في الوقت ذاته بـ«عدم احترام الحكومة» لوعودها بإرساء حكم القانون. واتهمت «قوات النخبة الخاضعة لإدارة المكتب العسكري لرئيس الوزراء بتولي إدارة مركز اعتقال سري في بغداد (...) وتعذيب المعتقلين دون حسيب أو رقيب».

على صعيد آخر ذي صلة، أعلن ناشطون عراقيون أنهم سينظمون اليوم تظاهرات في أنحاء البلاد تحت شعار «جمعة المعتقل البريء» للمطالبة بإطلاق سراح آلاف المعتقلين الأبرياء الذين مضى على اعتقالهم سنوات عدة.