أبيدجان: المعارك تحتدم حول القصر.. وتحذير دولي للطرفين بـ«الجنائية»

وتارا يستولي على التلفزيون الرسمي.. وغموض حول مكان غباغبو

الدخان يتصاعد إثر القصف في أبيدجان أمس (إ.ب.أ)
TT

احتدمت في أبيدجان أمس المعركة بين قوات النخبة التابعة لرئيس ساحل العاج المنتهية ولايته لوران غباغبو وقوات خصمه الحسن وتارا حول مقر إقامته والقصر الرئاسي.

ففي حي بلاتو قرب القصر الإداري، ترددت أصداء إطلاق النيران والقصف بالأسلحة الثقيلة، فيما خلت الشوارع من المارة ولزم السكان منازلهم. وحسب مصادر عسكرية مقربة من معسكر غباغبو، فإن قوات وتارا هاجمت أمس القصر الرئاسي، إلا أن قوات الحرس الجمهوري ردت عليهم، حسبما أفادت به وكالة «رويترز». وكان سكان قالوا في وقت سابق إن القصف لم يتوقف طوال الليلة قبل الماضية، و«رجال غباغبو يقاومون في كل مواقعهم». وأضاف أحد السكان: «نسمع دوي قصف مدفعي عنيف وقاذفات صواريخ من نوع (آر بي جي) ورشاشات ثقيلة».

وكانت القوات الجمهورية التابعة لوتارا، التي كانت تسيطر على شمال البلاد منذ 2002، قد بدأت هجوما واسع النطاق منذ الاثنين الماضي على الجنوب، لإنهاء الأزمة الناجمة عن الانتخابات الرئاسية في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي التي أوقعت بحسب الأمم المتحدة 500 قتيل معظمهم من المدنيين. وسرعان ما امتدت المعارك، إذ لم تواجه مقاومة سوى في منطقة الغرب التي يتحدر منها غباغبو، وقد استولى أنصار وتارا خصوصا على العاصمة السياسية ياموسوكرو (وسط)، وسان بيدرو (جنوب غربي) أكبر مرفأ لتصدير الكاكاو في العالم.

وطلب الاتحاد الأفريقي أمس من غباغبو «التخلي فورا عن السلطة» لخصمه، فيما استبعد توسان آلان مندوب غباغبو في باريس «تنحي أو استسلام» غباغبو.

وفي اليوم الخامس من الهجوم، بدأ الجميع يتساءل عما سيفعله غباغبو وإن كان لا يزال في مقر إقامته. لكن الرئيس المنتهية ولايته والذي يحكم البلاد منذ عام 2000، لم يدل بأي تصريح علني منذ أسابيع ولم يلق بعد خطابه إلى الأمة الذي أعلن عنه مرارا حتى الآن. وأعلنت القوات الموالية لوتارا أنها استولت في بداية المعارك على التلفزيون الرسمي «آر تي آي»، رمز النظام، فحرمته بذلك من وسيلة إعلامية أساسية.

وتكثفت التساؤلات أمس حول امتثال غباغبو لدعوات الأسرة الدولية ومعسكر وتارا أو الاستقالة لتجنيب أبيدجان حمام دم، أو اللجوء إلى سفارة أجنبية، كما رددت بعض الشائعات. وكان رئيس أركان جيوشه الجنرال فيليب مانغو قد انشق مساء الأربعاء ولجأ إلى سفارة جنوب أفريقيا في أبيدجان.

في هذه الأثناء، أعلن توسان آلان مندوب غباغبو، لوكالة الصحافة الفرنسية في باريس، أن غباغبو «لا ينوي التنحي أو الاستسلام لأي متمرد»، منددا بـ«انقلاب» ينفذه على حد قوله خصمه الحسن وتارا. وأكد توسان آلان أن غباغبو «لا ينوي التنحي أو الاستسلام لأي متمرد وهو يواجه انقلابا بعد الانتخابات يقوده الحسن وتارا الذي يدعمه تحالف دولي». وردا على سؤال عن مكان وجود غباغبو، قال آلان: «إنه في ساحل العاج لكن لا أريد أن أقول لكم بالضبط أين هو»، مؤكدا أنه يجري اتصالات منتظمة بغباغبو والمحيطين.

وكان غيوم سورو رئيس وزراء وتارا، قال مساء أول من أمس: «يجب أن يستسلم لوران غباغبو لتجنب حصول حمام دم. نأمل بأن يستسلم، وإلا فسنلاحقه في أي مكان. وإذا ما استقال، فحسنا يفعل، وإلا فسيحال إلى القضاء الدولي». وأكد عدد كبير من المنظمات الدولية أنه قد يلاحق مع المقربين منه بتهمة ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» و«جرائم حرب» بسبب التجاوزات التي ارتكبتها قواته بحق المدنيين. بدورها، أكدت الخارجية السويدية أمس أن موظفة سويدية في الأمم المتحدة قتلت في أبيدجان برصاصة طائشة على الأرجح. وأوضحت الوزارة أن السويدية وهي في الثلاثين من العمر، كانت في منزلها عندما قتلت أول من أمس.

وفي جنيف، طالب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس وتارا بمنع قواته من استهداف المدنيين، مشيرا إلى ما قال إنه تقارير غير مؤكدة عن أن قواته خطفت مدنيين وأساءت معاملتهم. وأشار أيضا إلى تقارير متفرقة أفادت بأن القوات الموالية لغباغبو قتلت مدنيين. وذكر المكتب الطرفين بأنهما قد يمثلان أمام المحكمة الجنائية الدولية. وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في مؤتمر صحافي بجنيف: «لدينا تقارير غير مؤكدة عن انتهاكات خطيرة جدا ارتكبتها قوات جمهورية ساحل العاج وهي القوات الموالية لوتارا، خصوصا في منطقتي جيجلو ودالوا غرب البلاد». ولدى سؤاله عن التفاصيل قال كولفيل: «أعمال نهب وابتزاز، ولكن هناك أيضا أمور أكثر خطورة مثل الخطف والاعتقال التعسفي وإساءة معاملة المدنيين، وربما أفعال أخرى كذلك».